الرباط _ المغرب الرياضي
يرسم الدولي المغربي يوسف النصيري، مهاجم نادي إشبيلية الإسباني لكرة القدم، أفضل لوحات الإبداع الكروي داخل أروقة الدوري الاسباني خلال الموسم الكروي الحالي، بقدم يمنى نادرا ما تضل طريق الشباك، ويسرى تبرع في إنهاء الهجمات، وبروح عالية تصر على الاجتهاد، نصب نفسه هدافا جديدا للفريق الأندلسي، وسفيرا للكرة المغربية والعربية في الملاعب الأوروبية. الفتى الواعد أخرس أفواه من شككوا في إمكانياته الهجومية قبل سنوات، واضطر منتقديه اليوم للاعتذار عن وصفه يوما بأنه لا يصلح لقيادة الخطوط الأمامية للأندية التي لعب لها، بعد أن بات اسمه ضمن تشكيلة أبرز الهدافين في “الليغا” إلى جانب الكبار، أمثال ليونيل ميسي ولويس سواريز وكريم بنزيما وآخرين. رأى النصيري النور في الفاتح من يونيو سنة 1997، وشق طريقه
نحو العالمية الذي كان مليئا بالعقبات والصعاب، غير أن همته لتحقيق حلمه قادته إلى تجاوز كل ذلك بثقة كبيرة؛ التقط “فيروس” الكرة بين أحياء العاصمة العلمية، وأعراض النجاح كانت بادية عليه في سن صغيرة، ليلج بذلك فئات شبان فريق القلب، المغرب الفاسي، في الثالثة عشرة من عمره، قبل أن ترصده أعين التقنيين داخل أكاديمية محمد السادس عاما بعد ذلك، وتضمه إلى المركز ليتشرب تفاصيل اللعبة، وفق نهج “دراسة ورياضة”، رفقة “مواليد 97” إلى جانب حمزة منديل وآخرين، تحت إشراف المدير التقني السابق ناصر لارغيت. لارغيت، مؤطر المواهب الحالي داخل مارسيليا والمدرب المؤقت لفريق الجنوب الفرنسي عقب الانفصال عن البرتغالي أندريه فيلاش بواش، كان من بين مكتشفي موهبة النصيري، إذ أطره طيلة 4 سنوات داخل الأكاديمية أثبت
خلالها اللاعب جدارته بمقعده داخل المركز، وجعل من نفسه منتجا جديرا باهتمام أكاديمية نادي ملقا الإسباني التي استقدمته في 2015، ومنها إلى ديبورتيفو ليغانيس، ثم الأندلسي إشبيلية. المدير التقني السابق لجامعة كرة القدم المغربية والمدير السابق لأكاديمية محمد السادس، ناصر لارغيت، يستحضر من خلال هذا الحوار مع “هسبورت” بدايات يوسف داخل الأكاديمية، والإشارات الأولى لهذا الفتى وهو يشق طريقه بثبات نحو “النجومية”. كيف تابعت تألق النصيري بقميص إشبيلية؟. وأنا أتابع التألق الكبير للمهاجم الفذ يوسف النصيري بقميص الفريق الأندلسي، كنت سعيدا للغاية على غرار جميع المغاربة بنجاح لاعب يثق في إمكانياته بشكل كبير، وعرف كيف يستفيد من كل مراحله الكروية، خاصة وأنا أعرف جيدا الفكر الرزين والهدوء والتركيز الكبير الذي
يتمتع به هذا الفتى. ذكرنا بمراحل اكتشاف اللاعب.. شاهدت النصيري لأول مرة وهو في الـ12 من عمره، خلال الألعاب المدرسية التي أقيمت بفاس، في مباراة أمام الفريق المكناسي، ولاحظت أنه يتميز على رفاقه بالعديد من التقنيات والمؤهلات المهمة، تجلى ذلك في مهارته وسرعته الكبيرة، كما أنه يمتلك قدما يسرى جيدة، وكان يتمتع ببنية جيدة تساعده على التفوق في الثنائيات، لأستعين بعد ذلك بمنقب يدعى طارق، اشتغل بـ”الماص” و”الواف”، ليتابعه، قبل أن يحضره لإجراء الاختبارات في أكاديمية محمد السادس. هل اقتنعت بالنصيري خلال أول اختبار بالأكاديمية؟. صحيح. عندما حضر اللاعب إلى الأكاديمية قدم أوراق اعتماده بشكل جيد، ما دفعنا إلى إلحاقه بالفريق بشكل مباشر، وأنا اقتنعت به كلاعب من أول نظرة، وكنت موقنا بأنه سيذهب بعيدا في عالم
كرة القدم؛ غير أنني لم أتخيل أنه سيُحقق كل ذلك بهذه الكيفية المميزة، رغم أنني تابعت العديد من اللاعبين البارزين في بداياتهم على غرار لاسانا ديارا وباتريك فييرا وغيرهم. حدثنا عن تفاصيل النصيري داخل الأكاديمية.. يوسف إنسان يعرف ما يريد، ويشتغل بتركيز كبير؛ وكان ذلك واضحا منذ التحاقه بالأكاديمية، وهي عوامل تساعده على التأقلم.. كما أننا لم نجد مشكلا مع والديه، اللذين عبرا عن سعادتهما آنذاك بانضمام ابنهما إلينا، لاسيما أن اللاعبين الذين كانوا يعيشون داخل الأكاديمية يتوفر لهم برنامج دراسة ورياضة مع المتابعة الطبية، وهي ظروف استغلها اللاعب بشكل كبير لتطوير مستواه. ومن يعرف النصيري يعي ما أقول، لأنه لاعب محترف منذ صغره، هادئ لا يتحدث كثيرا، يُركز مع مدربيه، ويوما بعد آخر يشتغل لتطوير مستواه، وهذا ما
جعلني على يقين بأنه سيُعانق التألق يوما ما. ما تعليقك على الانتقادات الكثيرة في بدايات النصيري؟. بالنسبة للانتقادات التي طالت النصيري قبل سنوات أراها عادية، بحكم أن من انتقدوا اللاعب ليست لهم الخبرة الكافية في مجال التكوين، لأننا وللأسف تخلينا في المغرب عن التكوين الأكاديمي على أعلى مستوى، إذ كانت الأندية في الماضي تهتم به إلى جانب التنقيب، لكننا افتقدنا كل هذا خلال السنوات الماضية. كيف جاء الاعتماد على النصيري في المنتخب الأول؟. بعدما تألق اللاعب ومعانقته الاحتراف، تم عرضه على مدرب المنتخب الوطني المغربي السابق هيرفي رونار، فتابعه وكان من بين الأشخاص الذين وضعوا ثقتهم فيه، إذ منحه الفرصة وآمن به، وهي الثقة التي عض عليها النصيري بالنواجذ، وجعلها نقطة انطلاقة نحو المجد. ما هي رسالتك
للنصيري اليوم بعد تألقه في “الليغا”؟. بصدق وحب كبيرين، أقول له واصل يا يوسف، فأنت قادر على تحقيق المزيد من الإنجازات، كما عهدناك لاعبا محترفا ومجتهدا، وثق في إمكاناتك كثيرا، فأنا لدي إيمان كبير بأنك قادر على التألق أكثر. كما أتمنى أن يبتعد عن أي شخص قد يُعرقل مشواره الرياضي، وأنا على يقين بأنه يعرف ما يفعل داخل وخارج “المستطيل الأخضر”، لهذا نكن له كل الود والاحترام ونتمنى له الخير الوافر. أخيرا، هل ترى أن بإمكان الأكاديمية تقديم لاعبين آخرين على غرار النصيري؟.المغرب يزخر بالعديد من المواهب الكروية، كما أن أكاديمية محمد السادس تُوفر ظروف التكوين باحترافية كبيرة؛ يجب فقط الوثوق في المدربين والاشتغال على عناصر جيدة، وهناك العديد من الشباب الذين يتمتعون بإمكانيات كبيرة داخل الأكاديمية وفق ما اشتغلنا عليه منذ سنوات.
قد يهمك ايضا
يوسف النصيري يسجل من جديد ويرفع رصيده إلى 15 هدفا في "الليغا"
يوسف النصيري يتقاسم المركز الثالث لهدافي "الليغا" مع بنزيما ومورينو بـ 15 هدفا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر