لندن - المغرب الرياضي
أقرّ إيدي هاو مدرب نيوكاسل يونايتد مؤخراً أن مكانة الفريق الجديدة بوصفه منافساً شرساً في الدوري الإنجليزي الممتاز، ستصعّب من قدرته على التعاقد مع لاعبين من منافسيهم المباشرين في المستقبل. لعل وصول نيوكاسل إلى هذه المكانة تحت قيادة هاو، يعود إلى أسباب معينة نسردها على النحو التالي:شعر المدير الفني الإنجليزي إيدي هاو ببعض الخجل عندما قيل له إنه يتحول إلى «دييغو سيميوني الجديد»! فخلال الفترة التي ابتعد فيها هاو عن التدريب بعد رحيله عن بورنموث، قضى فترة معايشة مع المدير الفني الأرجنتيني لنادي أتليتكو مدريد، دييغو سيميوني، وعاد بعد ذلك بأفكار جديدة، وتخلى تماماً عن أفكاره التقليدية السابقة. ولكي ندرك ذلك يجب أن نشير إلى أن قائد نيوكاسل، جمال لاسيليس، ورغم أنه قضى معظم فترات هذا الموسم على مقاعد البدلاء، فإنه قد حصل على إنذارين لعرقلة المنافسين أثناء محاولتهم تنفيذ رمية تماس في وقت متأخر من المباريات كان من الممكن أن تشكل خطورة على فريقه.
وخلال المباراة التي فاز فيها نيوكاسل على فولهام، وجَّه مساعد هاو، جيسون تيندال، رسالة إلى نيك بوب، ليسقط حارس المرمى على الأرض بعد ذلك بدقيقتين ويدعي الإصابة، دون أن يلمسه أي لاعب، ومن المؤكد أن الهدف من ذلك كان يتمثل في امتصاص حماس الفريق المنافس، ومنح زملائه بعض الوقت من أجل التقاط الأنفاس.
وأثناء تلقي بوب «العلاج»، تم إيقاف اللعب، وهو ما مكّن هاو من توجيه تعليمات تكتيكية جديدة للاعبيه، كما رأينا لاعب الفريق جويلنتون، وهو يتنصت على الرسالة التي يوجهها المدير الفني لفولهام، ماركو سيلفا، للاعبيه!ربما أخطأ هاو في أنه لم يطلب من حارس المرمى البديل مارتن دوبرافكا أن يجري عمليات الإحماء لتصبح هذه الحيلة متكاملة، وربما يرى سيميوني أن هاو كان ساذجاً لأنه لم يفعل ذلك! لكن هاو، الذي ينسق بشكل وثيق مع الظهير الأيمن السابق لأتليتكو مدريد، كيران تريبيير، لا يزال يتعلم هذه المهارات والحيل الكروية التي يتقنها سيميوني تماماً. وبالتالي، لم يكن من الغريب أن نرى لافتة ضخمة لمشجعي نيوكاسل في مدرجات ملعب «سانت جيمس بارك»، الشهر الماضي تحمل العبارة التي تعكس الطريقة التي يفكر بها هاو، حيث كتب عليها: «لسنا هنا لنكون محبوبين؛ نحن هنا لننافس».
يقول مدافع نيوكاسل السابق ستيفن تايلور: «كان إيدي يعلم أنه يجب عليه أن يتغير بعد تجربته مع بورنموث. لقد أصبح نيوكاسل تحت قيادته فريقاً صعباً للغاية على جميع المنافسين. إنه أفضل فرق الدوري الإنجليزي الممتاز من حيث اللياقة البدنية، كما أن الشراسة التي يلعبون بها تجعل من الصعب للغاية على المديرين الفنيين للفرق المنافسة إيجاد خطط مناسبة لكيفية إيقافهم». وربما يعود جزء من ذلك إلى الفترة التي قضاها هاو في إسبانيا خلال ابتعاده عن التدريب، وهذه المرة لقضاء فترة معايشة مع أندوني إيراولا، المدير الفني لنادي رايو فاليكانو، الذي يعتمد بشكل كبير على الضغط المتواصل على حامل الكرة. وفي بورنموث، كان هاو يعتمد على طريقة 4 - 4 - 2. لكنه الآن يعتمد على طريقة 4 - 3 - 3 التي يرى أنها مثالية للضغط العالي على المنافسين، بدءاً من الثلث الأخير من الملعب.
يلعب خط وسط نيوكاسل بشراسة هائلة في كثير من الأحيان، وينقض على المنافس، ويستغل أخطاءه، ويندفع إلى الأمام من أجل تقديم الدعم اللازم للخط الأمامي. ورغم أن لاعبي نيوكاسل يمررون الكرات ويتحركون بشكل رائع، فإنهم قادرون في الوقت نفسه على اللعب المباشر والسريع، في حال تطلب الأمر ذلك. ويقول تايلور إنه شعر ببعض الإحباط عندما رأى هاو في التدريبات للمرة الأولى، ويضيف: «في البداية يمكنك أن تشعر بأن ما يفعله بسيط للغاية، لكنك سرعان ما تدرك أن الحصة التدريبية ستكون شاقة جداً. هذه الشراسة تأخذ الأمور إلى مستوى مختلف».
وعندما يكون لاعبو نيوكاسل بحاجة إلى التقاط الأنفاس، فإنهم بارعون للغاية في اللجوء إلى الحيل، التي تساعدهم على ذلك، لدرجة أن تحليلاً حديثاً لإضاعة الوقت في الدوري الإنجليزي الممتاز - يركز على عدد الدقائق الفعلية التي تُلعب فيها الكرة أثناء المباريات - أظهر أن ليدز يونايتد هو الفريق الوحيد الذي لعب «دقائق فعلية أقل» من نيوكاسل هذا الموسم.تحت قيادة رافائيل بينيتيز، كان نيوكاسل يعتمد بشكل مثالي على الهجمات المرتدة السريعة، حيث كان يلعب بطريقة 3 - 4 - 3 ويتكتل في الخلف ثم ينطلق إلى الأمام بسرعة هائلة بمجرد الاستحواذ على الكرة. ثم سار ستيف بروس على النهج نفسه، حيث قال: «يتعين علينا أن ندافع بعمق، ونأمل أن ننفذ الهجمات المرتدة السريعة بشكل جيد بعد ذلك. هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكننا اللعب بها». ومع ذلك، يجب الإشارة إلى أن الاستحواذ على النادي بقيادة المملكة العربية السعودية في أواخر عام 2021 ساعد هاو على إنفاق نحو 250 مليون جنيه إسترليني على التعاقد مع لاعبين جدد، لكن المدير الفني الإنجليزي نجح أيضاً في تطوير أداء العديد من اللاعبين القدامى مثل فابيان شير، وجويلينتون، وشون لونغستاف، وميغيل ألميرون.
وتتمثل الفكرة الأساسية لهاو في: «القوة هي هويتنا». وكُتبت هذه الرسالة عبر الجدران في ملعب التدريب الذي تم تجديده، وعاد الفريق للاعتماد على أربعة لاعبين في الخط الخلفي، وقد تم تدعيم ذلك بقوة، ليس فقط من خلال التعاقد مع الحارس المتميز بوب، الذي حافظ على نظافة شباكه مؤخراً في 10 مباريات متتالية، ولكن أيضاً من خلال التعاقد مع تريبير، واثنين من المدافعين الرائعين الذين يجيدون اللعب بالقدم اليسرى، وهما سفين بوتمان، ودان بيرن فارع الطول، الذي يصل طوله إلى 1.98 متر. وقد ساعدت هذه الصلابة الدفاعية المدافع السويسري فابيان شير، الذي يلعب بقدمه اليمنى، على تحقيق أقصى استفادة ممكنة من تمريراته المتقنة ورؤيته الذكية للملعب.
من المعروف عن هاو أنه بارع في التواصل مع اللاعبين، وأنه يجيد اختيار الكلمات التي يوجهها للاعبيه في كل مناسبة. وعلاوة على ذلك، فإنه يقضي ساعات طويلة في تحليل مقاطع الفيديو الخاصة بالفرق المنافسة، ثم يوجه تعليماته إلى اللاعبين بكلمات سهلة يمكنهم فهمها. يقول تايلور: «غالباً ما يتوقف لاعبو كرة القدم عن الاستماع بعد مرور ثماني دقائق، لكن إيدي هاو بارع في قول كل شيء مهم في خمس دقائق فقط، كما أنه بارع للغاية في تكوين علاقات قوية بلاعبيه».
يتفق جو ويلوك، لاعب آرسنال السابق ونجم خط وسط نيوكاسل حالياً، مع هذا الرأي، قائلاً: «إنه يجعل اللعبة بسيطة وواضحة حقاً، ويجعلك تفهم بسهولة ما يتعين عليك القيام به داخل المستطيل الأخضر. كما ساعدني على الوصول إلى أفضل مستوياتي البدنية على الإطلاق». ورغم أن العمل الجماعي شاق، فإن هاو يعرف جيداً كيف يتعامل مع كل لاعب على حدة. يقول ويلوك: «لقد جعلني أثق به تماماً، وقد ساعدني كثيراً. عندما تكون قادراً على التحدث مع المدير الفني على المستوى الشخصي فإن هذا يحدث فارقاً كبيراً».
تم تعيين هاو على رأس القيادة الفنية لنيوكاسل من أجل إعادة حقبة «المتعة»، التي كان يقدمها نيوكاسل في التسعينيات من القرن الماضي، والتي بدأها كيفن كيغان، لكن هاو أصبح يلعب بطريقة عملية للغاية منذ ذلك الحين، ولم يعد ذلك المدير الفني الذي كان عاجزاً عن تنظيم خط دفاع فريقه عندما كان يتولى قيادة بورنموث. يقول المدير الفني البالغ من العمر 45 عاماً، وهو يشعر بالفخر بالطريقة التي تطور بها مستوى اللاعب البرازيلي غيماريش مع نيوكاسل: «لقد تغيرت قليلاً، فلدي أفكار جديدة وتطورت. لقد أصبحت مختلفاً بعض الشيء، لكنني ما زلت في الأساس المدير الفني نفسه، بالمبادئ والمعتقدات نفسها. لا يزال الهدف يتمثل في تقديم كرة القدم الممتعة التي كان يقدمها كيغان، فنحن نريد أن يأتي مشجعونا إلى المباريات لكي يستمتعوا. لذا فالأمر يتعلق بتقديم كرة قدم هجومية ممتعة، لكن يجب تحقيق الفوز أيضاً».
ومن الملحوظ للجميع، أن هاو نجح في تحويل جويلنتون من مهاجم غير قادر على القيام بمهامه الهجومية كما ينبغي، إلى لاعب خط وسط مقاتل، أو مهاجم يميل إلى اللعب على الأطراف، وهو الأمر الذي ساعد نيوكاسل على تحقيق الفوز في عدد كبير من المباريات. وأصبح من السهل أن نفهم لماذا وصف جوليان ناغيلسمان، المدير الفني السابق لجويلنتون في هوفنهايم، اللاعب البرازيلي بأنه عبارة عن «آلة» - ولماذا يشير المديرون الفنيون للفرق المنافسة إلى قوة العمل الجماعي لنيوكاسل، إذ يقول سيلفا: «نيوكاسل لديه لاعبون جيدون للغاية، لكنه أيضاً فريق قوي جداً من الناحية البدنية، ويمتاز عدد كبير من لاعبيه بالطول الفارع. إنهم خطيرون للغاية في الكرات الثابتة».
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر