القاهرة - المغرب اليوم
الكثير من المتحرشين في المجتمعات العربية، ينظرون إلى التحرش الجنسي على أنه وسيلة ترفيهية للتخفيف على النفس من العناء، أو من أجل فرحتهم بالأعياد، إلا أنهم لا يدركون الآثار السلبية التي يتركها التحرش الجنسي على ضحية تحشهم، من آثار سلبية نفسيًا وربما جسديًا، مع العلم أنه يوجد الكثير من المتحرشين الذين لا يدركون أنهم متحرشون، كما أن هناك أطفال مراهقين متحرشين، ينظرون إلى التحرش إلى أنه نوع من أنواع الرجولة.. من هو المتحرش جنسيًا؟ من الناحية اللغوية فإن المتحرش جنسيًا هو كل شخص مارس فعل التحرش الذي يشمل (تقديم مفاتحات جنسيّة مهينة وغير مرغوبة ومنحطّة وملاحظات تمييزيّة). أما من الناحية العلمية فإن مسألة التحرش ودراسة سلوك المتحرشين بشكل عام تعتبر مسألة معقدة يتداخل فيها العديد من الخبراء بدءًا من الطب النفسي والعلوم الجنائية مرورًا بعلوم الاجتماع ووصولًا إلى علوم الدين. ويشير بعض مختصي الطب النفسي الجنائي إلى وجود عوامل خاصة ترتبط بالمتحرشين جنسيًا وتشمل: عوامل خاصة ترتبط بالمتحرشين جنسيًا: 1) وجود تاريخ سابق من التحرشات الجنسية. 2) وجود تاريخ إجرامي سابق. 3) وجود أدلة معملية على حدوث استثارة جنسية لمؤثرات غير سوية مثل صور الأطفال. 4) وجود أدلة معملية على حدوث استثارة جنسية لمؤثرات غير سوية مثل المشاهد العنيفة. 5) انخفاض تقدير الذات. 6) انخفاض شديد في القدرة على التعاطف مع ضحايا التحرش. 7) التعرض إلى اعتداءات جنسية في الصغر. 8) وجود نوع من العزلة الاجتماعية للمتحرش. 9) وجود خلل إدراكي يؤدي إلى اعتقاد المتحرش بموافقة الضحية. 10) وجود تاريخ سابق من الأمراض النفسية. مواصفات المتحرش: تعتبر مسألة وجود نمط واحد واضح وثابت وذي مواصفات خاصة للمتحرش، يعدُّ أمرًا غير دقيق من الناحية العلمية. جميعنا بالتأكيد يريد معرفة نمط معين للمتحرشين بما يمكننا من اتخاذ إجراءات وقائية لحماية أخواتنا وبناتنا، ولكن الواقع والدراسات العلمية تفيد أنه لا يمكن تصنيف المتحرش في المطلق وفق معايير شكلية أو جغرافية أو اقتصادية، رغم ذلك فإن بعض الصفات المشتركة تشمل: صفات المتحرشين: – السلوك العنيف بشكل عام. – عدم القدرة على بناء علاقات حميمة. – الاشتغال العقلي الكبير بالأمور الجنسية المختلفة سواء الخيالات الجنسية أو الأنشطة والأحاديث المرتبطة بالجنس. – وجود معتقدات عقلية تبرر التحرش. – عدم الاستقرار المادي والعائلي. – وجود مشكلات في التحكم في الذات. – الاستمتاع بإزعاج الآخرين وإهانتهم. هل يقول المتحرش أنا مظلوم؟ المتحرش يمر بعدة مراحل من أجل تبرير سلوك التحرش لنفسه وإظهار نفسه بمظهر الضحية، ومن النماذج التي حاولت دراسة هذه المراحل نموذج فينكيلور Finkelhor model، وتأتي أهمية دراسة مراحل تفكير المتحرش إلى أن فهمها يساعد على العمل من خلال عدة طرق لمنع وصول المتحرش المستقبلي للمرحلة التي يقرر فيها بشكل نهائي التحرش فعليًا. ويشير هذا النموذج إلى أن المتحرش يمر قبل ممارسة التحرش بأربعة مراحل: 1) مرحلة التفكير: وفي هذه المرحلة يبدأ المتحرش في البحث عن حافز يدفعه لممارسة التحرش والاعتداء الجنسي، وغالبًا ما يكون هذا الحافز متمثلاً في: – حصوله على استثارة جنسية من فعل التحرش. – عدم قدرته على الحصول على نفس القدر من الإشباع الجنسي بطريقة سوية. 2) مرحلة إعطاء الإذن: وإعطاء الإذن هنا يقصد بها إعطاء العقل إذنًا للمتحرش بالشروع في ممارسة الفعل ذاته، ومن أجل هذا يكون على المتحرش تجاوز بعض القيم الداخلية سواء دينية أو اجتماعية والتي يُفترض بها منعه من التحرش. وغالبًا تتضمن هذه المرحلة سيطرة بعض نماذج التفكير على المتحرش مثل: – تجاوز الموانع الدينية بالنظر لنمط ملابس معين واعتباره مبررًا للتحرش. – تجاوز الموانع الاجتماعية بالنظر لضغوط اجتماعية واعتبارها مبررًا للتحرش. – التحجج بعدم القدرة على السيطرة على النفس. – التحجج بأن الضحية كانت تتصرف بطريقة ملفتة. إلى آخر هذه الحجج التي نسمعها من بعض ذوي العقول المريضة على التلفاز، ربما الآن أدركنا أن هذا جزء من تفكيرهم كمتحرشين ومدافعين عن التحرش بشكل عام! 3) مرحلة انتهاز الفرصة: وتتضمن هذه المرحلة البحث عن بيئة ملائمة لممارسة فعل التحرش والاعتداء الجنسي، وقد تشمل هذه الفرصة العديد من المواقف مثل: – وسائل المواصلات المزدحمة. – أماكن التجمعات الغير خاضعة لسيطرة قوات حفظ الأمن. – الأماكن المهجورة. – الأوقات المتأخرة التي تقل فيها حركة الناس. 4) مرحلة تجاوز مقاومة الضحية: وتعتبر هذه المرحلة هي المرحلة الفعلية للتحرش حيث يبدأ المتحرش في مهاجمة الضحية والاعتداء عليها في سعي للقضاء على مقاومتها، وتتنوع وسائل تجاوز مقاومة الضحية لتشمل: – التهديد اللفظي والابتزاز خوفًا من الفضيحة. – التهديد بالأسلحة. – السيطرة العنيفة على الضحية بالضرب والاعتداء البدني. – السيطرة على الضحية باستخدام مخدر. – القتل ويعتبر أشد درجات تجاوز مقاومة ضحية التحرش. هل المتحرش يعانى خللاً نفسيًا؟ تعتبر الأمراض النفسية المختلفة من أكثر العوامل ارتباطًا بمسألة التحرش؛ لذا فإن التحرش يعبر عن خلل نفسي. وتشمل قائمة الأمراض النفسية المرتبطة بالاعتداءات الجسدية: – أمراض الفصام والشيزوفرينا. – إدمان الكحول والمخدرات. – صعوبات التعلم. – اضطرابات الشخصية المختلفة. – التغيرات المرضية في القشرة المخية. هل في بيتك متحرش؟ من أكثر الأشياء خطورة وصول متحرش إلى منزلك، تجنب ذلك يكون من خلال: – عدم السماح بدخول أشخاص غرباء للمنزل. – عدم فتح الباب لأشخاص دون التأكد من هويتهم. – عدم ترك الأطفال بمفردهم في المنزل لفترات طويلة. – في حال وجود مساعدين أو مربيات يجب التأكد من عدم وجود أي سوابق جنائية لهم. – عدم ترك الأطفال دون ملاحظة لفترات طويلة. – عدم السماح بدخول أفراد التصليحات والصيانة إلا في وجود أكثر من شخص بالغ قادر على التصرف والمقاومة حال أي طارئ. – عدم وضع عنوان المنزل في أماكن عامة من أي نوع. – عدم وضع بيانات شخصية مثل عنوان المنزل ورقم التليفون على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مفتوح وعام. المتحرشون الناشئون: مثل كل سلوك سواء حميدًا أو مذمومًا تجد أن هناك طبقة من الصغار تنجذب أو تتعود على ممارسة هذا السلوك بدون فهم لأبعاده الحقيقية، ومن أمثلة هذا المتحرشون الصغار الذين يقومون بممارسة التحرش كنوع من التقليد. كيف نحمي الأطفال من ممارسة التحرش ؟ – الانتباه لتصرفات الأشخاص الذين يعتبرهم الطفل قدوة. – عدم ممارسة أي فعل ينطوي على تحرش بفتاة أو سيدة أمام الطفل. – عدم ترك الطفل لمشاهدة النماذج السينمائية المسفة التي تروح لسلوكيات مثل التحرش والتدخين. – توعية الطفل بأهمية انتباهه حال تعرضه لأي نوع من التحرش. – توعية الطفل بمدى انحطاط سلوك التحرش وأهمية تجنب ممارسته حتى على سبيل المزاح. – توعية الطفل أن التحرش ليس طريقة لإثبات الرجولة بل هو سلوك يتعارض مع أخلاقيات الرجولة والفروسية الحقيقية. – الاستماع لتساؤلات الطفل حول التحرش ومناقشتها معه بهدوء ووضوح وعقلانية. ماذا لو اكتشفت أن ابنك متحرش؟ هناك عدة علامات للخطر تشير إلى أن ابنك يمكن أن يتحول إلى متحرش محتمل وهذه العلامات تتطلب انتباهًا شديدًا وتدخلاً مبكرًا يتمثل في التوعية والإرشاد النفسي. علامات الشك في انجراف المراهق لسلوك التحرش: – عدم الشعور بالمسئولية تجاه الآخرين في مقابل الاهتمام بالمتع الخاصة. – انخفاض تقدير الذات. – البحث عن القوة لإثبات الذات. – عدم التعاطف مع ضحايا التحرش. – تبرئة المتحرش من جرمه وإلقاء اللوم على الظروف والضحية. – عدم القدرة على إنشاء علاقات سوية مع الآخرين. – الاهتمامات الجنسية المنحرفة. – يتعامل مع المرأة كسلعة أو كائن أدنى. كيف تتصرف مع ابنك المتحرش؟ في حالة اكتشاف سلوكيات جنسية غير سوية لدى ابنك أو التأكد من ممارسته لسلوكيات تتضمن عنف ضد المرأة بأي شكل من الأشكال فمن الضروري البدء في التدخل من أجل إنقاذ الابن قبل انجرافه لهذا المستنقع. خطوات التعامل مع الابن المتحرش: 1) الحوار الأسري الداخلي: والذي يعمل على المحاور التالية: 2) تفنيد مبررات ممارسة التحرش. 3) تفنيد نظريات السلطوية الذكورية المطلقة وحق الذكر في التعدي على حرمة أي أنثي لمجرد الاستمتاع. 4) ذكر أمثلة معكوسة تعرض فيها احد المقربين للابن للتحرش، وكيف أن التجربة كانت صعبة ومسيئة. 5) توضيح أن التحرش ليس دليلاً على الذكورة، وأن أغلبية الرجال يعتبره شخصًا منحرفًا ومريضًا نفسيًا. 6) توضيح التحريم الديني لفعل التحرش. 7) توضيح التجريم القانوني لفعل التحرش والعقوبات عليه. خطوات أساسية لمنع الطفل من التحرش: 1) الحصول على مساعدة نفسية متخصصة: والتي تشمل بشكل عام العمل على المحاور التالية: – تغيير المعتقد الداخلي لدى المتحرش والخاص بتبرير التحرش. – وضع المتحرش في موضع المسئولية عن أفعاله. – وضع ممارسة التحرش في سياقها العام في حياة المتحرش وتحديد خلفياتها ودوافعها لديه. – توضيح مضاعفات التحرش على الضحية. – بناء تعاطف داخلي لدى المتحرش مع الضحايا. – منع انتكاسة المتحرش من خلال تجنب عوامل الخطورة. 2) متابعة أنشطة الابن قدر الإمكان لتحديد ما إذا كان مستمر على ممارسة التحرش أم لا: 3) اتخاذ إجراءات عقابية حال عدم استجابته للنقاش العقلاني. هل هناك علاقة بين مشاهدة الأفلام الإباحية وممارسة التحرش؟ تشير الدراسات العلمية المتاحة حتى وقت قريب إلى ارتباط مشاهدة الأفلام الإباحية بأنواعها المختلفة بارتفاع احتمالات الانجراف لسلوك التحرش والعنف ضد المرأة بشكل عام. في حين تشير بعض الدراسات إلى أن الأفلام الإباحية ذات المحتوى العنيف ترتبط بنسبة أكبر من التحرش لدى مشاهديها، إلا أن بعض الدراسات الأخرى تؤكد على أن الأفلام الإباحية بكافة أنواعها لها دور في زيادة نسبة السلوك العنيف من تحرش واعتداءات ضد المرأة بشكل عام. وهذا لا ينفي وجود العديد من العوامل في الخلفية النفسية والاجتماعية للمتحرش تكون غالبًا سببًا في انحرافه نحو كللٍّ من الأفلام الإباحية وممارسة التحرش، ومن أمثلة ذلك الشخصيات المعادية للمجتمع التي توجد في الأفلام الإباحية فرصة مناسبة لتحقيق خيالاتها الجنسية المنحرفة ضد الجنس الآخر والتي قد تتحول فيما بعد إلى ممارسة التحرش الفعلي. هل أنت متحرش دون أن تدري؟ أخيرًا عزيزي القارئ دعني أطرح عليك هذا السؤال… هل أنت متحرش دون أن تدري؟ حسنًا الإجابة البسيطة هي أن هذا محتمل؛ حيث أوضحت بعض الدراسات أن مجموعة من الطالبات الجامعيات قد ذَكَرْن من ضمن التحرشات اللاتي يتعرضن لها العديد من التعليقات الخاصة بالتفرقة على أساس الجنس بين الطلاب، لذا فإن التحرش ليس فقط بالنظر أو اللمس أو الاعتداء الجسدي، ولكنه أيضًا بإلقاء تعليقات غير مقبولة وغير مستحبة من الطرف الآخر أيًا كانت درجة بساطتها أو براءتها مما يسبب عبئًا نفسيًا إضافيًا على الضحية. لذا عزيزي القارئ إذا كنت متحرشًا أو لا، فإنك في كل الأحوال يجب أن تفكر دومًا في كل تصرف وتضع نفسك في مكان الطرق الآخر خاصة إذا كان سيدة أو فتاة؛ حتى تتأكد من أن تصرفك هذا مقبول بالنسبة لها أو لا، أخبرنا ماذا لو رأيت أحدًا من أقاربك يتعرض لهذه الظاهرة، كيف سيكون رد فعلك إزاء المتحرش، ولماذا لا تضع نفسك موضعه..
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر