لندن ـ المغرب اليوم
هل تظن أن أنفك يعشق رائحة الزهور؟ حسناً، قد يكون الجواب نعم، ولكنه قطعاً لن يكون بقدر ما تتهافت حشرة عثة التبغ المسماة "أبو دقيق" على روائح النباتات الجميلة التي تعتمد حياتها في واقع الأمر على حاسة الشم لديها.وبوسع عثة التبغ، التي تماثل حاسة الشم لديها الكلاب البوليسية المدربة، والتي تفوق مثيلتها عند الإنسان، الطيران مسافة تصل إلى 130 كيلومتراً في الليلة الواحدة، بحثاً عن زهورها المفضلة مثل زهرة "الداتورا" المقدسة.ويشكل رحيق هذه الزهور البيضاء الفواحة التي تتفتح ليلاً، مصدراً مهماً لغذاء هذه الحشرة، إذ تبحث إناثها عن تلك الزهور لوضع البيض، وتأكل يرقاتها أوراق الزهرة في ما بعد.
وأصيب العلماء بدهشة إزاء الطريقة التي تستطيع تلك الحشرات من خلالها رصد زهور "الداتورا" دون غيرها من بين آلاف الأزهار، متسائلين عمّا إذا كانت الروائح الأخرى، سواء كانت طبيعية أو صناعية، بإمكانها أن تخلط الأمور لدى الحشرة.وفي دراسة نشرتها دورية "ساينس" وضع الباحثون الحشرة في معمل داخل نفق، وسط منظومة يتحكم فيها الكمبيوتر، حيث عرّضوها لمجموعة متباينة من الروائح الصناعية، كروائح عوادم السيارات والشاحنات، إلى جانب روائح زكية من النباتات. وأفسدت المصادر البشرية للتلوث قدرة الحشرة على رصد زهور "الداتورا"، مغيرة الطريقة التي تتفاعل بها رائحة الزهور مع الخلايا العصبية لحاسة الشم لديها.
وفي هذا الصدد، قال أستاذ البيولوجيا في جامعة واشنطن جيفري ريفيل إن "جميع حشرات التلقيح، ومنها النحل والفراشات والعثة، تستعين بحاسة الشم لديها لرصد الزهور من مسافات بعيدة، لكننا اكتشفنا أن الروائح الآتية من الزراعات القريبة (المبيدات الزراعية)، وحتى الملوثات المنبعثة من عوادم المركبات، يمكن أن تفسد سلوكها".وأعطى ريفيل مثالاً "حشرة العثة التي تطير لمسافات طويلة، لم تعد قادرة بكفاءة على الإحساس برائحة الزهور، بل لم تعد تدرك في أحيان كثيرة وجود الزهور أصلاً. ونحن نحتاج إلى إجراء المزيد من التجارب، لمعرفة ما إذا كانت هذه الملوثات أو حتى نباتات بعينها، تفسد قدرات حشرات التلقيح مثل نحل العسل المهم من الناحية الزراعية".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر