ابوظبي - وام
اختتمت امس فعاليات ملتقى الوقاية من التنمر والعنف في المدارس الذي انطلقت فعالياته الأربعاء الماضي تحت رعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة.
وتضمن الملتقى الذي نظمه المجلس الأعلى للأمومة والطفولة والاتحاد النسائي العام بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" على مدى يومين في مقر الاتحاد النسائي بابوظبي .. حلقة دراسية عرضت بعض النماذج الناجحة حول التنمر الى جانب تشكيل مجموعات عمل من المشاركين للبحث والتوسع في كيفية مواءمة هذه النماذج لتتناسب مع واقع دولة الإمارات العربية المتحدة.
ويأتي تنظيم الملتقى كخطوة أولى لبرنامج متكامل بمشاركة أعضاء في اللجان الصحية المدرسية والأخصائيين الاجتماعيين وأطباء نفسانيين واختصاصيين في علم النفس المدرسي وإدارات المدارس وأكاديميين جامعيين ومجالس أولياء الأمور نظرا لعدم وجود برنامج للوقاية من العنف والتنمر في مدارس الخليج الى جانب لوجود حاجة إلى مثل هذا البرنامج.
شارك في فعاليات اليوم الأول الدكتور كين رجبي الأستاذ المساعد بجامعة جنوب استراليا .. أستاذ في كلية التربية ومعهد بحوث هوك في جامعة جنوب أستراليا.. اكتسب مرتبة الشرف في الاقتصاد من جامعة لندن وشهادة دراسات عليا في التربية في ليستر بإنجلترا قبل أن يهاجر إلى استراليا ومنذ عام 1990 ركز أبحاثه على القضايا المرتبطة بالتنمر في المدارس ونشر أكثر من 100 ورقة بحثية عن التنمر في المدارس وألف وشارك في تأليف 20 كتابا حول هذا الموضوع كما يعمل كمستشار لوزارة التربية والتعليم الأسترالية بشأن المسائل المتعلقة بالتنمرفي المدرسة والعلاقات في أماكن العمل ويعمل حاليا رئيسا لمشروع دراسة تمولها الحكومة الأسترالية لدراسة انتشار وفعالية استراتيجيات مكافحة التنمر في المدارس الأسترالية.
وقدم كين ريجبي في الجلسة الأولى في فعاليات اليوم الأول دراسة نموذجية حول " التنمر المدرسي " تسعى إلى إعطاء وصف عام لعملية التنمر عند وقوعها في المدارس وتفترض ان التنمر تحركه عادة الرغبة في إيذاء الآخرين ممن هم أضعف من غيرهم بدنيا أو التسبب لهم بالضغط النفسي.
وتعرض الدراسة مجموعة من الظروف خارج البيئة المدرسية أو داخلها أو كلاهما معا التي من شأنها أن تسهم في توليد هذه الرغبة وتؤدي تلك الظروف إلى وجود بعض الطلاب الذين يستهدفون أولئك الذين لا يملكون القدرة الكافية للدفاع عن أنفسهم والذين يلجؤون إلى وسائل متنوعة يستطيعون من خلالها فرض السيطرة على الآخرين وإذلالهم.
واكد ريجبي انه ينظر للرغبة في إلحاق الأذى بالآخرين على أنها حالة مرضية تعكس وجود إضطراب الشخصية السادية .
واشارت الدراسة التي قدمها ريجبي الى كيفية نشوء الرغبة والجذور التي تغذيها ضمن بعض العوامل منها العوامل الجينية.. وأساليب التربية..
وتاثير المجتمع الى جانب ضغط مجموعات الأقران وخبرات أخرى مع الآخرين.
وبشان دراسة العلاقة ما بين الرغبة في الإيذاء وسلوك التنمر قال ريجبي انها تقترح ثلاث إحتماليات اولاهما عدم التعبيرعن الرغبة من خلال التعدي على الآخرين والثانية التعبير عن الرغبة من خلال السلوك العدواني ضد أشخاص يتمتعون بقوة مكافئة أو قوة أكبر والثالثة التعبيرعن الرغبة كسلوك موجه بشكل مباشر إلى أشخاص يتمتعون بقوة أقل.
واستعرض فئات الطفل المتنمر واختيار طريقة لممارسة التنمر ودور البيئة المدرسية الى جانب التطرق الى العوامل التي تساعد على التنمر والعوامل التي تعيقه مؤكدا ان المناخ الاجتماعي في المدرسة والمجتمع المدرسي /بما في ذلك أولياء الأمور/ يؤدي دورا مهما في تهيئة الظروف لحدوث التنمر أو لإعاقته.
كذلك عرض ريجبي مضامين معالجة التنمر وأساليب التربية ونمط الحياة الأسرية التي يمكن أن يكون لها تأثيرا على الأطفال مشيرا الى ان بعض الدول قامت باتخاذ الإجراءات اللازمة لتقديم المساعدات الفاعلة ومثال ذلك برنامج "كوول كدز" /الأطفال الرائعين/ المفعل في أستراليا.
ولأختيار طريقة للتدخل اكد ريجبي اهمية إدارك التنوع الكبير في الحالات مشيرا الى وجود حالات مختلفة قد تتطلب طرق علاج مختلفة فبعضها قد يتطلب عقوبات تأديبية كالحجز أو تعليق الدراسة وبعضها الآخر قد تعالج من خلال مساعدة الضحية على اكتساب المهارات اللغوية والاجتماعية اللازمة للتأقلم مع الإعتداء اللفظي بينما هناك حالات نستطيع تقديم المساعدة لها من خلال اللجوء إلى التوسط والتقريب بين الطرفين والنقاشات الجماعية مع الطلاب المتورطين وأن يتبع ذلك بالمراقبة عن كثب لأي سلوكيات لاحقة.. مستعرضا مختلف حالات التنمر والطرق المختلفة للتعامل معها.
وفي ختام ورقته اكد ريجبي ان هناك أدلة علمية على أن التنمر في الدول في كافة أرجاء العالم قد انخفض مستواه بشكل تدريجي مع مرور الوقت على الرغم من ظهور التنمر عبر الانترنت مشيرا الى ان البرامج المناهضة للتنمر أثبتت فعاليتها حيث قلصت أفضل البرامج نسبة التنمر إلى ما يقارب 20 بالمائة .
وحذر من خطورة التنمر كونه مشكلة خطيرة لها تأثير بالغ على الصحة العقلية والبدنية لعدد كبير من الأطفال.. مشيرا الي ان ان هناك خمسة برامج منتقاة لمناهضة التنمر.. هي برنامج أولويس لمناهضة التنمر و برنامج خطوات لتحقيق الاحترام وبرنامج المدارس الصديقة وبرنامج كيفا لمناهضة التنمر وبرنامج سيل /برنامج الجوانب الاجتماعية والعاطفية لعملية التعلم/ .
وفي الجلسة الثانية لفعاليات اليوم الأول للملتقى تحدثت الدكتورة مارلين سنيدر مديرة تطوير لبرنامج "ألفويس" لمنع التنمر في الولايات المتحدة جامعة كليمسون ساوث كارولينا. وهذا البرنامج مطبق الآن في أكثر من /8/ آلاف مدرسة في 48 ولاية وسبعة بلدان.
الدكتورة سنيدر هي المؤلف المشارك لدليل منع التنمرعلى مستوى المدرسة وغالبا ما تقوم بتدريب الآباء والأمهات وتجري حاليا كتابة كتاب جديد للاستخدام المجتمعي لبرنامج منع التنمر فيما تعمل كمستشار وطني ودولي في مجالات قضايا عدالة الأحداث ومنع التنمر.
بعد ذلك شاركت الدكتور ميا ساينيو _ دكتوراه في علم النفس من جامعة توركو- فنلندا في الجلسة الثالثة لليوم الأول للملتقى والتي ركزت أبحاثها على الاختلافات في المتعرضين للتنمر من قبل أقران من نفس الجنس مقابل أقران من الجنس الآخر.
وشاركت ساينيو منذ عام 2007 في تطوير برنامج "كيفا" لمنع التنمر والذي تم تطويره بتمويل من وزارة التربية والتعليم الفنلندية والثقافة ويتم تنفيذه حاليا في 90 بالمائة من مدارس التعليم الأساسي الفنلندية وكذلك في تدريب المعلمين على استخدام برنامج كيفا في فنلندا والخارج.. وتشارك حاليا في تطوير وتقييم برنامج جديد لتحسين الرفاه لطلاب المدارس الثانوية والمدارس المهنية.
من جانبها قالت كريستينا سالميفالي من جامعة تيركو فنلندا ان التنمر سلوك عدواني ممنهج أي سلوك متكرر ضد شخص يصعب عليه حماية نفسه من مرتكبه مشيرة الى ان الاعتداء المتكرر وفارق القوة ما بين المتنمر والضحية هما صفتان رئيسيتان يمكن لنا من خلالهما التمييز بين التنمر وأنواع الصراعات والنزاعات الأخرى التي تنشب بين طرفين متكافئين.
واوضحت ان التنمر يتخذ اشكالا مختلفة ففي أغلب الأحيان يأتي التنمر في صورة إساءة لفظية واستهزاء من الشخص المستهدف أمام العامة ولكن يوجد هناك أشكال أخرى عديدة للتنمر وغالبا ما يتعرض الأشخاص المستهدفين للتنمر بأكثر من طريقة إذ أن التنمر لا يقتصر فقط على الاعتداءات على المستوى الفردي بل أنه يتعدى ذلك ليؤسس علاقة ثابتة ما بين المتنمر والضحية.
واكدت الحاجة للوقاية المعتمدة على البراهين العلمية مشيرة الى ان وزارة التربية والتعليم الفنلندية فوضت المجموعة بمسؤولية تطوير وتقييم برنامج مناهض للتنمر في المدارس التي توفر التعليم الشامل .
وقدمت لمحة عن برنامج " كيفا " لمناهضة التنمر والذي يتضمن الإجراءات العامة والإجراءات الخاصة .
واكد المتحدثون في الملتقى ان لكل مدرسة البيانات الخاصة بها ويمكنها الحصول على تقارير سنوية للتوجهات لتحديد فعاليتها.. والمدارس التي تطبق أكثر عدد من مكونات البرنامج والتي تدعم تطبيق البرامج هي التي تحقق أفضل النتائج الإيجابية مقارنة بالمدارس التي تعمد إلى انتقاء واختيار أجزاء سهلة التطبيق من البرنامج.
وتضمنت فعاليت اليوم الثاني للملتقى تقديم ملخص اليوم الأول ومقدمة عن ورش العمل فيما استعرضت مجموعات العمل كيفية موائمة برامج التنمر الدولية مع الواقع في دولة الإمارات العربية المتحدة اختتمت بتقديم عرض نتائج.
كذلك تضمنت فعاليات اليوم الثاني جلسة مناقشة قام خلالها الخبراء بالاجابة على تساؤلات الحضور ومجوعات العمل .
وفي ختام فعاليات " ملتقى الوقاية من التنمر والعنف في المدارس " تم الاتفاق على تشكيل لجنة خاصة تضم جميع الشركاء من الوزارات والمؤسسات المختصة .. على ان يتم لاحقا وضع خطة لبرنامج متكامل ضد التنمر في المدارس.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر