الرباط - المغرب اليوم
عندما تراه في الوهلة الأولى لا تلقي له بالًا، هذا النحيف ذو القامة الطويلة ودائم الابتسامة البريئة المفعمة بالتحدي، أن طعم التميز جاء بعد الانقطاع عن الدراسة في سن مبكرة والعودة إلى فصول الدراسة بعد غياب دام سنوات شكلت لبومعزة أحداث شريط تلفزيوني له بداية مؤثرة ونهاية سعيدة.محمد بومعزة، المولود عام 1993 في مدينة العيون والذيلا يعرف المستحيل، ولا يؤمن بالفشل، فقد استطاع، يحصل على شهادة الباكالوريا في مسلك علوم إنسانية بميزة مشرفة، شكلت بذلك عنوانًا لتحدي الانقطاع عن الدراسة والتفوق الدراسي بين زملائه وباقي الأجيال الناشئة.
ابن الواحد والعشرين ربيعًا، تلميذ تم إدماجه في منظومة التربية والتكوين عن طريق برنامج التربية غير النظامية الذي مهد له الطريق لتأهيله ومتابعة دراسته في الثانوية متحديًا بذلك الانقطاع عن الدراسة وكسب رهان التفوق في امتحانات الباكالوريا لدورة يونيو/حزيران 2014.كما أن إصراره على انتزاع النجاح كان سبيله الوحيد لخوض غمار تجربة لم تكن مفروشة بالورود لهذا الشاب الذي انقطع عن الدراسة، بعد ولوجه المدرسة لثلاثة سنوات، لتبدأ معاناته تجاه زملائه ووضعه الاجتماعي الهش الذي اضطره إلى الاشتغال في سن مبكرة في ورشة لإصلاح السيارات (ميكانيك) عاش خلالها ظروفا صعبة دفعته إلى الاقتناع بأن التحدي ينير طريق النجاح وتحقيق الذات.
و يروي محمد بومعزة حيث يقول "في يوم من أيامي التعيسة وبعد رجوعي إلى المنزل منهار الجسم وملطخ الثياب زفت إلي أمي خبر تسجيلي في قسم التربية غير النظامية فتحولت تعاستي إلى فرحة ".وأضاف مبتسمًا "لا أزال أتذكر أول يوم دخلت فيه القسم هنا كانت عودة الحياة إلى الضمير الميت ولحظة الخروج من عالم الجهل والأمية إلى عالم العلم والنور وتملكني الأمل حيث أوجدت لنفسي مكانًا بين التلاميذ المتفوقين وأكدت لمن كانوا يدعون أن هذا الرهان صعب المنال بأن نيل المطالب ليس بالتمني ولكن تأخذ الدنيا غلابا".
ولم يخف بومعزة سعادته بالتفوق في امتحان الباكالوريا بميزة مستحسن التي كسبته رهان التميز وتعبيد طريق متابعة دراسته الجامعية في شعبة القانون، وكذا الاحتفاء به مؤخرا من طرف النيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بالنسبة للمنتسبين للتربية غير النظامية ومن طرف جمعية بني زمور للتنمية الاجتماعية بأبي الجعد التي احتضنته وأعادت تأهيله لمتابعة دراسته بالسلك الثانوي من خلال هذا البرنامج.
وقال رئيس جمعية بني زمور للتنمية الاجتماعية، أحمد غزاوي، إن النتيجة المشرفة التي حصل عليها بومعزة تحققت بفضل احتضان الجمعية للتلميذ ومواكبة مساره الدراسي تحت إشراف ومساعدة قسم محاربة الأمية والتربية غير النظامية ، مشيرا إلى أن الجمعية عملت منذ انخراطها في تفعيل جزء من برامج محاربة الأمية والتربية غير النظامية على إدماج ما يقارب 172 تلميذا من المنقطعين ومن الذين لم يسبق لهم التمدرس.
و اعتبرت مديرة برنامج محو الأمية في الجمعية، سناء طواهر، أن نجاح هذا الشاب، الذي اكتشفت الجمعية تميزه بين أقرانه ومواظبته، يشكل ثمرة تضافر جهود مجموعة من الفاعلين في الحقل التربوي لبذل مزيد من العطاء والمساهمة في محاربة ظاهرة الهدر المدرسي وتعزيز العرض التربوي.و أكد رئيس مصلحة محاربة الأمية والتربية غير النظامية في نيابة خريبكة، سعيد المسكيني، أن نجاح وتتويج تلميذ من برنامج التربية غير النظامية يعد مناسبة تربوية بامتياز وتجربة لولادة ثانية لبناء مسار تعليمي ومهني ناجح، منوها بمجهودات جمعية بني زمور في محاربة الهدر المدرسي وسعيها لمواكبة وتتبع مسار جل التلاميذ المستفيدين من برنامج التربية غير النظامية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر