كابول ـ المغرب اليوم
تثير عودة حركة طالبان إلى الحكم في أفغانستان منذ 15 آب/أغسطس مخاوف كثيرة. ومع عودة الشريعة كمنهج حكم في البلاد، تتوجس الرياضيات الأفغانيات من فقدان الحريات المكتسبة خلال العقدين الأخيرين بل بلغ بهن الأمر للخوف على حياتهن.
طيلة عشرين عاما، عرفت أفغانستان فترة حرية نسبية بعد إسقاط حركة طالبان عن الحكم من خلال التحالف العسكري الذي قادته الولايات المتحدة. وطيلة تلك الفترة، عرفت الرياضة النسوية انتعاشا في خضم تطور حقوق المرأة. ولكن عودة الحركة إلى الحكم تثير مخاوف كثيرة بشأن مستقبل الحريات في البلاد.
في فترة حكم طالبان الأولى، مُنعت الألعاب والموسيقى والتصوير وحتى التلفزيون. ولم يكن للفتيات الحق في الولوج إلى التعليم. أما فيما يخص النساء، فلم يكن لديهن الحق الخروج دون محرم أو العمل. وإذا ما اتهمن بارتكاب جرائم على غرار الزنا، فكان يطبق عليهن الجلد والرجم حتى الموت. وخلال أول ندوة صحافية للحركة في كابول، أكد المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد أن الحركة ستحترم حقوق النساء ولكن في حدود "الشريعة الإسلامية".
يثير الوضع الجديد قلق كثير من الرياضيات الأفغانيات على غرار زكية خودادادي التي دخلت تاريخ الرياضة الأفغانية. كان من المفترض أن تصبح خودادادي أول امرأة تمثل بلادها خلال الألعاب البارالمبية في طوكيو.
"إنها أول مرة تمثل فيه رياضية أفغانستان في الألعاب الأولمبية وأنا سعيدة لذلك'' هذا ما صرحت به بطلة التايكوندو في 10 آب/ أغسطس خلال حوار في موقع اللجنة الدولية البارالمبية.
أما الآن وفي ظل سيطرة طالبان على الحكم، فإن الوفد الأفغاني لن يتنقل للمشاركة في الألعاب البارالمبية. وحسب الناطق باسم اللجنة الدولية البارالمبية كريغ سبنس، فإنه "بسبب الوضع السيئ الذي تمر به البلاد، تم إغلاق كل المطارات وسيكون من المستحيل (للوفد الأفغاني) الذهاب إلى طوكيو".
ومد رئيس الوفد الأفغاني أريان صديقي المستقر في لندن رويترز بمقطع فيديو تتحدث فيه زكية خودادادي عن وصول طالبان إلى الحكم. وتقول فيه الرياضية الأفغانية إنها تشعر أنها ''في سجن". وتعيش خودادادي حاليا مع أحد أقاربها ولا تريد المخاطرة بالخروج للتدرب أو للقاء صديقاتها.
"أرجو منكم جميعا، كل نساء العالم، المنظمات المعنية بحماية المرأة، الحكومات، ألا تتخلوا بهذه السهولة عن حقوق مواطنة أفغانية في الحركة البارالمبية" هذا ما دعت إليه خودادادي التي مازالت تأمل في إيجاد طريقة ما للمشاركة في الألعاب البارالمبية.
وأمام استحواذ طالبان على الحكم، تعددت ردود الفعل خصوصا وسط الرياضيين والرياضيات الأفغانيات. ومن بين الرسائل الأكثر إثارة تلك التي نشرتها العداءة كيميا يوسفي، حاملة العلم الأفغاني في أولمبياد طوكيو. وتساءلت يوسفي ما إذا ستكون الرياضية الأولى والأخيرة التي تحمل علم بلادها في الألعاب. وفي طوكيو، أقصيت الرياضية الأفغانية خلال تصفيات سباق مئة متر مثلما كان عليه الحال في ريو دي جانيرو 2016.
"وطني العزيز... كيف تركوك لوحدك. مواطني الأعزاء، وكل الفتيات القويات في بلادي...كان الله في عونكم" هذا ما كتبته يوسفي على حسابها في إنستاغرم. "لا أعلم ما إذا كانت المرة الأخيرة التي أحمل فيها علم بلادي في الألعاب الأولمبية. لا أعرف أصلا إن كنت سأشارك مجددا تحت هذا العلم والعدو في سباق باسم بلادي".
ويشارك حامل العلم الأفغاني لاعب التايكوندو فرزاد منصوري نفس مخاوف يوسفي. ودعا على إنستغرام بدوره إلى "الصلاة من أجل بلاده".
وتشعر خاليدة بوبال بنفس المخاوف وهي التي أطلقت سنة 2007 أول فريق وطني نسائي لكرة القدم في أفغانستان. وتعيش بوبال لاجئة في الدانمارك منذ 2016 بعد تلقيها تهديدات بالقتل وتحدثت من هناك عن مخاوفها من الوضع الجديد في حوار مع وكالة أسوشيتد برس. وتوضح بوبال أنها ترجت لاعبات البلاد الهرب ومغادرة منازلهن وعدم الوقوع في شباك جيرانهن الذين يريدون رؤيتهم في السجن.
"أشعر أن قلبي يتمزق لأنه بعد كل هذه الأعوام، عملنا لكي تظهر النساء في الواجهة والآن أطلب من كل نساء أفغانستان التزام الصمت والاختفاء. حياتهن في خطر، معظمهم غادرن منازلهن للعيش مع أهاليهن والاختباء لأن جيرانهن يعرفون أنهن لاعبات كرة قدم. إنهن يشعرن بالخوف. عناصر طالبان في كل مكان. ويتحركون في كل مكان ما خلف حالة من الخوف".
بعد لعبها مع الفريق الوطني، اعتزلت خاليدة بوبال كرة القدم في 2011 واكتفت بترويج كرة القدم النسائية في بلادها. وهي مهمة تستمر بها على الرغم من وجودها في المنفى بالدانمارك. وفي ظل حكم طالبان، تتخوف بوبال أيضا على السلامة الجسدية لمسؤولي كرة القدم الأفغان من الذين شجعوا النساء على ممارسة كرة القدم.
"نحن لاعبات كرة القدم كنا نريد تقديم وجه جديد لأفغانستان، والآن، تقتل النساء على الملاعب التي مارسنا عليها كرة القدم".
وتجد المخاوف على كرة القدم الأفغانية صدى في أوروبا. إذ تساءلت صحيفة ماركا الإسبانية الأربعاء 17 آب/ أغسطس في صفحتها الأول عن مصير الرياضيات في حدث نادر بالنسبة لهذه الصحيفة الرياضية قائلة "ما مصير تلك اللاعبات؟"
وتتحدث الصحيفة بالخصوص عن قصة نيلوفار بايات قائدة المنتخب الوطني الأفغاني لكرة السلة على الكراسي المتحركة.
وتقول هذا اللاعبة التي طلبت مساعدة اتحاد كرة السلة الإسباني: "نشعر بالخوف، أنا خائفة على حياتي، نريد مغادرة البلاد".
ويقول ديفيد بلوف المدير السابق لمنظمة "بلاي إنترناشونال" غير الحكومية وعضو اللجنة العملي في مركز البحث "رياضة ومواطنة في حوار مع صيحفة أواست فرانس: "من سوء الحظ، من الصعب ألا نكون متشائمين بخصوص مستقبل الرياضة الأفغانية. يمكن أن نفكر في رياضة المستوى العالي ولكن الكارثة الحقيقة هو حق السكان في الرياضة خصوصا من الفتيات". ويضيف بلوف: "لا يمكن للرياضيين المدرسيين أو في النوادي المغادرة. الفاعلون الأفغان في ميدان الرياضة -مثلهم مثل المنظمات غير الحكومية التي تتولى تطوير برامج رياضية واجتماعية- سيواجهون مصاعب جمة. الواقع مرعب: فتطوير الرياضة في البلاد في السابق كان صعبا وسيكون أكثر صعوبة غدا".
قد يهمك ايضًا:
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر