أوضح مصدر أمني أن المرسوم الخاص بالنظام الأساسي لموظفي المديرية العامة للأمن، الذي صادقت عليه الحكومة في اجتماعها الأسبوعي المنصرم، إنما هو "ثمرة مقاربة تشاركية ساهمت فيها مختلف المصالح المركزية واللاممركزة لمصالح الأمن الوطني، وهو أيضا نتاج ترصيد للعديد من التجارب الفضلى والممارسات الأمنية المتراكمة منذ سنة 1956، فضلا على أنه قانون تنظيمي يستحضر التطورات التي يعرفها المرفق العام الشرطي بالمغرب، وكذا يستشرف التحديات المستقبلية التي تتقاطع مع الوظيفة الأمنية".
وشدد المصدر على أن "منطلقات هذا النظام الأساسي الجديد تتمثل في توفير مناخ وظيفي واجتماعي سليم لموظفي الأمن الوطني، يضمن لهم تدبيرا رشيدا لمسارهم المهني، ويحقق لهم مكتسبات مادية ومعنوية تسمح لهم بالنهوض الأمثل بواجبهم المهني المتمثل في خدمة قضايا أمن الوطن والمواطنين، بينما مخرجات هذا القانون تتحدد في تمكين المؤسسة الأمنية من الانفتاح وتوظيف بروفايلات جديدة، في ميادين مختلفة وتخصصات متطورة، يكون بمقدورها المساهمة في تطوير العرض الأمني وكسب التحديات".
وزاد المصدر نفسه، غير الراغب في كشف هويته للعموم، أن الظهير الشريف بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية (24 فبراير 1958)، كما وقع تعديله وتتميمه، ينص في الفصل 22 منه على ما يلي: "يجب أن يتم التوظيف في المناصب العمومية وفق مساطر تضمن المساواة بين جميع المترشحين لولوج نفس المنصب، ولاسيما حسب مسطرة المباراة. وتعتبر بمثابة مباراة، امتحانات التخرج من المعاهد والمؤسسات المعهود إليها بالتكوين حصريا لفائدة الإدارة. استثناءً من أحكام الفقرة الأولى، يمكن للحكومة أن ترخص للسلطات المكلفة بالدفاع الوطني أو بالأمن الداخلي والخارجي للدولة بأن تقوم بتوظيفات بعد اختبار الكفاءات المطلوب توافرها في المترشحين دون إعلان سابق أو لاحق".
وتأسيسا على هذه الإحالة القانونية الصريحة التي تخول لمؤسسات محددة حق توظيف كفاءات دون الإعلان السابق أو اللاحق عن المباراة، شريطة اختبار كفاءتها، يخلص المصدر الأمني إلى أن الحكومة والإدارة لم تخالفا أحكام الدستور في معرض تنصيص المرسوم الجديد على إمكانية اللجوء إلى التوظيف المباشر كاستثناء وليس كقاعدة عامة، وذلك بعدما شدد هذا المرسوم في المادة 19 منه على أن التوظيف المباشر يكون في نسب محددة ومعدودة "كلما اقتضت الضرورة ذلك، شريطة مراعاة الشروط الواجب توافرها لولوج الأسلاك المذكورة".
فالأمر هنا يتعلق بإمكانية واردة على سبيل الاستثناء، محصورة في نسب تتراوح ما بين 3 و5 بالمائة في أسلاك الشرطة، شريطة أن تتوافر في المرشح كافة الشروط المطلوبة لولوج الوظيفة فيما يتعلق بالسن والصحة والشواهد الجامعية وغيرها. لكن هل هذه الإمكانية هي استثناء جديد أوجده المرسوم الأخير الذي صادقت عليه الحكومة في 23 ماي الجاري؟ وما هي الغاية من التنصيص على مثل هذه الاستثناءات؟ يتساءل المصدر ذاته.
اقرأ أيضًا:
العدوي واليعقوبي مُرشَّحان لخلافة عبدالوافي الفتيت على رأس وزارة الداخلية
يؤكد الأمني أن التوظيف المباشر في أسلاك الشرطة سبق أن كان مقررا بموجب الفصلين 4 و45 من المرسوم رقم 2. 75. 879 الصادر بتاريخ 23 دجنبر 1975 بمثابة النظام الأساسي الخاص بموظفي المديرية العامة للأمن الوطني المعدل في وقت سابق، الذي كان يخول للإدارة حق اللجوء إلى التوظيف المباشر في حدود العُشر من المناصب الشاغرة بخصوص سلك حراس الأمن، كما كان يسمح أيضا للإدارة بحق التوظيف المباشر بناءً على الشهادات بالنسبة للتقنيين المصنفين في السلالم 4 و6 و8 و10.
أما بخصوص الهدف من التنصيص على هذه الإمكانية، فليس هو ضرب مبدأ المساواة بين المترشحين، بل هو تكريس لمبدأ الاستحقاق المقرر دستوريا، لأن الأشخاص الذين يتم اختيارهم وفق هذه المسطرة تتوافر فيهم أصلا شروط الترشح للوظيفة، لكن تكون لهم مؤهلات علمية أو بدنية متطورة ومتقدمة، كأن يتم اختيار رياضيين أبطال في فنون القتال لشغل وظائف في مجموعات التدخل والقوات الخاصة، أو اختيار مهندسين ودكاترة في تخصصات متطورة يكون بإمكانهم المساهمة في تطوير الخدمات الأمنية وكسب التحديات المرتبطة بالتقنيات الحديثة.
وختم المصدر الأمني بتشديده على أن المرسوم الجديد، بمثابة النظام الأساسي لموظفي المديرية العامة للأمن الوطني، جاء بأحكام متطورة تخدم الشرطي والمواطن على حد سواء، بحيث أوجد أسلاكا جديدة يمكن للمترشحين الحاصلين على الشواهد العليا في الهندسة وعلم الأحياء والفيزياء، وغيرهم من الدكاترة، ولوجها بشكل مباشر، والارتقاء بعد ذلك داخل أسلاك الشرطة.
كما فتح المرسوم الباب أمام العديد من التخصصات الجديدة لولوج المرفق العام الشرطي بعدما كان القانون القديم يحصر سلك العمداء على خريجي القانون والاقتصاد، وبذلك كان يقصي عددا كبيرا من المواطنين من إمكانية الالتحاق بالوظيفة الشرطية.
وفي مقابل ذلك، فقد أوجد المرسوم الجديد ضمانات تحفيزية إضافية للموظفين للسماح لهم بالاضطلاع الأمثل بمسؤولياتهم وواجبهم إزاء أمن الوطن والمواطنين.
قد يهمك أيضًا:
"الداخلية" المغربية تستعد لإطلاق حركة تعيينات وتنقُّلات جديدة تستند إلى المقابلات الشفوية
وزارة الداخلية تعلن عن تفكيك 50 شبكة لتهريب البشر خلال السنة الجارية
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر