دمشق - المغرب اليوم
يواصل الناخبون في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري الثلاثاء الادلاء باصواتهم في الانتخابات الرئاسية المحسومة سلفا لصالح الرئيس بشار الاسد، فيما العمليات العسكرية على وتيرتها التصعيدية في مناطق عدة.
وجدد مسؤولون في دول غربية داعمة للمعارضة السورية التنديد ب"المهزلة" و"المسرحية" التي تجسدها الانتخابات الهادفة الى اعطاء شرعية للرئيس السوري الذي تطالب المعارضة بتنحيه عن السلطة والذي قامت الحركة الاحتجاجية ضده منتصف آذار/مارس 2011، قبل ان تتحول الى نزاع عسكري حصد اكثر من 162 الف قتيل.
في دمشق، بدا التناقض صارخا بين طوابير الانتظار امام مراكز الاقتراع وحلقات الرقص والغناء في الشارع تاييدا للاسد، واصوات انفجارات القذائف التي سقط العديد منها في شوارع العاصمة، والقصف المدفعي في محيطها والتحليق الكثيف للطيران الحربي في اجوائها.
وادلى الاسد بصوته في مركز اقتراع في حي المالكي الراقي وسط دمشق. ونشرت صفحة "سوا" الخاصة بحملته الانتخابية على موقع "فيسبوك" صورا له مع زوجته اسماء، باسمين، هادئين داخل المركز. ولم تنقل وسائل الاعلام اي تصريح للاسد.
وبث الاعلام الرسمي لقطات للمرشحين المنافسين ماهر الحجار وحسان النوري، وهما يدليان بصوتيهما في مركزين آخرين بدمشق.
وفتحت مراكز الاقتراع الساعة السابعة صباحا (04,00 تغ)، على ان تقفل مبدئيا الساعة السابعة مساء (16,00 ت غ)، مع احتمال تمديد مهلة الاقتراع. وتحدثت اللجنة القضائية العليا للانتخابات عن "اقبال (...) كبير جدا فاق كل التوقعات".
وافاد صحافيو ومصورو وكالة فرانس برس في دمشق وحمص (وسط) ان الناخبين توافدوا بكثافة، بينما بث التلفزيون السوري لقطات لمراكز الاقتراع من مناطق عدة بينها ريف دمشق والقنيطرة والسويداء (جنوب) ومدينتي ادلب (شمال غرب) ودير الزور (شرق) وطرطوس (غرب)، يؤكد فيها الناخبون ولاءهم للاسد وحماسهم للمشاركة في "العرس الوطني".
لكن باستثناء هذه التجمعات والمواكب السيارة التي رفع ركابها الاعلام السورية والصقت عليها صور الاسد وصدحت منها الاغاني الوطنية، بدت حركة السير في العاصمة خفيفة ودون المعتاد.
نظريا، تعد الانتخابات "اول انتخابات تعددية" في البلاد منذ نحو نصف قرن، لكن قانونها منع عمليا اي معارض مقيم في الخارج من الترشح. وتقام الانتخابات باشراف النظام الذي تطالب المعارضة برحيله، ما جعلها أشبه بعملية "تجديد المبايعة" للاسد، وهو التعبير الذي يتبناه كثير من الناخبين.
في مركز اقتراع اقيم في مدرسة الباسل في شارع بغداد وسط العاصمة، قالت هند الحمصي، ربة منزل (46 عاما)، "جرحت اصبعي لانتخب بالدم، احب وطننا ورئيسنا لانه الافضل".
وورقة الاقتراع كناية عن ملصق عليه صور المرشحين الثلاثة مع صورة الاسد الى اليسار، وتحت كل منها دائرة بيضاء يقوم بعض الناخبين بالبصم داخلها بالدم للتعبير عن وفائهم للاسد، بينما اكتفى آخرون بوضع اشارة تاييد.
في حمص، قال صالح علي مياسة (موظف، 50 عاما) لفرانس برس في مركز اقتراع ان "الحرب على الارهاب ستستمر في البلاد، لكنني اعتقد ان الوضع سيتحسن بعد الانتخابات"، مضيفا "نحن ننتخب لنبين للعالم ان الشعب هو من يختار قائده".
ودعي الى الاقتراع، بحسب وزارة الداخلية، 15 مليون ناخب يتوزعون على اكثر من تسعة الاف مركز اقتراع في مناطق سيطرة النظام، والتي يقيم فيها 60 بالمئة من السكان، بحسب خبراء.
ونقل التلفزيون السوري صورا لعدد من المسؤولين البارزين يدلون باصواتهم. وكان الغائب الابرز نائب الرئيس فاروق الشرع الذي تعود آخر اطلالة علنية له الى كانون الاول/ديسمبر 2012.
واعتبر وزير الخارجية وليد المعلم عقب ادلائه بصوته في مركز اقتراع داخل الوزارة، ان سوريا تبدأ اليوم بالعودة "الى الامن والامان من اجل اعادة الاعمار ومن اجل اجراء المصالحة الشاملة"، مضيفا "اليوم يبدا مسار الحل السياسي للازمة في سوريا".
على خط المعارضة، وصف رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية احمد الجربا في مقال نشر له الثلاثاء في صحيفة "واشنطن بوست" الاميركية، الانتخابات بانها "مزورة ونتيجتها محددة سلفا".
وقال "سيعلن الدكتاتور بشار الاسد للعالم هذا الاسبوع اعادة انتخابه كرئيس لسوريا. (...) الدكتاتور لا ينتخب، يجري انتخابات بالقوة والتخويف، وهذان هما الدافعان الوحيدان اللذان يرغمان السوريين على المشاركة في هذه المسرحية".
ورأى انه "ستكون لخطة الاسد تداعيات مهمة"، وان الانتخابات ستقدم له "واجهة شرعية سيحاول هو واربابه في موسكو وطهران استغلالها على الساحة العالمية"، مشيرا الى ان الطريقة الوحيدة للوصول الى حل سياسي هي تغيير ميزان القوى العسكري على الارض ومد المعارضة بالسلاح.
ودانت لجان التنسيق المحلية المعارضة الناشطة على الارض في بيان "من يؤيد هذا التصويت وسيشارك فيه طوعاً"، معتبرة انه "شريك للعصابة في ارتكاب الفظاعات". وناشدت السوريين مقاطعة الانتخابات "الهزلية"، رافضة كل ما يصدر عنها من نتائج.
دوليا، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ان السوريين الذين يصوتون مخيرون "بين بشار وبشار"، مجددا اسفه لهذه "المهزلة المأسوية". وقال ان "هذا السيد الذي وصفه الامين العام للامم المتحدة بانه +مرتكب جرائم ضد الانسانية+ لا يمكن ان يمثل مستقبل شعبه"، واصفا الاسد بانه "شخصية مقيتة".
واكد الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسين من جهته ان الانتخابات "مهزلة لا تحترم المعايير الدولية للشفافية والحرية"، مبديا ثقته بان "ايا من دول الحلف لن تعترف بنتائج هذا الانتخاب المزعوم".
ونقل مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن عن مندوبيه في مناطق مختلفة ان عناصر من اجهزة الامن "يجبرون المواطنين على اقفال محالهم التجارية وتعليق صور لبشار الاسد عليها"، مشيرا الى ان الناخبين "مضطرون للادلاء باصواتهم تحت طائلة التعرض للاعتقال او تحت وطأة الخوف من النظام".
ميدانيا، حصدت العمليات العسكرية العنيفة في ريف دمشق وريف حلب خصوصا مزيدا من القتلى والجرحى والدمار.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر