موسكو - وكالات
يقام في العاصمة البريطانية حاليا المعرض الاستعادي للفنان العراقي محمود صبري الذي عاش في روسيا وعشق موسكو وتأثر بالثقافة الروسية. وصدر في وقت واحد مع اقامة المعرض عن دار "الاديب" للنشر في عمان كتاب بعنوان "محمود صبري .. الفنان والمفكر" جمع مقالات الفنان حول مشاكل الفن التشكيلي العراقي وآفاق تطور الفن عموما في المستقبل وكذلك المقالات والذكريات التي نشرت عنه مع مجموعة كبيرة من لوحاته.
وينتمي محمود صبري (1927- 2012) الى جيل الرواد من الفنانين العراقيين الذين أسسوا المدرسة العراقية للفن التشكيلي ذات التيارات المختلفة في اعوام الخمسينيات من القرن العشرين ومنهم فائق حسن وجواد سليم وشاكر حسن آل سعيد وحافظ الدروبي وغيرهم.
جاء محمود صبري الى موسكو في عام 1960 والتحق بمعهد سوريكوف للفنون في ورشة فنان الشعب السوفيتي الكسندر دينيكا. وقال الفنان فيما بعد انه أراد ان يدرس تحت اشراف دينيكا الذي شاهد صورته " المدافعون عن بتروغراد" في احدى المجلات الانكليزية وأعجب بها منذ ان كان يدرس في قسم العلوم الاجتماعية في كلية فاربورو في بريطانيا.
علما انه بدأ بممارسة فن الرسم كهواية منذ ايام الطفولة ، ولم يحصل على التعليم الفني الاكاديمي إلا بموسكو بعد ان تجاوز الثلاثين من العمر . وقد شغل قبل هذا في بغداد منصب محافظ البنك المركزي ومدير مصلحة المعارض الوطنية. لكنه جذب الاهتمام في العراق بلوحاته ذات المواضيع الاجتماعية الصارخة عن حياة الفقراء وكادحي الريف ومأساة المومسات. وكان يؤكد دوما على أهمية الوظيفة الاجتماعية للفن وان الانسان هو الموضوع الرئيسي للوحاته.
ولهذا لا توجد في اعماله المناظر الطبيعية ولوحات الطبيعة الجامدة والزهور وهلمجرا. وكان يركز اهتمامه على رسم اللوحات الجدارية ذات المشاهد الواسعة مثل لوحته الضخمة "وطني" التي كان المقرر انجازها بالفريسكو ووضعها في ساحة التحرير في بغداد. وتركت دراسته في معهد سوريكوف آثارها في اسلوب الفنان الذي أحب اعمال استاذه واعجب بأساليب رسم الايقونات الروسية وكذلك بفن العمارة الروسية القديمة ولا سيما كاتدرائية فاسيلي البار في الساحة الحمراء . وبعد مغادرته موسكو استقر به المقام في براغ حيث واصل العمل وتواصلت مراحل نشاطه الفني وأعلن بيانه الشهير بعنوان " واقعية الكم " الذي دعا فيه الى ربط الفن بالعلم ورسم العديد من اللوحات في هذا الاتجاه.
ويضم المعرض الحالي في كاليري رويال اوبرا اركادي في لندن مجموعة من لوحاته التي تمثل مختلف مراحل تطوره الفني. وحضر افتتاح المعرض عدد كبير من ممثلي الجاليات العربية والمهتمين بالفن الاجانب. كما أقيمت ندوة باللغة الانجليزية وأخرى باللغة العربية عرض فيها فيلم وثائقي عن الفنان وتحدث فيها فنانون وباحثون عن أهمية أعمال هذا الفنان والفيلسوف الذي اضطر الى معاناة حياة الغربة والمنفى بسبب الاوضاع السياسية في وطنه العراق حيث وقف بحزم ضد النظام الدكتاتوري هناك.وتوفي ودفن في ضواحي لندن في عام 2012.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر