أدين بكل شيء للنسيان رصد للجزائر بعد الإستقلال
آخر تحديث GMT 02:28:24
المغرب الرياضي  -
المغرب الرياضي  -
آخر تحديث GMT 02:28:24
المغرب الرياضي  -

70

"أدين بكل شيء للنسيان" رصد للجزائر بعد الإستقلال

المغرب الرياضي  -

المغرب الرياضي  -

الجزائر - وكالات

ترصد الروائية الجزائرية، مليكة مقدم، في روايتها الأخيرة «أدين بكل شيء للنسيان» المتغيرات الاجتماعية والسياسية بالجزائر بعد الاستقلال، وما أفرزته من ظواهر اجتماعية سلبية وتأثيراتها على حياة الناس، وعبر ومضات لذاكرة البطلة المثقلة، تظهر الشروخ والتداعيات الخطيرة التي خلفتها التحولات السياسية حتى «العشرية السوداء». تحضر في نسيج الرواية آثار تلك التحولات التي أنتجت نوعا جديدا من العنف، جاوز العنف المتراكم على النساء والأطفال، ليمس فئات وشرائح كبرى، وظل في اتساع خطير أنذر بتفتيت مفجع لايزال متفعلا حتى الآن في بعض المناطق الجزائريّة، وتصوّر مقدّم من خلال شخصيّة بطلتها «سلوى مفيد»، تلك الأوضاع وحالات قهر النساء في مجتمعات تراها منغلقة. في روايتها -التي ترجمها السعيد بوطاجين ونشرتها الدار العربيّة للعلوم ناشرون- تمنح مقدم لبطلتها فرصة التعبير عن ذاتها وعالمها، فتعود الطبيبة سلوى مفيد بذاكرتها إلى الماضي الذي ظلت تجاهد للتخلص منه ونسيانه، لكن النسيان يعاندها، لتبقى رهينة المآسي التي رأتها وتعرضت لها في الصحراء -حين كانت طفلة- ومن ثم في مراحل تالية، قبل أن تنتقل إلى الدراسة في باريس والإقامة فيها. حادثة رؤية سلوى لخالتها «زهية» وهي تخنق المولود الذي كان سيشكل عارا على العائلة، ترسخت في ذاكرتها، وغيرت حياتها، هامَت بعدها على وجهها، ووصُفت في تيهها وهروبها ب «الهرّابة الصغيرة»، وظل توصيف الهرّابة ملازما لها حتّى بعد أن كبرت. تعود سلوى بعد عقود لتسترجع ما كان وتنبش في خلفيّاته وتستجلي الظروف المحيطة به، كأنها بصدد إجراء محاكمة «كافكاوية» لأمها، خالاتها وأهلها جميعا، لكنها تكتشف أن الزمن الذي يجدر به أن يداوي، يظل كاويا، حارقا للقلوب والأرواح معا. تشتري سلوى صمت ذويها بما تهبهم من أموال، مما يدفعهم إلى غض النظر عن تحرّرها، وحين تسأل أمها عن ملابسات الموضوع في مواجهة تظن بأنها ستحطم كل شيء، تبوح لها أمها بما تكتمت عليه طويلا، وتخبرها بأنه لم يكن لديهم أي خيار آخر لتلافي الفضيحة في مجتمع منغلق، وأقدموا على ما يجب أن يكون. تحكي الأم القصة بنوع من التبسيط، دون أي شعور بالإثم، وكأن التضحية بطفل وليد من أهون الأمور المتوقعة قياسا لهول ما يجري. الرواية تؤكد أن الشخصية التي تتمحور حولها لم تفلح في نسيان أي شيء، لذلك يكون دينها للنسيان أنه لم يتمكن منها ولم يمحُ ما اختزنته ذاكرتها. تجري الروائيّة نوعا من التعويم الزمني، بإجراء تداخلات بين الماضي والراهن، لترسل بمزجها الأزمنة رسالة مفادها التحذير من خطورة تكرار الماضي، وتنذر من مماثلة الغد للأمس، وما يمكن أن يجر على البلاد والعباد من ويلات محتملة. ثنائية الذاكرة والنسيان تتبادلان الحضور في المتن، بالموازاة مع حالات الارتياب والتوجس، إذ تتجلى الحالة التي تخبر بها في العنوان من جهة ما تدين به للنسيان محتلّة صدارة الاهتمام، في حين يبدو أنها تدين بكل شيء للذاكرة، لأنها لم تفلح في نسيان ما مرت به وما تعرضت له. ويكون العنوان حاملا لتورية وقلب للحالة، لأن ما يتبع في الرواية يؤكد أن الشخصية التي تتمحور حولها الرواية لم تفلح في نسيان أي شيء، لذلك يكون دينها للنسيان أنه لم يتمكن منها ولم يمحُ ما اختزنته ذاكرتها، مما شكل لها دافعا متجددا لتطوير ذاتها والاعتماد على نفسها مع حث خطاها نحو المستقبل بثقة تشحذها رهبة متعاظمة من الماضي. ومع ثنائيّة الذاكرة والنسيان، تتقدم ثنائية الشرق والغرب، فالطبيبة التي تعمل في مسشفى باريسي، وتعيش كامرأة متحضرة، تكون الذاكرة جسرا بين الشرق الذي تجاهد للهرب منه، والغرب الذي يعيدها إلى موطنها بشيء من الحنين القاسي. ولا تلبث أن تعود، حتى يصدمها الواقع مرة أخرى، كأن شيئا لا يتغير طيلة عقود، وكأن ثمة تحجرا في الأذهان، وكأن انعدام الحركة يكون ناتجا طبيعيا لانعدام الحيلة والوسيلة.

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أدين بكل شيء للنسيان رصد للجزائر بعد الإستقلال أدين بكل شيء للنسيان رصد للجزائر بعد الإستقلال



GMT 23:39 2019 السبت ,20 إبريل / نيسان

الإنذارات تجر حسنية أغادير إلى العقوبة

GMT 11:14 2019 الثلاثاء ,05 آذار/ مارس

مرزاق يعتبر استقالة الصويري متسرعة

GMT 18:14 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

كوبر يعلن تشكيل منتخب الفراعنة أمام أوغندا

GMT 23:58 2015 السبت ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عزيز العامري يستدعي 20 لاعبًا لمواجهة الوداد

GMT 11:44 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

محمد الشناوي يردّ مع "الفيديو" المُسرّب من الأهلي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib