بيروت - المغرب اليوم
توقع الدكتور آلان حكيم وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني، أن يرتفع الدين العام في بلاده إلى 73 مليار دولار في نهاية العام الجاري 2015، منبها من التداعيات السلبية للأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة على الاقتصاد اللبناني.
وقدر حكيم في حوار مع وكالة الأنباء القطرية "قنا"، ألا يتجاوز معدل التضخم في بلاده 1.5 في المائة العام الحالي موضحا أن سبب بقاء معدل التضخم في حدود مقبولة عند 2 في المائة العام الماضي يعود إلى عدم كفاية النمو وإلى هبوط أسعار النفط الذي كان له أثراً كبيراً في انخفاض معدل التضخم.
وشدد على ضرورة معالجة وإدارة الأزمة الاقتصادية الناتجة عن النزوح السوري إلى بلاده، لافتا إلى أن خسائر الاقتصاد اللبناني جراء هذا النزوح بلغ حوالي 7.5 مليار دولار بين عامي 2011 و2013 و3 مليار دولار العام الماضي 2014، في حين قد يبلغ 1.5 مليار دولار خلال هذا العام، مشيراً إلى صعوبة حصول لبنان على القروض من الأسواق العالمية نظرا للتصنيف الإئتماني المنخفض للدولة، منوهاً في الوقت عينه بالقطاع المصرفي اللبناني الذي لديه القدرة على سداد حوالي 80 في المائة من دين الدولة في ظل القوة والمتانة التي يتمتع بها.
وأكد أن الأحداث الأمنية والسياسية التي شهدتها البلاد في الآونة الأخيرة أدت إلى تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية الوافدة بنسبة 22.89 في المائة في العام 2013 لتبلغ 2.83 مليار دولار امريكي مقابل3.67 مليار دولار في العام 2012.
كما نوه بالتأثير الإيجابي لتحويلات المغتربين على اقتصاد بلاده والتي بلغت حوالي7.7 مليار دولار في العام 2014.
ورداً على سؤال حول توقعاته بشأن العجز في الموازنة اللبنانية بعد أن توقّع صندوق النقد أن يبلغ 10.2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في العام الجاري مقارنة بـ 11.5 في المائة العام الماضي، في حين يجب ألا يتجاوز عجز موازنة الحكومات نسبة 3 في المائة، قال لا يمكن إعطاء عجز دقيق للعام الجاري بغياب قطع حساب الموازنة، لافتا إلى ارتفاع العجز في موازنة العام 2014 بوتيرة أبطأ من السابق نتيجة انخفاض أسعار النفط، مستبعداً تدني نسبة عجز الموازنة إلى 3 في المائة نظراً للأوضاع المحيطة بلبنان ولانعدام الاستقرار الأمني والسياسي فيه.
وأكد أن انقاذ الاقتصاد اللبناني وفقاً للرؤية الاقتصادية لوزارة الاقتصاد والتجارة، يقوم على تأمين الحد الأدنى من الاستقرار السياسي وذلك عبر انتخاب رئيس للجمهورية في ظل شغور رئاسي منذ شهر مايو الماضي وتفعيل عمل البرلمان إلى جانب حل الملفات المتنازع عليها في مجلس الوزراء.
وأضاف، أن الخروج من الوضع الاقتصادي المتردي يتم من خلال وضع خطة لإصلاح القطاع العام إلى جانب تسهيل وتطوير العلاقات ما بين القطاعين العام والخاص، إضافة إلى خلق فرص وظيفية وتنظيم قطاع العمل خاصة في ظل النزوح السوري إلى لبنان حيث تنافس العمالة السورية اليد العاملة الوطنية.
وأشار وزير الاقتصاد اللبناني آلان حكيم إلى أن دعم الاقتصاد اللبناني يتم أيضا من خلال تسريع الخطوات الآيلة إلى استثمار الثروة النفطية اللبنانية.
وحول خطة الوزارة لزيادة الناتج المحلّي الإجمالي في لبنان بعد أن قدر صندوق النقد الدولي هذا الناتج بمبلغ 45.5 مليار دولار في 2014 مقارنة بـ44.3 ملياراً في العام 2013، أشار إلى أن خطة الوزارة لزيادة الناتج المحلي في ظل الظروف السياسية والأمنية غير المستقرة في البلاد تقوم على تحفيز الاستثمارات وتحسين الاستهلاك اللذان يشكلان أهم دعائم الاقتصاد اللبناني.
ورأى أن انخفاض سعر البترول له انعكاس ايجابي على الاقتصاد اللبناني بصفته بلداً مستورداً للنفط كون لبنان يدفع نحو 6 مليارات دولار سنوياً كلفة حرارية بين مشتقات نفطية لشركة الكهرباء، ولاستخدام السيارات والمنازل من مازوت وغاز وكاز وغيرها، لافتا إلى أن انخفاض الأسعار بنحو 40 في المائة سيكون له تأثير هام على مسار الاقتصاد، مؤكدا أن تراجع سعر برميل النفط سيؤدي إلى تحسين معدلات النمو الاقتصادي بالبلاد لأن المحروقات تشكل جزءاً أساسياً من كلفة النشاط الاقتصادي معتبراً أن تراجع هذه الكلفة يسهم في توفير موارد إضافية يمكن استخدامها لخلق فرص استثمارية جديدة داخل الاقتصاد وإيجاد فرص عمل تقلّص من حجم البطالة المتفاقمة. وأشار إلى أن من إيجابيات تراجع سعر النفط على اقتصاد بلاده هو تقليص العجز في الموازنة العامة حيث تتحمل الخزينة العامة عبء العجز الحاصل في مؤسسة الكهرباء الذي بلغ في نهاية 2013 ما يقارب 2 مليار دولار، موضحا أنه من المتوقع في حال حافظت أسعار النفط على انخفاضها أن يتراجع هذا العجز بمقدار 650 مليون دولار، وهو ما يسهم في تحسين اوضاع المالية العامة، وتقليص حجم الانفاق الجاري بحدود 5 في المائة، كما سيؤدي حتماً إلى الحد من زيادة العجز في الموازنة العامة.
وفي هذا السياق، شدد على أن كل ذلك شرط عدم تزايد الانفاق بصورة غير مدروسة كإقرار سلسلة الرتب والرواتب لزيادة رواتب موظفي القطاع العام من دون تأمين ايرادات كافية لهذه الزيادة.
وقال، إن انخفاض سعر النفط سيؤدي إلى تراجع العجز في الميزان التجاري اللبناني إذ بلغت قيمة المحروقات المستوردة في العام 2013 نحو 5 مليارات دولار، وفقاً لأرقام إدارة الجمارك ما يشكل24 في المائة من إجمالي السلع المستوردة وذلك على أساس متوسط سعر برميل النفط 109 دولارات، وبالتالي فان انخفاض الأسعار بمعدل30 في المائة سيؤدي إلى تقليص كلفة واردات النفط، ما يسهم في تراجع العجز بالميزان التجاري.
وأوضح، أن تراجع العجز في الميزان التجاري يخفف الضغط عن الليرة ويحافظ على ثبات سعرها ويحد من كلفة الحفاظ على إستقرارها لافتا إلى أن شراء المحروقات تتم بالعملة الأجنبية وبالتالي انخفاض سعر النفط من شأنه تمكين مصرف لبنان من زيادة حجم الاحتياطي بالنقد الأجنبي الموجود لديه.
وحول صعوبة حصول لبنان على القروض من الأسواق العالمية نظرا للتصنيف الإئتماني المنخفض للدولة، قال "إن القطاع المصرفي اللبناني سليم جداً ويتمتع بسيولة عالية قادرة على سد حوالي 80 في المائة من دين الدولة، وبالتالي لسنا بحاجة لقروض من الأسواق العالمية، إلا أنه في حال احتجنا لهذه القروض من الأسواق العالمية، سوف ندفع الثمن غاليا نظرا للتصنيف الإئتماني المنخفض للدولة".
واعتبر أن الأحداث الأمنية والسياسية التي شهدتها البلاد في الآونة الأخيرة ألقت بثقلها على ثقة المستثمر والمستهلك على حد سواء وهو ما أدى إلى انخفاض في حجم الاستثمارات الأجنبية الوافدة إلى لبنان بنسبة 22.89 في المائة للعام 2013 لتصل إلى 2.83 مليار دولار امريكي مقابل 3.67 مليار دولار للعام 2012، لافتا إلى أن هذا الإنخفاض يعود تحديدا إلى تراجع محفظة استثمارات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بالقطاع العقاري في ظل التوترات السياسية والأمنية التي تسود لبنان وسوريا.
وردا على سؤال حول خطط وزارة الاقتصاد والتجارة لتعزيز معدلات النمو في الناتج المحلّي الإجمالي الحقيقي التي من المتوقع ألا تتجاوز 2.5 في المائة العام الجاري مقارنة مع نسبة نمو 9 بالمائة خلال الفترة (2009 2010 )، أكد حكيم، أن خطة وزارة الاقتصاد والتجارة مبنية على محورين أساسيين هما دعم الاستثمارات التي ترتكز على تسهيل القروض للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تشكل حوالي 97 بالمائة من إجمالي الشركات اللبنانية ، الى جانب تحسين الاستهلاك الذي يقوم على تعزيز تنافسية عنصرين أساسيين هما السعر والنوعية.
ولفت في هذا السياق إلى أن تحسين تنافسية السعر تتم عبر تحرير القطاعات في حال وجود إحتكار إلى جانب زيادة المنافسة من خلال تشريع قانوني وخفض كلفة الدخول على الأشخاص الراغبين بالدخول إلى السوق، في حين يتم تحسين تنافسية النوعية من خلال التأكد من حسن تطبيق برامج الجودة المدعومة من قبل الاتحاد الأوروبي .
وأشار إلى أن من أبرز المهام التي تقوم بها وزارة الاقتصاد والتجارة هو تحسين الإستهلاك اللبناني والحرص على سلامة الغذاء إذ تقوم بمراقبة الأسعار وتنظيم زيارات كشف على كافة الأراضي اللبنانية ومعاقبة المخالفين لقانون حماية المستهلك والأنظمة النافذة، مؤكداً على أنه من أولوياتنا دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتحسين تنافسيتها حيث قامت الوزارة بإطلاق "الاستراتيجية الوطنية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة: خريطة طريق نحو العام 2020". وأوضح أن هذه الاستراتيجية مبنية على رؤية طموحة وهي تعزيز فرص قيام مؤسسات صغيرة ومتوسطة قادرة على المنافسة عالمياً لتسهم في خلق فرص عمل وتطوير اقتصاد ذي قيمة مضافة عالية.
وأشار إلى أن تطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يتطلب العمل على ستة محاور استراتيجية وهي مساعدة قادة الأعمال على تطوير ثقافتهم في مجال إدارة تلك المؤسسات وتأمين التمويل اللآزم وتسهيل النفاذ إلى الأسواق الاجنبية وتعزيز التنافسية. كما يتطلب تطويرها ايضا تنمية القدرات والطاقات الإبتكارية وتطوير بيئة أعمال مؤاتية إلى ايجاد آليات تنسيق فاعلة بين الأطراف المعنية في القطاعين العام والخاص