الرباط - المغرب اليوم
وسط دمار زلزال تركيا، وجد أيوب الكعبي نعمة تتخفى في طيات النقمة، لم يكن المغربي يحلم بالوصول إلى ما حققه مع أولمبياكوس، حين ضرب تركيا زلزال مدمر فرض عليه مغادرة فريقه هاتاي سبور والبحث عن بديل آخر، ليدخل على الخط نادي السد القطري، الذي لم يكن سوى محطة عابرة نحو المجد مع أولمبياكوس اليوناني.
هناك، كتب الكعبي فصلًا جديدًا في التاريخ، حيث قاد الفريق إلى أول تتويج أوروبي له، ليصبح أول فريق يوناني يحقق اللقب القاري ويتوج هدافا تاريخيا للمسابقة بـ11 هدفا في الأدوار الإقصائية، متجاوزا ألمع نجوم الساحرة المستديرة.
بين شوارع البيضاء ومدرجات المستطيل الأخضر، لمع أيوب الكعبي كالنجم الذي يعكس الحلم الكروي بكل تفاصيله، وُلِد في 25 يونيو 1993 في مدينة الدار البيضاء، ومنذ طفولته كان شغفه بكرة القدم لا يضاهى، كانت أزقة الدار البيضاء ملعبه الأول، حيث صقل مهاراته وأظهر موهبته الفذة التي أذهلت كل من شاهده، كانت الشوارع محطة هامة في مشواره نحو النجومية، حيث تعلم فنون اللعبة وأسس لرحلته نحو القمة.
رحلة أيوب الكعبي في عالم كرة القدم لم تكن مجرد رحلة احترافية فقط، بل هي قصة عنوانها الكفاح والإصرار، تدرج الكعبي سلم النجاح والتألق بخطوات متدرجة لكن ثابتة، إذ بدأ مشواره في كرة القدم في نادي الراسينغ البيضاوي حيث ترعرع هناك وتعلم أبجديات الساحرة المستديرة، وبالعمل والإصرار لصقل موهبته الكروية، شغل عدة مراكز في الميدان، بدأ باللعب في مركز الظهير الأيسر للفريق الرديف للراسينغ البيضاوي، قبل أن يصعده المدرب إلى الفريق الأول ويتوسط الخط الدفاعي للفريق، ثم ينتقل إلى خط الهجوم، ليقود الراسينغ البيضاوي إلى الصعود لقسم الأضواء من البطولة الاحترافية، بعدما سجل 25 هدفا خلال موسم 2016-2017 في الدوري المغربي، وهناك أظهر الكعبي موهبته الفذة وسرعان ما جذب أنظار الأندية الكبرى.
انتقل الكعبي إلى نهضة بركان، وشكل نقطة تحول مهمة في مسيرته بعدما بصم على مستوى متميز مع الفريق “البرتقالي”، لفت إليه الأنظار كما النقاد، وهو ما عبد له الطريق نحو المنتخب المغربي الذي دخل إليه من أبوابه الواسعة، بعد دعوة من الإطار الوطني جمال سلامي، الذي كان على رأس العارضة الفنية للمنتخب المغربي للمحليين سنة 2018، ليشارك مع العناصر الوطنية في كأس إفريقيا للمحليين، والذي كان لحظة فارقة في مسيرته بعد ما قاده إلى تحقيق اللقب بتسجيل تسعة أهداف، جعلت منه هدافا لـ”الشان”، وأفضل لاعب في المسابقة، خاطفا أنظار كل متتبعي الشأن الكروي المحلي والدولي.
كل مناسبة يحمل فيها الكعبي قميص المنتخب الوطني، تكون فرصة لتجسيد إصراره وتفانيه الدائم لتحقيق حلمه، ودائما على أهبة الاستعداد لإثبات مهاراته وفنياته، ومن هناك بات الكعبي نجما ساطعا في سماء كرة القدم المغربية، حيث شكل الاستثناء بمشاركته مع المنتخب المغربي في كأس العالم روسيا 2018، وكان اللاعب المحلي الوحيد الذي شارك في “مونديال” روسيا إلى جانب حارس المرمى رضا التكناوتي، حيث لعب الكعبي مع المنتخب مباراتين في كأس العالم، أمام إيران والبرتغال ما رفع من قيمته التسويقية.
ودخل على الخط نادي هيبي فورتين الصيني، الذي قدم عرضا رسميا للمغربي لتعزيز صفوفه بخدماته وهو ما تأتى له حيث كانت الصين أوّل تجربة احترافية خارج المغرب للكعبي، قبل أن يعود إلى الدوري المغربي من بوابة الوداد الرياضي.
قبل انضمام أيوب الكعبي إلى أولمبياكوس، لم يحظ بمسيرة مستقرة، فهو عانى الأمرّين كي يفرض نفسه بطريقة تسمح له بالانضمام إلى نادٍ أوروبي كبير.
قبل وصوله إلى اليونان الصيف الماضي، لعب الكعبي موسمين مع هاتاي سبور التركي الذي كان ثاني محطات احترافه، وخلال مسيرته في تركيا سجل أيوب الكعبي 26 هدفا في 55 مباراة، قبل أن يسدل الستار مبكرا عن موسمه الثاني، بعدما ضرب تركيا زلزال مدمر حتم على فريقه الانسحاب من الدوري، ما فرض على الكعبي البحث عن فريق آخر لإنقاذ موسمه ومواصلة زخمه الكروي، حيث انتقل إلى السد القطري الذي شارك معه في 13 مباراة سجل خلالها ستة أهداف.
الحلم الأوروبي ظل يراود أيوب الكعبي، حتى تأتى له الانتقال إلى أولمبياكوس اليوناني، الذي سجل معه ظهورا متميزا وأداء لافتا في أوروبا، جعله في وصافة ترتيب هدافي الدوري بسبعة عشر هدفا، ويتبوأ ترتيب هدافي دوري المؤتمر الأوروبي بـ11 هدفا.
وبات الكعبي رمزًا للتفاني والإبداع في عالم كرة القدم، مسيرته التي بدأت في شوارع البيضاء وصلت إلى أكبر المنصات الأوروبية مصدر إلهام للكثير من الشباب الواعد، أهدافه الحاسمة وإنجازه التاريخي مع أولمبياكوس، جعلا منه نجما ساطعا في سماء الكرة، يضيء درب الأجيال القادمة بلمعان موهبته وروحه القتالية.
قد يٌهمك ايضـــــاً :
أيوب الكعبي يحقق رقم قياسي رفقة المنتخب المغربي
نهضة الزمامرة يفرض التعادل السلبي على الوداد بالدوري المغربي