لندن - المغرب اليوم
وجود فضاء خاص للإسترخاء والراحة بعيداً عن ضغوط الحياة اليومية ومتطلباتها المتجددة، أصبح هدفاً رئيسياً لسكّان المدن كما هو لسكّان الأرياف، وليس غير الطبيعة، كملاذ، لإستلهام وابتكار مساحة تنبض بالحياة الطبيعية وترفد يوميات الفرد بصيغ متنوعة من المتغيرات التي تؤمن له الراحة والتأمل والإبتعاد عن إيقاع التسارع واللهاث. إنه الفضاء الذي يمكن لنا تحقيقه، متجاوزين عقدة المكان وقوانينه.
في الأدوار العليا كما في الأدوار الأرضية تستوطن الأزهار والنباتات مساحات منسقة بأساليب متعددة، عفوية وبسيطة أو مدروسة ومركبة، طريفة وغريبة أم جدية وصارمة.
ولكنها كلها تستهدف الإنسان وتوفير متطلباته من الراحة والإستقرار والتوازن، والرفاهية المؤكدة أيضاً.
وإنطلاقاً من هذا المنظور، تدافع المصممون والمعنيون، الى ابتكار نماذج وحلول تحول احلام البعض الى حقيقة... فكان مهرجان Jardin Jardin الخاص بحدائق الشرفات والسطوح نموذجا عمليا لكل تلك الأحلام.
حديقة «تويلري» Tuileries الباريسية تحولت الى مسرح تمظهرت فيه كل أساليب الإبداع. لقد عمد المصمّمون مبدعو المناظر الطبيعية والحدائق الى ابتكار سينوغرافيا مثيرة غنية بالتصورات الحديثة لحدائق يمكن تنفيذها بشكل كامل أو استنساخ أجزاء منها داخل شرفة أو سطح أو تيراس تنبت فيه حديقة وذلك بغض النظر عن المساحة، فبرزت أنماط خيالية غريبة وأخرى بسيطة تحمل في تنسيقها طابعاً عملياً جميلاً ومريحاً يلبي الكثير من الحاجات ويرضي كل الأذواق.
سيناريوهات كثيرة قدّمها المهرجان، بعضها يحمل طابع الدعابة والفنتازيا، ذاهباً في اتجاهات غير مألوفة ولا تخطر ببال، تدعمها أنواع هائلة من الأزهار والنباتات والبقول، إضافة إلى قطع أثاث مميزة وعناصر إضاءة وأكسسوارات، منحت لتصاميم الحدائق اكثر من طابع، وبرزت منها حديقة مستوحاة من أجواء المكتب، وأخرى تطرح من خلال معالجتها الرشيقة موضوع الليل والنهار، ثم حديقة ترمز إلى لعبة الأحجام، إلى غير ذلك من مواضيع تثري عالم تنسيق حدائق الشرفات والسطوح المنزلية وفضاءاته الخضراء بأكثر من صورة .
حديقة مكتب
حديقة متفردة في فكرتها تخرج عن المألوف تم تنسيقها على شكل مكتب، يترك للطبيعة أن تنمو في داخله لترفده بجو مريح.
وتتوزع داخل هذه الحديقة فضاءات مختلفة، منها صالة للإجتماعات، رحبة و مضيافة، منسقة بطاولة تزين وسطها شتلات من النباتات الجميلة والخضار. فهذا المكتب الذي يستظل شجرة كبيرة وارفة،في فضاء واسع يحتضن كنبة محاطة بالنباتات، ويمثل هذا التصميم نمطا لا نموذجياً من الحدائق التي تكسوها نباتات برية وورود بيضاء، تعكس جواً وادعاً مسكوناً بالهدوء.
حديقة الأشكال والأحجام
حديقة برونق متميز وغير مألوف تلعب فيها الأحجام والأشكال، تتطور وتتبدل مناخاتها بأسلوب قابل للتخصيص لكي تصبح حديقة متفردة، تترك المجال واسعاً لحرية الإبتكار والتعبير.
يمكن تصميمها وتأهيلها بعنصر محدد من النبات أو تزويدها أنواعاً مختلفة متناغمة مما يمنح الحديقة طابع لوحة فنية، تتغير ألوانها بتغيّر الفصول.
حديقة الليل والنهار
حديقة بوجهين مختلفين يذكّران بالنهار والليل. الجانب الذي يذكر بالنهار طُرزت أجواؤه بإيقاعات من الأخضر والأبيض مما جعل مناخها منعشاً مليئاً بالنعومة، مع نافورة للماء وجدران نباتية، فهذه الحديقة تفتح ذراعيها للمواد الطبيعية الخام النبيلة وذلك لكي تترجم بأسلوب معاصر صورة أخرى للحدائق المنزلية.
بينما الوجه الآخر من هذه الحديقة الذي يحمل موضوع المساء فقد تم تنسيقه بأسلوب مشبّع بالضوء الذي يسلط نوره على تفاصيل محددة من الحديقة، عاكساً بذلك مناخاً متفرداً وغامضاً. فهذا الفضاء يسمح باكتشاف الحديقة من الناحية الرومانسية بما يتكامل مع روعة حديقة النهار.
حديقة السياج
طابع يحمل أجواء صناعية باهرة مصاغة من سياج خمّ الدجاج حيث تلبس الحديقة بهذه المادة بأسلوب زخرفي معاصر.
فالسياج المعدني يأخذ شكلاً تستطيع من خلاله النباتات أن تتسلق وتنمو داخله وخارجه وبشكل متطور ومتغيّر يخرج عن المألوف، فالمواد المستخدمة في هذا الديكور من الحدائق تأخذ أشكالاً منحوتة تضاء عند هبوط الليل بنور أبيض باهر في سينوغرافيا مثيرة ومدهشة.