القاهرة ـ شيماء مكاوي
أكد عدد من الخبراء النفسيين والتربويين أن مشاهدة الأطفال لأحداث الاشتباكات التي تحدث جراء المظاهرات في الشارع المصري تمثل خطرًا على سلوكهم في الحاضر والمستقبل، وكشف أستاذ علم النفس الدكتور عبد المنعم شحاتة لـ"مصر اليوم" أن 90 % من الأطفال الذين يشاهدون الاشتباكات التي تحدث جراء التظاهرات يصبحون أكثر عدائية وعنفًا عن غيرهم، بينما أكد أستاذ علم الاجتماع الدكتور أحمد زايد على ضرورة منع الأطفال من مشاهدة ما يحدث من أحداث من اشتباكات وعنف ووحشية حتى لا ينشأ الطفل وهو لا يشعر بالانتماء المجتمعي، مشيرًا إلى أن المرسة عليها دور كبير من خلال عمل حلقات توعية للطفل، ومن جانبه أكد الأخصائي النفسي السلوكي الدكتور عبد الله مزيد أن الخطورة في هذه المشاهد والأحداث أنها تؤثر على الأطفال تأثيرًا داخليًا لتشكل جزءًا من شخصياتهم، وتنعكس سلبًا على تصرفاتهم وسلوكياتهم واتجاهاتهم، مسببة خطرًا على حاضرهم ومستقبلهم. يقول أستاذ علم النفس الدكتور عبد المنعم شحاته :للأسف ما يحدث الآن في الشارع المصري وباقي الدول العربية يؤثر لا ريب في تنشئة الأطفال وتكونهم النفسي، فبعد أن كنا نحرص على عدم مشاهدة الطفل لأفلام العنف في الماضي، الآن لا يمكننا منعهم من مشاهدة الأفلام الواقعية التي تحدث من تظاهرات أولًا واشتباكات ومعارك بعد ذلك، والطفل بطبيعته يتفاعل مع الأحداث المحيطة به وإذا رأى والديه متفاعلين مع الأحداث التي تحدث فبالتأكيد سيتأثر ، فعلى سبيل المثال ما حدث مؤخرًا من انقسام في الشارع المصري، واشتباكات بين الإخوان المسلمين وبين الثوار من جهة أخرى سينعكس على الطفل، إذا كان والديه من مؤيدي الإخوان او من مؤيدي الثوار سيتقمص هو دور والديه ويتفاعل مع أصدقاؤه في المدرسة ومن الممكن أن يحدث بينه وبين أصدقاء له اشتباكات أيضًا وعنف بسبب أن صديقه من مؤيدي الجانب الآخر (فصديقه مثله تأثر كذلك بما يحدث وبوجهة نظر والديه) ، ويضيف شحاته أن هذا الأمر أصبح في غاية الخطورة ولكننا للأسف نتجاهله ولا نعرف مدى عواقبه، فعلى الوالدين ان يلاحظا سلوك أبنائهم بإستمرار وأن أي أحداث عنف أو شغب مثلهم مثل مشاهدة فيلم به إثارة وعنف بالضبط بل أكثر خطورة لأنه يحدث على أرض الواقع ، فلابد على الأقل أن يكون النشء" الأطفال" منضبطين في سلوكياتهم حتى نخلق مجتمع سوي لكن بهذه الطريقة لن نستطيع خلق مجتمع سوي على الإطلاق. ويؤكد شحاته أنه لعلاج هذه المشكلة لابد ألَّا يشاهد أطفالنا هذه الأحداث وأن نتجنب مشاهده الأخبار أمامهم وإذا صادف أن شاهدها فعلينا أن نقول له أن من يشتبكون مع بعضهما البعض ليسوا بالأصحاء ولا نبدي أمامهم انحيازنا إلى أي منهما ضد الآخر بل على العكس تمامًا نصف كلاهما بالخطأ وبالوحشية، من هنا فنتفادى أن نخلق طفلًا عدوانيًا تجاه أصدقاؤه ورفقاؤه، وإذا شاهد أي اشتباك في مدرسته بين أصدقائه سيصفهم كلاهما بالخطأ وسيحاول تهدئة الأمر بينهما. ويقول أستاذ علم الاجتماع الدكتور أحمد زايد: منذ انطلاق ثورة يناير والثورات العربية الأخرى وأنا أشدد على أثر ذلك على تنشئة الأطفال وسلوكهم المجتمعي، فقد شاهدنا جميعا أحداث ما اعتتدنا أن نشاهدها في الماضي، كما أن أطفال اليوم مختلفين تمامًا عن الأطفال في الماضي، فالتكنولوجيا جعلت من الطفل أكثر نضوجًا ووعيًا بما يحدث من حوله من أحداث، وأصبح للطفل حساب خاص على الفيس بوك وتويتر يعبر فيه هو الآخر عن رأيه، فأحداث الثورات التي حدث والتي تحدث بها الكثير من أفعال العنف حتى أنني بدأت ألاحظ عندما أسير في الشارع أن اطفال المدارس يشتبكون بالأيدي ويقذفون بعضهما البعض بالحجارة مثلما يحدث تمامًا في المظاهرات التي تحدث، وأشاهد أيضا أطفال في عمر الـ 10 سنوات أو 12 سنة يتحدثون عن السياسة وما يحدث من أحداث متلاحقة، وهذا أمر في غاية الخطورة لأن التنشئة الاجتماعية للطفل لها العديد من السمات والقواعد التي يجب على الوالدين والمدرسة مراعتها ، فالبيت هو المجتمع الأسري للطفل ، والمدرسة تعتبر المجتمع التربوي للطفل ولكل منهما دوره في تنشئته الاجتماعية، ففي المنزل لابد من منع الاطفال من مشاهدة ما يحدث من أحداث من اشتباكات وعنف ووحشية، حتى أننا نمنعه من مشاهده الأخبار وإذا أردنا أن نشاهد نحن الأخبار ونتابعها يكون ذلك بمعزل تماما عن الطفل، وإذا رأيناه يتتبع هذه الأخبار نشغله عن ما يحدث.. هذا في المنزل، وعلى المدرسة ان يكون هناك حلقات توعية للطفل على ان ما يحدث من عنف واشتباكات خطأ ومن الأفضل إذا أردنا شيئا من الآخر أن نتحاور معه ولم نشتبك معه بمعنى أن نؤكد على لغة الحوار والتفاهم والنقاش البناء بينه وبين أصدقائه بدلًا من الاشتباكات وتبادل أفعال العنف، مؤكدا أنه في حالة عدم فعل ذلك في تلك الفترة الصعبة التي نمر بها سنخلق طفلًا إما عدوانيا أو منعزلًا ولا يشعر بالانتماء المجتمعي . أما الأخصائي النفسي السلوكي الدكتور عبد الله مزيد فيقول : في الحقيقة أن ما يحدث الآن يؤثر على الكبار فما بالنا الحال بالنسبة للصغار ، فإذا كنا نحن الكبار سلوكنا قد تغير وتصبحنا أكثر عدوانية بسبب مشاهده تلك الاشتباكات والعنف المتزايد في الشارع المصري، وأصبحنا نتشاجر على أتفه الأسباب، فنذهب إلى عملنا وإذا وجدنا من لا يؤيد وجهة نظرنا نتشاجر معه بل يصل الأمر أحيانا للضرب والسب لتوصيل وجهة نظر معينة للآخر، وقد تحول الأمر بنا بدلًا من المناقشة والحوار إلى المشاجرة من أجل أن نقنع الآخر بأفكارنا، فما يحدث لنا يشكل خطورة علينا وعلى المجتمع بأكمله فسلوك الأفراد بمختلف أعمارهم قد تغير وأصبح اكثر عدائية وعنف، أما بالنسبة للأطفال فمن الطبيعي أيضًا أن يتأثروا بما يحدث من أحداث عنف يشاهدونها على شاشة التلفزيون أو في الشارع عند ذهابهم للمدارس وتأثر الأطفال بهذه الأفعال أمر في غاية الخطورة للاسف، لأن الخطورة في هذه المشاهد والأحداث أنها تؤثر على الأطفال تأثيرًا داخليًا لتشكل جزءًا من شخصياتهم، ولتنعكس سلبًا على تصرفاتهم وسلوكياتهم واتجاهاتهم، مسببة خطرًا على حاضرهم ومستقبلهم ، ولابد أن نعي خطورة هذا الأمر جيدًا ونحاول معالجته مع الأطفال وتحول سلوكهم إلى السلوك الإيجابي بدلًا من السلبي حتى لا نخلق أطفالًا عدوانيين وعنيفين وتكون العدوانية والعنف وسيلتهم الأولى في التعبير عن آرائهم ومعتقداتهم.