الدوحه - قنا
في إطار تنفيذ خطة المعهد الدبلوماسي في وزارة الخارجية في مجال إعداد البحوث والدراسات العلمية في مختلف المجالات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية للعام 2013 أصدر المعهد دراسة جديدة بعنوان "الإسلام والدبلوماسية: قراءة في القيم الدبلوماسية في الإسلام". وتقع الدراسة في فصل تمهيدي وأربعة فصول موضوعية تنتهي بجملة توصيات عملية نحو تأصيل علمي لعلاقة متكاملة بين الإسلام والأعراف الدولية في النشاط الدبلوماسي. وتتناول الدراسة في الفصل الأول موقف الشريعة الإسلامية من موضوع النشاط الدبلوماسي، وتؤسس في بداية الدراسة لموقف فقهي ضروري معزز بالأدلة حول موقف الإسلام من بناء العلاقات الودية مع مختلف شعوب الأرض على أساس من العلاقات الدولية والاحترام المتبادل. وتناقش الدراسة باستفاضة ما طرحه المتطرفون حول قسمة العالم إلى فسطاطين وتقدم الأدلة الشرعية القاطعة على موقف الفقه الإسلامي المتطور من العلاقات الودية مع بلدان العالم، رافضة المنطق العدائي للعلاقات الدولية على أساس مفهوم خاطئ للجهاد، كما ترفض أيضاً منطق صدام الحضارات الذي يتبناه متطرفون غربيون. ثم تمضي الدراسة في قراءة تاريخية متتالية لتطور النشاط الدبلوماسي بدءاً من عصر النبوة وسفراء النبي الكريم ونجاحاتهم الكبيرة إلى النشاط الدبلوماسي في عصر الراشدين والأمويين والعباسيين، وتسلط الضوء على عدد من الكفاءات الدبلوماسية الفريدة التي ظهرت في تاريخ الإسلام. كما تخصص الدراسة باباً خاصاً للحديث عن مشاركة المرأة في الحياة الدبلوماسية في الإسلام، وتركز بشكل خاص على مسائل تخص مشاركة المرأة كالمصافحة والنقاب والسفر بدون محرم، وهي مسائل لا بد من معالجتها فقهياً حتى يتوفر للمرأة بيئة مناسبة للعمل الدبلوماسي وفق قيم الشريعة. وتناولت الدراسة جوانب فقهية هامة في الحصانات الأربع للدبلوماسي، وهي: الحصانة القضائية والمالية والسياسية والشخصية، وقدمت مقاربات منهجية بين التراث الفقهي والأعراف الدولية في شأن الحصانات. كما تناولت الدراسة مقاربة فقهية هامة فيما يتصل بالملحقيات التجارية والعسكرية والثقافية، وأشارت إلى عدد من هذه الملحقيات التي ظهرت في بلاط الخلفاء في العصور الإسلامية الأولى. وأفردت الدراسة فصلاً خاصاً للحديث عن سفارة الحج ومزاياها، وقدمت مقترحات هامة لتطوير هذه السفارة وتجديد دورها الفعال في التواصل والتكامل بين أبناء الدول الإسلامية. وفي الفصل الثاني تناولت الدراسة القيم الدبلوماسية في الإسلام، من آداب السفراء ومبدأ المعاملة بالمثل ومسؤولية السفير بين وطنه وأرض إقامته، كما أشارت إلى المسؤوليات الخاصة للدبلوماسي حين يعمل في بلد يختلف في اعتقاده وتقاليده عن القيم الإسلامية. وفي الفصل الثالث تناولت الدراسة جوانب من الدبلوماسية في الكتاب والسنة، واستعرضت سفراء الرسول الكريم والنجاحات التي حققوها من خلال عملهم الدبلوماسي، والعبقرية التي تجلت في تعيينات الرسول الكريم لسفرائه الموفقين. كما تناولت الدبلوماسية النبوية في حل النزاعات ووقف الحروب، من خلال استعراض عدد من مواقف النبي الكريم التي كان ينزع فيها إلى الدبلوماسية ويقاوم نزعة الحرب. وفي الفصل الرابع تناولت الدراسة المشترك بين الدبلوماسية الحديثة وبين القيم الدبلوماسية في الإسلام، مؤكدة على أن الأصل في الإسلام هو التشارك في البناء الحضاري وليس التصادم والصراع، وأن الحضارة الحديثة هي حضارة إنسانية ضمت كل الحضارات البشرية، وأن الإسلام لا يسعى إلى صدام الحضارات وصراعها، وإنما يسعى للإخاء والحضارة الإنسانية الواحدة. وخلصت الدراسة إلى جملة من التوصيات الهادفة إلى تطوير العمل الدبلوماسي العربي والإسلامي وفق رؤية متكاملة بين اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية والقنصلية وبين الجانب المضيء من الفقه الإسلامي المستنير الذي أكد على هذه الحقائق. وتمثل الدراسة إسهاماً جديداً للمعهد الدبلوماسي يقدمه للمكتبة الدبلوماسية العربية، وفق رؤية معززة بالأدلة العلمية والدراسة الموضوعية.