المنامة ـ بنا
شهدت البحرين في الآونة الأخيرة العديد من حوادث إحراق المدارس التعليمية ، وهذا ما شاهدناه وسمعناه عبر وسائل الإعلام ، والسؤال الذي يطرح نفسه ، ما هو الذي يدفع هؤلاء الشباب إلى القيام أو الشروع في حرق المدارس ، والرغبة في التصاق هذه الظاهرة الخطيرة بهم . عندما نحاول أن نتعرف على السبب المحرك للقيام بإحراق المدارس نرى أنه ينحصر في أمرين لا ثالث لهما أما الرغبة منهم في إشعال فتيل الفوضى والفتنة أو استعراض عضلاتهم أمام أصدقائهم . لكن ما يجهله هؤلاء الشباب بأن مغبة هذا الفعل وخيمة لما يترتب عليها من مسئولية كبيرة تزج مرتكبيها في ويلاتها ، نظرا لكون عقوبتها تعد من العقوبات التي غلظها المشرع البحريني لما لها من خطر يهدد وقد يطال القاطنين والمارة والعاملين بالمنطقة التي وقع فيها الحريق ، ولذلك تم إدراج جرائم الحريق العمد من ضمن جرائم الخطر العام وهذه التسمية كامنة في خطورتها . ويجب على هؤلاء الشباب الجلوس مع أنفسهم والتفكير ملياً حتى قبل محاولة القيام بأي فعل يهدد حياتهم ومستقبلهم مثلما يهدد حياة وأموال الآخرين ، فماذا كان سوف يعمل هؤلاء الشباب لو كان يوجد أحد داخل المدارس التي أحرقوها ألن يندموا على ما قاموا به ، ألن تعصرهم الحسرة لكونهم دمروا مستقبلهم ألن يقوموا بجلد الذات إذا أدى حريقهم إلى إيذاء أو إزهاق روح أحد الأبرياء . ومن يفكر في الإقدام على مثل هذا الفعل سوف يثنى نفسه عنه إذا فكر في إحدى الأمور السابقة ، أيها الشباب ، إن هذا الأمر يحتاج إلى جلسة تدبر لمراجعة الحسابات بتأني وسوف تعلمون بلا شك بأن هذا الطريق الذي شرعتم على السير فيه خطوة تلو الأخرى لن يكون مثواه غير السجن ، لذلك نبين لكم عقوبات جريمة الحرق العمد والتي تصدى لها المشرع البحريني بإفراده باب خاص بها لكونها من جرائم الخطر العام أي التي قد يمتد خطرها ويطال كل شي من ناس وممتلكات عامة وخاصة ، حيث نصت المادة (277) من قانون العقوبات البحريني على أنه (يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات من أشعل حريقا من شأنه تعريض حياة الناس وأموالهم للخطر ، في مال ثابت أو منقول ولو كان مملوكا له) . ويعد ظرفاً مشدداً إشعال الحريق في مبنى عام أو مخصص للمنفعة العامة أو في محل مسكون أو معد للسكن أو في إحدى وسائل النقل العامة أو في ذخائر أو أسلحة أو مفرقعات أو وقود أو في مناجم أو أنابيب أو آبار للبترول . ويتضح من المادة سالفة الذكر بأن من يتعمد إشعال الحريق في أي شيء سواء أكان ثابت كمنزل أو أرض أو منقول كسيارة أو عربة إلى آخره ، وكان هذا الشيء الثابت أو المنقول في مكان مطروق أي جرت العادة على ارتياده من قبل الناس أو مكان مسكون أو معد للسكن ، فسوف تكون عقوبة هذا الفعل السجن لمدة لا تزيد على عشر سنوات حتى ولو كان المحل الذي أحرقه مملوكا له لأن العبرة هي في الخطر المتمثل في الحريق الذي يعرضه ويعرض الآخرين وأموالهم للخطر ، كما إذا اتجهت إرادة الجاني لإشعال حريق في مبنى عام أو مخصص للمنفعة العامة كالمدرسة أو أحد الأشياء السابق ذكرها في الفقرة الثانية من المادة سابقة الذكر فسوف يعد هذا ظرفاً مشدداً أي سوف تتم مضاعفة العقوبة ، لتصل إلى السجن لمدة خمسة عشر عام لمن أشعل الحريق العمد ، والمقصود بالخطر هنا هو الخطر المحتمل وليس الخطر الواقع أي يكفي أن يكون من شأن الحريق أن يعرض حياة الناس أو أموالهم للخطر من دون أن يمسهم أو يؤذيهم أو يضر بأموالهم . كما نصت المادة (281) من قانون العقوبات على أنه (يحكم على الجاني الذي يرتكب جناية منصوصاً عليها في هذا الفصل بدفع قيمة ما أتلف بسبب إشعاله الحريق ما لم يكن مملوكا له) ، وبالتالي سيحكم على الجاني المدان في جريمة الحرق العمد بدفع قيمة ما تسبب في إتلافه ما لم يكن المال الذي تم حرقه مملوكا له فمن سيكون بمقدوره دفع قيمة إتلاف مدرسة كاملة أو نصفها أو حتى ربعها ، بالإضافة إلى قيمة تجهيزاتها إذا تسبب حريقه في ذلك . من هذا المنطلق نذكر المنخرطين في هذه الأفعال الخطيرة ، بأن يتفكروا جيدا قبل أن يقدموا على هذه الأفعال التي يؤثمها القانون ، فبعض أولئك الشباب يخال بأن الإجراء المتخذ في حالة الحرق العمد بسيط كالتوبيخ أو الإنذار أو الغرامة كحد أقصى له ومن ثم صرف مرتكبيها إلى منازلهم ليتذكروا ويتفاخروا بمغامراتهم اللامحسوبة ، ولكن حقيقة الأمر مغايرة تماما لذلك فالعقوبة غليظة وفي المقابل الفعل المرتكب أيضاً من هؤلاء الشباب جسيم ، لذا وجب علينا توعية الشباب المنخرطين في هذه الأفعال من مغبة أفعالهم .