الدار البيضاء – رضى عبد المجيد
لم تكد تمر أقل من 24 ساعة على تقديم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء، هورست كوهلر، استقالته من منصبه لأسباب صحية، حتى ظهرت مجموعة من الإشارات والتخمينات حول حقيقة تقديم استقالته.
وكشفت مصادر أن القرار الأخير لمجلس الأمن حول الصحراء، والذي كان في صف المغرب، جعل الجزائر وجبهة البوليساريو يقومان بمجموعة من الجهود الدبلوماسية والتحركات للتعبير عن رفضهما للقرار الأممي الذي يعتبرانه "منحازا" لصالح المغرب، وهو ما يفسر الزيارة الأخيرة لمسؤولي الجزائر وجبهة البوليساريو إلى العاصمة الألمانية برلين، للتعبير عن رفض طريقة كوهلر في تدبير ملف النزاع حول الصحراء، خاصة أن قرار مجلس الأمن رقم 2468 أشار إلى الجزائر بالاسم كطرف مباشر في النزاع، بعدما كانت القرارات السابقة تتفادى الإشارة إلى الجزائر كطرف أساسي في النزاع، وهو ما يتماشى مع توجه المغرب، الذي يعتبر أن الجزائر لا تشارك في المباحثات حول الصحراء لاعتبارها بلدا مجاورا، وإنما لكونها طرفا مباشرا في النزاع، يدعم ويُسلح ويأوي جبهة البوليساريو على أراضيه.
وقطع كوهلر أشواطا مهمة في ملف الصحراء، في ظرف 20 شهرا فقط، حيث تمكن من عقد مائدتين مستديرتين في جنيف في ديسمبر ومارس الماضيين، بمشاركة المغرب والبوليساريو والجزائر وموريتانيا، وكان سيعقد مائدة مستديرة ثالثة شهر يونيو المقبل، وهو الأمر الذي فشل في تحقيقه سلفه كريستوفر روس الذي لم يحرز تقدما ملحوظا في تدبير النزاع حول الصحراء.
وتميزت فترة كوهلر بإعطاء مجموعة من النعوت لطبيعة وأولويات الحل المطلوب في نزاع الصحراء، على غرار "الحل السياسي العادل والتوافقي والواقعي والعملي والوسطي والمستدام"، وتجديد الإشادة بالمبادرة المغربية بالحكم الذاتي، وهي النقط التي أزعجت جبهة البوليساريو، التي لم تُخف غضبها عقب القرار الأخير لمجلس الأمن، معتبرة أنه ينحاز بشكل واضح للمغرب.
وتتطلع المملكة باهتمام كبير إلى المبعوث الشخصي المقبل للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء عقب استقالة كوهلر، الذي قضى أقصر مدة مقارنة مع سابقيه، حيث لم يمكث في منصبه أكثر من 20 شهرا.
ويذكر أن المبعوث الأممي في الصحراء جيمس بيكر استمر لسبع سنوات في منصبه، ما بين مارس 1997 ويونيو 2004، وخلفه بيتر فان فالسوم بين يوليو 2005 وسبتمبر 2008، ثم كريستوفر روس ما بين يناير 2009 ومارس 2017، والذي تميزت فترته بالتوتر في العلاقات مع المغرب وجمود المفاوضات.