بغداد – نجلاء الطائي
يظن البعض بأنّ الذائقة الأدبية تختلف من متلق إلى آخر لأنها، ممارسة شرطية تعددية تفرزها خصوصية العمل الذي أمامها، وحينما يتحول العمل (الرواية أو القصة الأدبية) إلى عمل سينمائي فإن أحدهما يقتل إبداع الآخر, فيما يظن كثيرون بأنه غالبا ما يكون المسلسل باعتباره الجهة الانحيازية للجمهور العام هي من تقتل إبداع الرواية وهذا يحيلنا إلى قاعدة هوليودية يعرفها كثير من النقاد والممثلين وأن كثير من الكتب السيئة تصنع أفلاماً رائعة، ولكن أغلب الكتب الرائعة تصنع أفلاماً سيئة.
واعتبر السيناريست والروائي صباح عطوان أن البعض يعتبر تحويل الروايات الأدبية إلى أفلام سينمائية بمثابة حيلة للهروب من الرقابة, وأضاف, " أصحاب المشروعات نفسها أكدوا على أن النجاح الذي تحظى به الرواية سبب أساسي في إقبال السينمائيين على تحويلها إلى فيلم سينمائي تماما مثلما حدث مع رواية عمارة يعقوبيان، وقد يساهم كذلك العمل الأدبي في حال نجاحه إلى نجاح الفيلم.
وأوضح في مقابلة مع "المغرب اليوم أن تحويل العمل الأدبي إلى سينمائي أو درامي بحاجة إلى سينارست يعرف جيدا كيف أن هناك فارقا كبيرًا بين الأدب والسينما وإلا لأصيب الجمهور بالملل وفشل الفيلم وبالتالي سيؤثر على مبيعات الرواية ونظرة الجمهور لها خاصة ممن لم يقرأها".
وأشار إلى أن بعض صناع السينما يلجأ إلى الرواية كنوع من الهروب من الرقابة بعدما تم إجازة الرواية للنشر والبعض يستسهل أن تكون لديه قصة جاهزة ولكن لمن لا يعرف فتحويل الأدب إلى سينما شيء ليس سهلا لذا نجد أن مشروعات عديدة في هذا الشأن تم تعطيلها لأن تكلفة شراء الرواية عالية جدا هذا إذا كنا نتحدث عن المؤلفين ممن لهم أسماء لامعة في السوق الادبي".
وقالت القاصة الشابة إيمان جابر إن أغلب الروايات الأدبية الكبيرة التي تحولت إلى أفلام سينمائية من أمثال (العمى) لساراماغو، و(شفرة دافنشي) لدان براون، و(الحب في زمن الكوليرا) لماركيز، لم ترضِ المشاهد الذي مارس فعل القراءة في هذه الروايات الزاخرة بالتفاصيل والحوارات والتقنيات الفنية الروائية، والتي تمثل السلطة الاستعلائية النموذجية التي تمنح المتلقي بعدا (ذهنيا) وتحديا كبيرا لذاته القادرة على خلق الصورة وفق نمط يختاره ويجيزه.
وبينت أن الرواية الأدبية عمل جاد غير مفبرك يشتمل على الصدق المنحوت من الصراع الداخلي الذي يعانيه كاتب الرواية ومع هذا لا أنكر أن الفلم السينمائي المقتبس من أية رواية هو مشروع مكمل للرواية إذا لم يوقعها في نسقية إخراجية غير متكاملة محاولا اختصار أحداثها وتغييب شخوصها وتجريدها من الصور والحوارات.. فالقيمة الفنية للرواية تمثل الصيغة التي يجب أن يقرأها المتلقي في الفيلم السينمائي، ذلك أن التشكيل الدرامي في الرواية أدق وأشمل ومن هنا تقع إشكالية التحويل اللا مقنع للرواية الأدبية".
ونوه الإعلامي زياد محسن إلى أن العمل الأدبي شيء والسينمائي شيء اخر مختلف تماما ولا يحق لمؤلف العمل الأدبي أن يتدخل في رؤية كاتب السيناريو لأن مجرد تحويله لسينما أو تليفزيون يصبح عملا جديدا ملكا لأصحابه يضيفون ما يشاؤون".
ورأت الفنانة المسرحية إيمان عبد، أن تحويل القصة القصيرة الى فيلم أو مسرحية أو حتى مسلسل ولكنها محاولات قليلة والسبب يعود ربما الى ان الموضوعات في القصة والرواية لا تتناسب مع واقع المجتمع العراقي من متغيرات اقتصادية واجتماعية وأمنية", وأضافت أن القضية تقع على عاتق كتّابنا أولا قبل المخرج فلو وجد المخرج سيناريو جميلا مقتبسا من قصة أو رواية جميلة والجهة الإنتاجية لن يمانعا ان يبصر النور.