الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
المخرج الإيطالي باولو سورنتينو

كان ـ مارينا منصف

ليس كل من يريد لنفسه أن يكون بازوليني جديدًا يمكنه ذلك، ولكن في المقابل إن شاء مخرج معاصر لنا أن يكون فلليني جديدًا فلن يكون الأمر صعبًا عليه، العبارة الأخيرة تتعلق بالتأكيد ومنذ الدورة قبل السابقة لمهرجان "كان" بالمخرج الإيطالي باولو سورنتينو الذي حين قدم تحفته "الجمال العظيم" وجد فيه كثيرون خليفة لفلليني الكبير، خصوصًا أنه جعل فيلمه نوعًا من الاستكمال والتحية لما لا يقل عن أربعة أفلام فللينية.

أما العبارة الأولى فهي أحدث كثيرًا، وتتعلق هذه المرة بمخرج إيطالي آخر هو ماتيو غاروني الذي بعدما قدم تحفة عن المافيا الإيطالية في فيلمه "غومورا" قبل أعوام، عاد هذا العام ليحاول أن يتبع خطى بيار باولو بازوليني في فيلم عنوانه "حكاية الحكايات" استقاه من حكايات شعبية إيطالية تنتمي إلى عصر النهضة المتأخر، وذلك كما هو واضح، على غرار ما فعل بازوليني في "ثلاثية الحياة" حين قدم ثلاثة أفلام متتالية استند فيها إلى "ألف ليلة وليلة" فإلى "ديكاميرون" ثم "حكايات كانتربري" لتشوسر الإنكليزي، وكان "حكاية الحكايات" من أوائل أفلام المسابقة المعروضة في أول المهرجان، فشكل واحدة من الخيبات المبكرة وكانت علامات تقرب من الصفر في انتظاره.

ولم يؤثر فشل "حكاية الحكايات" الذي يقوم بالتمثيل فيه رهط من النجوم العالميين ومن بينهم سلمى حايك، على الحضور الكبير، والمثلث على الأقل، للسينما الإيطالية في هذه الدورة من "كان"، فهناك إلى جانب غاروني، معلمان كبيران أكدا في فيلميهما المتسابقين أن السينما الإيطالية لا تزال في خير وأنها تعرف دائمًا كيف تنهض من رمادها، هناك ناني موريتي وهناك باولو سورنتينو نفسه الذي تعتبر مشاركته في مسابقات "كان" هذه المرة خامس مشاركة له منذ العام 2003، حيث عرض "نتائج الحب" ليتلوه في العام 2008 "الديفو" التحفة الشكلية السينمائية البديعة عن رئيس الوزراء الإيطالي السابق اندريوتي، ثم في العام2011 مع فيلم "لا بد أن هذا هو المكان" من تمثيل شون بن، ليكون نجاحه الأكبر مع "الجمال العظيم" في العام 2013.

ويعود سورنتينو، هذه المرة بفيلمه الجديد "شباب" الناطق بالإنجليزية ومع عدد كبير من النجوم الأنغلوساكسون المخضرمين "مايكل كين، هارفي كيتل وجين فوندا بين آخرين" ليحصد منذ عرضه الأول ضمن إطار مسابقة "كان" الرسمية نجاحًا كبيرًا وتوقعات سعفية يراها كثيرون مستحقة، ويدنو سورنتينو من المسألة الفنية والحياة التي تدور في فلكها من خلال حكاية فنانين عجوزين توجها معًا إلى جبال الألب يستذكران حياتهما، أحدهما موسيقي قرر التوقف عن التأليف فيما الثاني مخرج لا يزال على عطائه لكنه الآن يريد أن ينجز كتابة سيناريو فيلمه الجديد مهما كان الثمن بالنظر إلى أنه يعرف أنه سيكون فيلمه الأخير.

والحقيقة أن هذه الأفلام تأتي لتقول أن السينما الإيطالية هي من القوة والحضور في تاريخ هذا البلد ووجدان فنانيه بحيث يصعب إعلان موتها حتى وإن كان كثيرون تجرؤوا على هذا الإعلان مرات ومرات خلال العقود الأخيرة، وهؤلاء الكثيرون هم من بين أولئك الذين راحوا يرصدون رحيل كبار السينمائيين الإيطاليين واحدًا بعد الآخر منذ أواسط السبعينات، وهالهم أن تخلو الساحة تباعًا من روسليني ثم بازوليني ثم فيسكونتي ففلليني وانطونيوني وغيرهم من أصحاب الأسماء اللامعة من أمثال ايليو بيتري وبترو جرمي، وسط صمت الأخوين تافياني وايتوري سكولا، وفي غمرة تلك الحسرة كان من عدم الإنصاف ألا يتنبأ هؤلاء المتحسرون ببروز أسماء جديدة مثل ناني موريتي تحديدًا، والعودة بين الحين والآخر إلى أسماء قديمة مثل برناردو برتولوتشي، وصولًا إلى ظهور الجيل الجديد الذي يمثله سورنتينو وغاروني بين آخرين، على الرغم من إخفاق غاروني في "حكاية الحكايات".

والحال أن الدورة الحالية لـ "كان" إنما هي بغثها وسمينها صورة عملية لهذا الانبعاث، وإنها عبر فيلم ناني موريتي على الأقل، صورة حية لحكاية السينما نفسها، حتى وإن كانت ردود الفعل الأولى أمام "أمي" وهو عنوان فيلم موريتي، بدت أقرب إلى السلبية أول الأمر، ليس بالمطلق ولكن قياسًا بما كان متوقعًا من صاحب "غرفة الابن" السعفة الذهبية قبل أعوام، غير أن "أمي" عاد وأُنصف نقديًا في الأيام التالية لعرضه، وهذا أمر غالبًا ما يحدث مع الأفلام الكبيرة التي تحتاج بعض الوقت قبل أن تكشف عن قوتها وجمالها، وعلى هذا وخلال ثلاثة أيام تالية لعرضه بات فيلم موريتي مرشحًا جديًا للسعفة الذهبية، لا ينافسه في كتابة هذه السطور سوى "كارول" لتود هاينز و "ابن شـاوول" للاسلو نيميش، و"الكركند" لليوناني يورغوس لانتيموس، وربما أحد الفيلمين الصينيين "القاتل" و "قد تنزاح الجبال" الأول للتايواني هو هسياو هسيين والثاني للصيني القاري جيا جانكي.

وتبقى لعبة الجوائز والسعف ولجان التحكيم لعبة ذات قواعد ونتائجها تنسى بعد أيام قليلة، أما فيما يعنينا هنا فهو أن السينما الإيطالية التي كانت مركز سينما العالم وضروب التجديد في هذه السينما بفضل مبدعين كبار ارتبطت بأسمائهم، أثبتت في هذه الدورة "الكانية"، أنها لا تزال قادرة على العطاء وأن كبارها الراحلين تركوا إرثًا يمكن للأجيال الجديدة أن تندح منه وتحاول تجاوزه "سورنتينو" أو تفشل في ذلك "غاروني"، أو تختطّ لنفسها ســبلًا سيــنمائية أخرى كما فعل موريتي في "أمي" حتى ولو بالانطلاق، من ناحية الجو العام من فللينية "ثمانية ونصف" في تقديم حكاية فيلم يصوّر من خلاله أزمة السـينمائي حين تتراكم عليه المـعاناة، لكنه حتى من قلب هذه المعاناة يعرف كيف يصنع أفلامًا تؤكد أن زمن الموت لم يأت بعد، وربما لن يأتي أبدًا.

View on moroccosports.net

أخبار ذات صلة

"اللوفر أبو ظبي" يكشف عن موسمه “مجتمعات متغيرة” أيلول…
"أبو الهول" البريطاني يرى الشمس لأول مرة منذ 100…
عشاق الرواية التاريخية العالمية ينتظرون إعلان الفائز بجائزة والتر…
خالد سلي يكشف عن مساعي المهرجان المغربي للفيلم في…
العثور على "مُنقِذ العالم" في يخت ولي العهد السعودي…

اخر الاخبار

العثور على مصاحف وسط القمامة في المدينة المنورة و"الشؤون…
تفاصيل مُثيرة عن حقيقة اختطاف فتاة قاصر من مطار…
نهاية مأساوية لأخ حاول فضّ عراك بين شقيقه وشخص…
شاب يسلم نفسه إلى شرطة تطوان بعدما ذبح خليلته…

فن وموسيقى

ناهد السباعي ترفض قطعيًا أن تكون الزّوحة الثّانية
إليسا تعود لصديقاتها من جديد وتُمارس تمارينها الرياضية
الفنان أحمد عز يفتح صندوق أسراره وجديد أعماله
جمال سليمان يشيد بالترحيب بالسوريين المقيمين في مصر

أخبار النجوم

سُميَّة الخشاب تُقرِّر العودة إلى السينما بفيلم وسيناريو جديد
محمد الشرنوبي يتجاهل الحديث عن خطوبته من سارة الطباخ
طليقة وائل كفوري تستعرض جمالها وتكسر الحصار
حسن الرداد يُكشف كواليس مسلسه الرمضاني "الزوجة 18"

رياضة

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"
محمد صلاح آقرب إلى الرحيل عن ليفربول لعدم تقديم…
مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة…
كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

صحة وتغذية

احذر إهمال ارتفاع ضغط الدم ولا تتجاهل علامات الوجه
دراسة تؤكد أن الرضاعة الطبيعية تقلل خطر الإصابة بـ"الربو"
بريطانيّة تُنقذ حياة ابنها بعد أن لاحظت إحمرارًا على…
لصقة من جلد الإنسان تحدث ثورة في علاج القلب

الأخبار الأكثر قراءة