الرئيسية » التحقيقات السياحية
انتشار المطاعم التي تُقدِّم أشهى المأكولات الشرقيّة في بون

بون - المغرب اليوم

يُعتبر حي بادغودسبيرغ في مدينة بون الألمانية ملتقى للجالية العربية، خلال تجوالك في شوارعها تتناهى إليك كلمات عربية، والمطاعم والمقاهي العربية تذكر روادها من العرب ببلدانهم، ولكل واحد منهم حكاية مع الغربة والحنين إلى الوطن. وتفصل رحلة قصيرة بقطار الأنفاق من المحطة الرئيسية لمدينة بون عن حي بادغودسبيرغ، لكنها رحلة تنقلنا من عالم ألماني المعالم إلى أخر تبرز فيه معالم عربية كثيرة. حي بادغودسبيرغ، الذي يقبل عليه الكثير من العرب، تبلغ مساحته قرابة 31 كيلومترًا مربعًا، ويقع على الضفة الجنوبية لنهر الراين.
وقديمًا كان هذا الحي غاصًا بالسفارات ومساكن الدبلوماسيين من مختلف الدول، وذلك عندما كانت بون عاصمة لألمانيا الغربية قبل توحيد شطري ألمانيا وانتقال العاصمة إلى برلين، واليوم يسكن الحي العديد من العرب من مختلف الدول العربية كالمغرب ومصر والعراق وتونس وليبيا والجزائر، بالإضافة لبعض الأتراك وبعض الطلبة من يوغسلافيا السابقة.
وينقلك نفق صغير من محطة الحافلات إلى عالم عربي الروح ألماني الشكل، ويستقبلك عند خروجك من أسفل النفق مطعم كُتب عليه باللغة العربية "نقدم أشهى المأكولات العربية والشرقية"، وتتجول في الشارع الرئيس في المنطقة حيث المحال التجارية الشهيرة والمحلات الألمانية، لكنك تلمح بينها واجهات محال كُتب عليها باللغة العربية، إضافة إلى إعلانات عن شقق للإيجار وإصلاح الحاسب الآلي
وستقابل العديد من العرب والذين ستتعرف عليهم إما من خلال حجاب بعض السيدات المارات في الشارع أو بما يتناهى إليك من كلمات لحديثهم بالعربية.
"لا نشعر بالغربة هنا، تشعر وكأنك في أي بلد عربي آخر" تبدأ أم داليا حديثها عن المنطقة، وتعمل أم داليا العراقية الأصل في أحد المطاعم العراقية في منطقة بادغودسبيرغ، وكانت قد سكنت أحد منازلها من قبل لأربعة أعوام قبل أن تنتقل للسكن في حي آخر من مدينة بون.
ويتردد على المطعم الذي تعمل فيه أم داليا الكثير من العرب، وليس من المفارقة إن قالت إنها تشعر بأن "الألمان الذين يأتون إلى المطعم بمثابة الأجانب، الذين يأتون لزيارتنا في بلادنا". صورة تقلب الواقع: فهي الأجنبية في ألمانيا. لكنها ترى أن "العلاقات بين العرب والألمان أي علاقات عادية بين البشر هناك الجيد وهناك السيئ. ويبقى المعيار الأساس هنا أسلوب المعاملة بين الناس".
وعرفت من خلال تجربتها أن الاحترام وعدم التدخل في شؤون الآخرين والمعاملة الحسنة والالتزام بالقوانين يساعدك على بناء علاقات جيدة بينك وبين الألمان، "فهذه من أهم الأمور لدى الألماني، وإذا احترمتها سعدوا بك وتلقيت معاملة جيدة جداً وبادلوك الاحترام".
بادغودسبيرغ في فصل الصيف أكثر حركة وازدهارًا ونشاطًا، حيث تنتشر المقاهي ذات الطابع العربي، والتي تقدم الشيشة أيضاً، في الطرقات حتى ساعة متأخرة من الليل. وهناك الشباب العربي ويتحدثون عن آخر أخبار بلدانهم، فيجعل المكان ملتقى للجاليات العربية.
سهيل أبو الحكم عراقي الأصل أو "عمدة العرب في بادغودسبيرغ"، كما يحلو للبعض تسميته، أتى إلى ألمانيا قبل 21 عاماً، وافتتح العام 2005 أشهر المطاعم للمأكولات العربية والعراقية في بادغودسبيرغ. ويتردد عليه الكثير من العرب والألمان أيضاً.
ويروى أبو الحكم -وتتناهى من مكان ما في المطعم ألحان للمطرب العراقي الشهير كاظم الساهر- أنه أسس المطعم في البداية لبيع المأكولات العربية، حيث إن المنطقة كان تفتقر إلى مطعم يقدم المأكولات العربية بالرغم من انتشار العرب فيها، فأسس هذا المطعم ليكون مكانًا يجتمع فيه العرب ويشعرون كأنهم في بلدانهم.
"السلام عليكم" جملة يحرص أبو الحكم على أن يقولها حتى لزبائنه من الألمان ويعلمها بطريقة طريفة لأي ألماني عند دخوله إلى المطعم، كما يردد الألمان بعده بعض الكلمات العربية الأخرى، مما يشعرهم من بألفة المكان.
ولم يكتف أبو الحكم بمطعم المأكولات العربية فقط، بل رأى أن هناك شيئًا ينقص إحساسك كعربي في المنطقة، لذلك أسس بجوار المطعم أحد أشهر مقاهي الشيشة في المنطقة، والذي صممه بأسلوب عربي خالص، لذلك حرص على شراء أثاثه من البلاد العربية، فالديكور الخاص بالمقهى صمم على الطراز المصري والذي تجده في منطقة خان الخليلي. "سافرت إلى مصر وقمت بشراء كافة مستلزمات المقهى من هناك، بالإضافة لبعض المقتنيات من المغرب والعراق".
وقريبًا من المطعم العراقي الشهير تجد بقالة وجزارة عم سعيد، عم سعيد جزائري الأصل غادر الجزائر العام 1959 وذهب إلى فرنسا، ثم انتقل منها إلى ألمانيا، حيث استقر به الحال في مدينة بون، وقام بافتتاح هذا المتجر لبيع البقالة واللحوم الحلال التي يقبل عليها العرب والمسلمون.
وعم سعيد يحمد الله دائمًا على أحواله، بعد ما شاهده خلال مشاركته في الحرب ضد الاستعمار في الجزائر وتدمير البيوت ومعاناة السجن والانتقال إلى ألمانيا حيث الاستقرار الآن. لكنه يتمنى أن يعود إلى وطنه، غير أن حياة أولاده في ألمانيا واستقرارهم هنا يحول دون الرجوع.
وتشاركه الرغبة في العودة إلى وطنها زوجته محبوبة، تونسية الأصل، والتي أتت إلى ألمانيا العام 1969. وترى محبوبة أن الغربة هذه ستدوم لأن عائلتها وأولادها وزوجها هنا. وتضيف قائلة بلهجتها التونسية: "هذا هو المكتوب ونحنا راضيين بس في النهاية أنا حابة ارجع على بلدي".
وترى ياسمين (39 عامًا)، ابنة العم سعيد، أن هذا الحي هو بمثابة وطنها. وعندما تغيب عنه كثيرًا وتعود إليه تشعر وأنها وصلت إلى بيتها الأصلي، فقد وُلدت هنا في ألمانيا وتعلمت في المدرسة العربية الموجودة في المنطقة حتى مرحلة الجامعة. ومن ثم انتقلت إلى الجزائر للحصول على درجة البكالوريوس في علوم الحاسبات، بعدها ذهبت إلى تونس خلال موجة الإرهاب العنيفة التي هزت الجزائر، حيث التقت زوجها وانتقلت مرة أخرى إلى ألمانيا للعيش بجوار والديها.
وتتحدث ياسمين عن صداقاتها هنا في ألمانيا قائلة إن غالبيتها من العرب من المدرسة العربية ومن الجامعة، أما أصدقاؤها من الألمان فقلة، ويحاولون عدم إشعارها بالاختلاف والغربة في ألمانيا. ولكنها ترى "بصفة عامة أن هناك علاقة متبادلة من الانغلاق وعدم الاختلاط بين العرب والألمان، فالعربي لا يحب إلا العربي ويحن إليه، والألماني منغلق في ما يتعلق بالعرب والمسلمين".
"أكننا في بلادنا وما نحس بالغربة"، يقولها شعيب الصديق أثناء انتظاره في المسجد لأداء صلاة الجمعة، إذ يشعره الجمع في المسجد لأداء صلاة الجمعة بأنه في بلاده. لا تخلو منطقة بادغودسبيرغ بالطبع من المسجد، فهي منطقة العرب وأغلبيتهم من المسلمين. في الشارع الرئيس في المنطقة يقع مسجد الأنصار، مسجد صغير أقامه المغاربة المهاجرون إلى ألمانيا العام 1974.
ويقيم هذا المسجد الشعائر الإسلامية كلها، من الصلوات الخمس وصلاة الجمعة وصلاة العيدين، بالإضافة إلى صلاة التراويح في شهر رمضان.
كما تُقام في المسجد احتفالات الأعراس واحتفالات خاصة للأطفال في الأعياد، بالإضافة لدروس تعليم اللغة العربية والحديث بها لتشجيع الجيل الجديد على الحديث بها والحفاظ على لغتهم العربية.
وعلى الرغم من تواجد أماكن مخصصة للنساء في هذا المسجد، إلا أنها صغيرة ولا تكفى للنساء، فترى السيدة محبوبة أن ضيق الجامع لا يمكنها من تأدية صلاة العيد هناك، فتنتظر في المنزل حتى يعود زوجها. لكنها تتمنى أن يُقام جامع كبير قريب منها لتتمكن من الذهاب إليه، غير ذلك ترى أن الصلاة في المنزل خير لها.
ويختلف يوم الجمعة في المسجد عما نعرفه في البلاد العربية، حيث الزحام وامتلاء المساجد عن آخرها بالكبير والصغير. الحال هنا في ألمانيا مختلف نسبيًا، فصلاة الجمعة يذهب إليها القليل بحكم مواقيت العمل وعدم قدرتهم على ترك أعمالهم والذهاب إلى المسجد. ولكن هناك القليل الذي يحرص على أن يأخذ وقت الراحة الخاص به في الموعد الخاص بصلاة الجمعة لكي يستطيع أداءها.
ويرغب الكثيرين من العرب القاطنين هنا في العودة إلى بلادهم ولكن غالبيتهم أسسوا عائلاتهم وحياتهم باتت هنا وأبناؤهم هنا أيضًا، ما يمنع الكثيرين ربما من العودة نهائيا إلى بلادهم. الكثيرون يزورون بلدانهم الأصلية مرة في السنة على الأقل، بل وحزم بعضهم حقائبه عائداً إلى الوطن بعد التقاعد في ألمانيا، للاستمتاع بباقي حياتهم وسط عائلاتهم الكبيرة ووسط الحنين لذكريات طفولتهم.

View on moroccosports.net

أخبار ذات صلة

تعرف على أفضل وجهات سياحية لشهر العسل 2019
تشيلي وجهتك المُفضَّلة للاستمتاع بالشواطئ الذهبية والطبيعة الساحرة
"دبي الدولي" ثالث مطار على مستوى العالم يوفر الراحة…
مصر تحتل "الوجهة الأولى" للسياح الإماراتيين خلال عطلة عيد…
مصر تُطلِق منصة إلكترونية بـ8 لغات للحصول على "تأشيرات…

اخر الاخبار

العثور على مصاحف وسط القمامة في المدينة المنورة و"الشؤون…
تفاصيل مُثيرة عن حقيقة اختطاف فتاة قاصر من مطار…
نهاية مأساوية لأخ حاول فضّ عراك بين شقيقه وشخص…
شاب يسلم نفسه إلى شرطة تطوان بعدما ذبح خليلته…

فن وموسيقى

ناهد السباعي ترفض قطعيًا أن تكون الزّوحة الثّانية
إليسا تعود لصديقاتها من جديد وتُمارس تمارينها الرياضية
الفنان أحمد عز يفتح صندوق أسراره وجديد أعماله
جمال سليمان يشيد بالترحيب بالسوريين المقيمين في مصر

أخبار النجوم

سُميَّة الخشاب تُقرِّر العودة إلى السينما بفيلم وسيناريو جديد
محمد الشرنوبي يتجاهل الحديث عن خطوبته من سارة الطباخ
طليقة وائل كفوري تستعرض جمالها وتكسر الحصار
حسن الرداد يُكشف كواليس مسلسه الرمضاني "الزوجة 18"

رياضة

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
محمد صلاح يتصدر ترتيب أفضل خمسة لاعبين أفارقة في…
ميسي يعود للملاعب بعد غياب شهرين للإصابة
مبابي في قلب حرب باردة داخل المنتخب الفرنسي

صحة وتغذية

احذر إهمال ارتفاع ضغط الدم ولا تتجاهل علامات الوجه
دراسة تؤكد أن الرضاعة الطبيعية تقلل خطر الإصابة بـ"الربو"
بريطانيّة تُنقذ حياة ابنها بعد أن لاحظت إحمرارًا على…
لصقة من جلد الإنسان تحدث ثورة في علاج القلب

الأخبار الأكثر قراءة