أزهار الجربوعي ـ تونس
يخوض قطاع الإعلام التونسي بجميع أشكاله الإلكتروني والمرئي والمسموع، الأربعاء، إضرابًا عامًا بعد رفض الحكومة تلبية مطالب الصحافيين والعاملين في القطاع، والواردة في اللائحة الصادرة في 25 أيلول/سبتمبر الماضي، وتعاملها مع برقية الإضراب الموجهة لها بالتجاهل التام. وقد فجرت أزمة "دار الصباح" التونسية العلاقة المتوترة أصلاً بين حكومة الترويكا بقيادة حركة "النهضة" التي تتهم الإعلام بالوقوف ضد الشرعية، في حين يرى الإعلاميون أن "النهضة" تسعى ينات ثم فضّل من تلقاء نفسه الانضمام إلى جهاز البوليس، حيث أصبح أحد كوادر وزارة الداخلية قبل أن يُطرد منها ويضطر للعودة إلى الصحافة، وهذا ما يمثل مأخذًا كبيرًا بما أنه فضّل من تلقاء نفسه هجر الصحافة "صاحبة الجلالة" للعمل في جهاز الشرطة، كما اعتبروا أنه "لا يملك أي تجربة مهما كان نوعها أو درجتها في إدارة المؤسسات و"دار الصّباح" مؤسسة مالية ضخمة يقدّر رقم معاملاتها بالميارات وتشغل حوالي مائتي عامل، بالإضافة إلى قدومه من مؤسسة "دار الشروق" المنافسة لـ"دار الصباح"، وهو ما اعتبروه غير مقبول قانونًا وأخلاقيا، عدا عن اتهامه بالمشاركة في الانقلاب على الهيئة الشرعية لنقابة الصحافيين التونسيين الذي حبك خيوطه الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، لما رفضت النقابة مناشدته للترشح لانتخابات سنة 2014، وكذلك اتهامه بالضلوع في كتابة مقالات لتمجيد الرئيس المخلوع وزوجته وأصهاره، الأمر الذي يضعه في القائمة السوداء للصحافيين، كما أن التحاقه إثر انتخابات 23 تشرين الأول/أكتوبر بحركة "النهضة" أفقده شرط الحيادية والاستقلالية للإشراف على صحف "دار الصباح". ويُذكر أن الحكومة قد عقدت جلسات تفاوضية عدة، ترأسها وزير الشؤون الاجتماعية خليل الزاوية، إلا أن جميعها باءت بالفشل، وواصل أبناء "دار الصباح" اعتصامهم الذي تخطى عتبة الخمسين يومًا، في حين حملت نقابة الصحافيين التونسيين الحكومة "المسؤولية الكاملة" لما اعتبرته "تعطل إصلاح القطاع وتهديد حرية التعبير والصحافة في تونس، عبر إصرارها على القيام بتعيينات مسقطة على رأس عدد من المؤسسات الإعلامية، وتجاهل تطبيق النصوص القانونية المنظمة للقطاع"، في إشارة إلى تعيين رئيس مدير عام التلفزة التونسية والمدير العام لـ"دار الصباح"، من دون تشاور مع النقابة، وكذلك عدم تفعيل المرسومين 115و116 المنظمين للصحافة المكتوبة والقطاع السمعي البصري. كما أكدت نقابة الصحافيين التونسيين، أن "الاتحاد الدولي للصحافيين سيقود عبر أكثر من 181 نقابة في مختلف دول العالم، تحركًا لمؤازرة نضال الصحافيين التونسيين في معركتهم من أجل الدفاع عن حقوقهم وحرية الإعلام، وهو نفس ما سيتم على المستوى الأفريقي، وعلى المستوى العربي، حيث بدأ منذ الإثنين وصول وفود النقابات العربية المساندة لتحرك النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين". وقد عبرت العديد من القوى السياسية والمدنية في تونس وخارجها، عن تضامنها مع مطالب إعلاميي "دار الصباح"، حتى من داخل حركة "النهضة" نفسها على غرار وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية سمير ديلو، كما قام السفير الفرنسي في تونس فرنسوا جويات برفقة وفد مصاحب له بزيارة مقر النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، عبّر خلالها عن دعمه ودعم بلاده للإضراب العام في قطاع الإعلام، المزمع تنفيذه الأربعاء، مؤكدًا مساندته لحرية الإعلام والتعبير. وتجدر الإشارة إلى أن الاضراب انطلق بداية من الساعة الأولى من الأربعاء، وينتهي في حدود الساعة منتصف الليل من اليوم نفسه، وسيكون جميع الصحافيين ملزمين بالحضور في مؤسسة العمل من دون مباشرته، ويتم التسجيل حسب حصص استمرار العمل في كل المؤسسات مع الإمضاء على وثيقة المشاركة في الإضراب، كما دعت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين إلى الحضور بكثافة إلى مقرها على الساعة الواحدة بعد منتصف النهار. أما في ما يتعلق بترتيبات الإضراب، فستكون بالنسبة للصحافة المكتوبة والإلكترونية متمثلة في الإمضاء على وثيقة الإضراب مع الإمتناع عن العمل وتغطية الأحداث أو متابعتها كامل يوم 17 تشرين الأول/أكتوبر، في حين ستكتفي وكالة الأنباء الرسمية "وكالة تونس أفريقيا للأنباء"، بالبلاغات والبيانات المهمة مع تمييز صفحتها الأولى بالموقع الإلكتروني بكلمة إضراب، أما بشأن المؤسسات المسموعة "الإذاعات" فسيتم اختيار موعد يتم فيه تقديم نشرة واحدة خلال اليوم تذاع فيها عناوين أهم الأحداث لا غير، وبالنسبة إلى مواعيد بقية النشرات والمواجيز والمراسلات الدورية يتم فيها فقط إعلان "الجينيريك" ثم الإعلان للعموم أن الصحافيين في إضراب ،على أن يتم تخصيص البرامج الحوارية للحديث عن الإضراب بالنسبة إلى الإذاعات الخاصة فقط، وبالنسبة لقطاع الإعلام المرئي فستقتصر النشرات الإخبارية على تقديم العناوين لا غير مع عدم ظهور المذيع. في الجهة المقابلة، شنت حملة "اكبس" التي يقودها أنصار حركة "النهضة" الحاكمة هجمة مرتدة ضد الإعلام، دعت فيها إلى مقاطعة وسائل الإعلام كافة، الخميس 18 تشرين الأول/أكتوبر، تحت شعار "تونس من دونكم أفضل