الرباط -المغرب اليوم
انضَاف اسم محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، إلى لائحة الوزراء الذين أسْقطهم تفعيل الفصل الـ47 من الدستور المغربي، بعد إعلان الملك محمد السادس، مساء الأربعاء، أن "الإعفاء يأتي في إطار تفعيل مبدإ ربط المسؤولية بالمحاسبة، الذي يحرص الملك أن يطبقه على جميع المسؤولين، مهما بلغت درجاتهم وكيفما كانت انتماءاتهم".
قرار الإعفاء جاء مباشرة بعد تقرير عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، الذي قُدّم أمام الملك قبيل خطاب عيد العرش، ولاحظ أن "وتيرة الاقتصاد المغربي تبقى دون المستوى المطلوب، إذ يظل النشاط غير الفلاحي بطيئا، وعلى الرغم من التحفيزات والمجهود الاستثماري العمومي لا يزال الاستثمار الخاص محدودا؛ وهو ما يقلل من فرص تحسن النمو والتشغيل".
معطى ربط المسؤولية بالمحاسبة كان قد لاح في أفق الإقالات الملكية السابقة، عقب تقرير المجلس الأعلى للحسابات، الخاص بتتبع اختلالات مشروع "الحسيمة منارة المتوسط"، وعصف بالعديد من الأسماء التي كانت تشغل حقائب في حكومة سعد الدين العثماني، قبل أن يعود مجددا منذرا حسب كثير من المتتبعين بتعديل حكومي موسع، في سياق موجة الغضب الشعبي التي طالت وزراء الحكومة الحالية.
وفي المقابل، تُسجل قراءات قانونية ضرورة محاسبة المسؤول المعفى من مهامه، بحكم أن التنحية ليست كافية لتحديد مكامن الخلل الذي تسبب فيه. كما أن المحاسبة ستكون آلية رادعة لحسم التجاوزات التي يُقدم عليها بعض الوزراء، في مواكبتهم للمشاريع التنموية التي تباشر في مختلف مناطق البلاد.
كريم عايش، عضو مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية، أكد أن "تأخر تسليم مشروع منارة المتوسط هو أحد العوامل الرئيسية في إعفاء وزير المالية، لكون المسؤولين وإن هم سمعوا بآذانهم خطاب الملك سنة 2017، لم يتعظوا بأهمية واستعجالية المشروع، فضلا عما جاء في التقرير الأخير لوالي بنك المغرب، والذي حمل عنصرين مهمين يبعثان على الخوف، هما ارتفاع الدين الداخلي ليشكل نصف الناتج الداخلي الخام، وارتفاع العجز التجاري للمملكة بفضل التقدير الخاطئ لسعر البترول، والذي عرف ارتفاعا سنة 2017 حسب التقرير نفسه".
وأضاف عايش، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "المؤشر الثالث لتفسير الإقالة هو ارتفاع الدين الخارجي مقارنة بسنة 2016، والمنذر بتبخر العائدات الخارجية من تحويلات مغاربة العالم، فضلا عن المطالب الشعبية التي وضعت الاقتصاد الوطني على المحك بعد الانخراط الواسع للمستهلكين في حملة مقاطعة بعض السلع، وما تبع ذلك من ارتباك على مستوى التعامل مع ملفات تهم ملف المحروقات، التقاعد بشتى أصنافه وصناديقه وضعف التحفيزات الاجتماعية والجبائية".
وأردف المتحدث أن "الملك شدد، في مناسبات عديدة، على ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة في تسيير الشأن العام وعلى أهمية تفعيلها وفق مقتضيات الدستور وما يستلزمه العمل الجاد في مواقع المسؤولية باعتباره أيضا مطلبا شعبيا نادى به المغاربة بعد توالي فضائح الوزراء، والتي بلغ بعضها مستويات دولية".
وأكمل عايش أن "إعفاء وزير المالية هو حرص ملكي على تنفيذ وعوده بخصوص تتبع الملفات والمشاريع والسهر على التطبيق الأمثل لمقتضيات الدستور بما يكفل الإجابة عن مطالب الشعب المغربي في محاربة كافة أشكال التقصير والإهمال، وكذا محاربة الفساد وتأخير المشاريع الكبرى التي تروم تحسين ظروف عيش الساكنة وتساعد على رفاهيتها وتطوير محيطها".