تونس ـ كمال السليمي
أثارت دعوة رئيس الحكومة التونسية، يوسف الشاهد، أفراد طاقمه الوزاري إلى موافاته قبل 30 أغسطس/ آب الحالي بتقييم نشاطهم خلال العامين الماضيين، تساؤلات في الأوساط السياسية التونسية عما إذا كان ذلك مقدمة لإعلانه تحويرا (تعديلا) وزاريا وشيكا وردا أيضا على تمسك مجموعة من الأحزاب، في مقدمها حزب "النداء"، ومنظمات نقابية على رأسها اتحاد الشغل، بضرورة تغيير الفريق الحكومي برمته.
طلب الشاهد خلال مراسلة وجهها إلى مختلف الوزراء، تقديم مذكرة مرفقة بنسخة من قرص مضغوط تتضمن تقييما لنشاط الوزارات بعد عامين من تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، على أن يتضمن التقييم الإنجازات الكمية والنوعية المسجلة في القطاعات الراجعة لكل وزارة، وأيضا المؤشرات التي تعكس مدى التطور في عملها، بالإضافة إلى مواضع الخلل التي صاحبت تنفيذ السياسات والبرامج والأنشطة العمومية ومكامن النقص والتدابير المقترحة للتعامل مع ذلك. واعتبر ذلك دليلا على سعي الشاهد إلى الاعتماد على "تقييم موضوعي" لأنشطة كل وزارة قبل اتخاذ القرار في خصوص إجراء أي تعديل على فريقه الحكومي.
واقترح الشاهد على البرلمان التونسي تعيين هشام الفراتي وزيرا للداخلية خلفا للطفي براهم المقال، وخلّفت عمليات التصويت على هذا التغيير جدلا حادا تركّز على ما وُصف بـ"خلط الأوراق" من قبل رئيس الحكومة واعتبار التصويت لفائدة وزير الداخلية بـ148 صوتا دليلا على ما تحظى به الحكومة من ثقة لدى أعضاء البرلمان.
وحاولت كتل برلمانية، من بينها الكتلة الممثلة لحزب "النداء"، التفرقة بين التصويت لفائدة وزير داخلية جديد، وبين ضرورة عرض حكومة الشاهد على البرلمان لنيل الثقة من جديد في ظل الدعوات المتكررة إلى إجراء تغيير شامل على الحكومة بما في ذلك رئيسها.
وتلقى حكومة الشاهد دعما قويا من حركة "النهضة" التي تتمسك بضرورة إجراء تحوير وزاري جزئي للوزراء الذين لم يقدموا إضافة إلى مستوى العمل الحكومي.
وتوقّع راشد الغنوشي، زعيم "النهضة"، بأن يشمل التحوير من خمس إلى ست وزارات كحد أقصى للمحافظة على "الاستقرار السياسي" في تونس قبل نحو عام من إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية، لكن "النهضة" اشترطت كذلك إعلان رئيس الحكومة عدم ترشحه للانتخابات المقبلة لمواصلة دعمها له، وأيضا تشكيل حكومة كفاءات مستقلة محدودة العدد تكون مهمتها قيادة البلاد نحو تلك المحطة الانتخابية.
وقال أكثر من طرف سياسي تونسي إن التعديل الحكومي المتوقع سيتزامن مع عودة النشاط البرلماني وسيكون حتما قبل شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، إذ إن عملية تقييم الحكومة لأنشطة الوزارات قد تتطلب مجهودات مطولة للوقوف على مكامن ضعف العمل وقوته في كل وزارة.
وأعلن رؤوف الخماسي، القيادي في حزب "النداء"، في تصريح إعلامي، أن حركة "النهضة" ستغيّر موقفها خلال الأيام المقبلة من رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وأن خليفته سيكون من "النداء"، وهو ما اعتبر بمثابة "ضغط إضافي" على حكومة الشاهد.
ورغم الضغوط الكثيرة التي تطال الحكومة فإن الشاهد واصل خلال الفترة الماضية تنقلاته وأدى زيارات ميدانية إلى المعابر الحدودية مع الجزائر وتحديدا في مدينة جندوبة (شمال غربي تونس)، وحاول الرد على الحملات الموجهة ضد السياحة التونسية بتأكيده صفو العلاقات بين تونس والجزائر وأعاد ترحيبه بالسياح الجزائريين المقبلين على الوجهة السياحية التونسية، كما زار الشاهد ميناء رادس، أكبر الموانئ في العاصمة التونسية، واتخذ مجموعة من الإجراءات الرامية إلى ضمان مزيد الشفافية والتعجيل بمرور شحنات البضائع.
وسوّقت الحكومة خلال الفترة الماضية لمجموعة من النجاحات الاقتصادية، على غرار الرفع من نسبة النمو الاقتصادي لتحقق نحو 2.6 في المائة (كانت 1 في المائة خلال السنة الماضية)، والتراجع الطفيف لنسبة البطالة، وانخفاض نسبة التضخم، ونمو الصادرات، واستعادة نوايا الاستثمار لعافيتها، وهو ما اعتبره مراقبون محاولة لـ"استعادة المبادرة السياسية" وترويج صورة "رجل الدولة" العامل من أجل إنجاح البرامج الحكومية، على رغم الصعوبات والعوائق المتعددة التي تواجه البلاد