الرباط - المغرب اليوم
دقت جمعيات حقوقية ناقوس الخطر بخصوص المعاناة النفسية والاجتماعية الفظيعة والوضعية المأساوية التي يعيشها معتقلو، ما يُعرف بالسلفية الجهادية داخل السجون المغربية، بلغت ببعضهم إلى فقدان قدراتهم العقلية، ودعت هذه الجمعيات رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، وإدارة السجون بالتدخل العاجل من أجل إنقاذهم.
آخر هذه الحالات المأساوية، حالة المعتقل الإسلامي عبدالرحيم أبو الرخا، الذي أكدت الرابطة العالمية للحقوق والحريات بالمغرب في بيان توصلت “أخبار اليوم” بنسخة منه، أنها استمعت لإفادة من زوجته تحمّل فيها المسؤولية لـ”إدارة السجن بعد ما تطورات حالة زوجها النفسية والعقلية” بسبب ما وصفته بـ” التعذيب وسوء المعاملة”، وطالبت “الجهات المسؤولة بالتدخل العاجل لحماية الرخا وإخضاعه للرعاية الصحية، وترتيب الجزاءات على من تسبب له في تفاقم وضعيته” من المسؤولين.
وفي هذا السياق، كشف محمد حقيقي، ممثل الرابطة العالمية للحقوق والحريات بالمغرب في اتصال مع الجريدة، بأنه جمعيته قامت “بتوجيه عدة مراسلات في الموضوع إلى الجهات المسؤولة، وفي مقدمتها وزارة العدل والحريات، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والمندوبية العامة لإدارة السجون، كما نفذت العائلة في وقت سابق اعتصاما يوم الأربعاء 04 نونبر 2015 أمام وزارة العدل والحريات بحضور ممثل الرابطة العالمية، وتم الاستماع إلى زوجة أبو الرخا ومحمد حقيقي من طرف الأستاذ هشام، مستشار وزير العدل والحريات، الذي وعد باتخاذ مجموعة من التدابير، منها فتح بحث في مزاعم السيد عبدالرحيم أبو الرخا، وما تعرض له من تعذيب وسوء المعاملة، وترتيب المتابعة من عدمها بحق الموظفين الثلاثة بناء على نتائج الخبرة الطبية، التي سيجريها أطباء معتمدين من طرف وزارة العدل والحريات”.
وكشف محمد حقيقي أن ممثل الرابطة العالمية اقترح على الوزارة “اتخاذ بعض التدابير لفائدة تأهيل أبو الرخا نفسيا، منها تقريبه من عائلته بسجن عكاشة، ووضعه في مصحة السجن، حيث تختفي كل مظاهر الضبط، وتحريك مسطرة العفو، بدل الإبقاء على أبو الرخا في الزنزانة الانفرادية واتباع تدابير تأديبية في حقه تساهم في تفاقم حالته النفسية والعقلية، وكذلك إجراء خبرة طبية له من طرف أطباء معتمدين من طرف الوزارة لكشف مزاعم التعذيب”.
من جانبه، أكد عبدالكريم الشاذلي، أحد شيوخ السلفية الجهادية المفرج عنهم ورئيس الجمعية الوطنية للإدماج والإصلاح، وجود حالات لمعتقلين من التيار السلفي، فقدوا قدراتهم العقلية وأصيبوا بأمراض نفسية خطيرة، منهم شقيق محمد بوجعيبة، الذي فقد عقله وقتل زميلا له في سجن عكاشة قبل أن يتوفى في السجن، وهو المعتقل بخلية بوسكورة ضمن مجموعة نور الدين نفيعة، الذي يعد من أشهر قادة الجهاد الأفغاني العرب، والذي التقى قبل اعتقاله بأكبر رموز الجهاديين كبن لادن والزرقاوي والظواهري.
كما كشف الشاذلي أن الحالة النفسية لمحمد العماري، الناجي الوحيد في الأحداث الإرهابية سنة 2003، جد متدهورة وسيئة، موضحا، أيضا، أن المعتقل الإسلامي محمد فرجي المعتقل ضمن خلية الرباع بمكناس فقد عقله، وأقدم على الانتحار في زنزانته.
كما كشف رئيس الجمعية الوطنية للإدماج والإصلاح، أن المعتقل الإسلامي سعيد بنكيران، المعتقل في خلية الميلودي زكرياء والمدان بعشرين سنة، في سجن تيفلت حالته متدهورة جدا.
وفي الوقت الذي أكد فيه الشاذلي على تفاقم الوضع الصحي والنفسي للعشرات من المعتقلين الإسلاميين، فإنه أوضح أن المعتقلين يخضعون لرعاية طبية من طرف الجهات الصحية المختصة، التي تتابع حالاتهم باستمرار، وإدارة السجون تتوفر على تقاريرهم الطبية التي تثبت حالاتهم المستعصية، إلا أن هؤلاء المعتقلين يتم استثناؤهم من العفو الملكي، دون أن تتضح أسباب ذلك، وأشار الشاذلي إلى التدخلات التي يقوم بها المجلس الوطني لحقوق الإنسان لتتبع بعض الحالات التي يحيلها هو شخصيا على مجلس الصبار، ويتم التفاعل معها بايجابية.
وفي سياق متصل، كشف مصدر مقرب من وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان، أن وزارة الرميد ليست لها أية مسؤولية مباشرة عما يجري داخل أسوار السجون، وليس لها اختصاص مباشر، وأن المعني بالموضوع هو مؤسسة محمد الخامس لإدماج السجناء.
وشدد المصدر ذاته، أن الوزير مصطفى الرميد، مافتئ يؤكد على أنه “وزير كل شيء، ووزير لاشيء”، وأنه ليس له اختصاص مباشر على القطاعات المعنية، ووزارته تتصل لإثارة الانتباه للحالات التي تعرض عليها، وهو الأمر الذي يستجيب له الوزراء والمسؤولون فيقومون بواجبهم.