الرباط - المغرب اليوم
تنتعش الليالي الرمضانية في المغرب بالمديح والسماع الصوفي وفن الملحون والحضرة كلها موسيقى روحية، وهي تمثل عنصرًا أساسيًا في الطقوس المغربية، وهي ألوان لها آلاف المريدين الذين يتابعون ويحضرون تلك المناسبات الثقافية التي ينتظرونها في كل رمضان.
وتُعد مدن فاس ومكناس وسلا ومراكش والعاصمة الرباط ذات ريادة في انتشار فنون الملحون والحضرة وازدهارها، حيث يوجد عدد من الزجالين الناظمين لقصائد الملحون المشهود لهم بالفنية والإبداع، حتى إنهم ارتفعوا إلى مرتبة الشيوخ.
ومن هؤلاء التهامي المدغري، وقدور العلمي، والجيلالي متيرد، ومحمد بن علي ولد الرزي، ومحمد بن سليمان، وأحمد الغرابلي، ومحمد الكندوز، وإدريس بن علي، وآخرون كُثر تركوا بصماتهم في تاريخ الفن الملحون والسماع التراثي خالدة في الذاكرة الفنية.
ويقيم المعهد الفرنسي في هذا الإطار، برنامجًا تحت عنوان "ليالي رمضان"، إذ ستنبض على إيقاع نحو 19 سهرة موسيقية في كل من مدينة الجديدة والدار البيضاء وأكادير وفاس والقنيطرة ومراكش ومكناس ووجدة والرباط وطنجة وتطوان.
ويشكل البرنامج الذي تقيمه المديرية الإقليمية لوزارة الثقافة في مدينة الجديدة، بشكل تشاركي مع المعهد الفرنسي، أصواتًا متنوعة من مختلف بقاع العالم، من قبيل موسيقى "الريغي" و"فيزيون" و"كناوة" و"فنفار" و"بيكوتسي"، وإيقاعات الرأس الأخضر.
كما سيعرف حضور فرق متنوعة؛ مثل الثنائي عزيز السحماوي وحسن بوسو، والمغنية إيليدا ألميدا، إلى جانب الفنان الجزائري دجام، وكذلك المغنية لورنوار، فضلًا عن مجموعة "كوش-طار". ويقول عبد الرحمن عريس المدير الإقليمي لوزارة الثقافة في مدينة الجديدة، "إن "برنامج ليالي رمضان يسعى لإبراز مجموعة من الفعاليات الموسيقية الشبابية منذ سنة 2007 إلى يومنا هذا".
ويوضح أن خشبة "ليالي رمضان" صارت فرصة للشباب من أجل شق طريقهم إلى العالمية، إذ وقع الاختيار هذه السنة على فرق شبابية تغني الموسيقى العصرية والأندلسية والملحون، الأمر الذي ساهم في استقطاب الجمهور. وبهذا سيكون المغاربة خلال شهر رمضان عل موعد مع سهرات ممتعة من تراث الآلة، والطّرب الغرناطي، وتراث الملحون، والحضرة، الذي يعدّ "ديوان المغاربة" بدون منازع.
فن الحضرة
وتأتي كلمة "الحضرة" من الإنشاد والذكر أو الإنشاد بلسان الحال، لما له علاقة بالدين الإسلامي وكلام شيوخ التصوف، مثل التراث "الكناوي" والتراث "الحمدوشي" و"العيساوي"، التي يتم الاعتماد فيها على قصائد في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم.
رمضان في المغرب
وكذلك الأذكار الصوفية التي تعتمد على أشعار البردة والقصائد الحلبية وقصائد المولد النبوي الشريف، والبعض من الأزجال والأشعار المحلية ذات الطابع الديني التي تتبرّك بالصالحين من الأولياء والشرفاء في تناسق مع إيقاعات مميزة.
تاريخ الحضرة
وتعتبر "الحضرة" من الفنون العريقة في المغرب، إذ يعود تاريخها إلى القرن السابع عشر، وهو فن متفرد بطقوسه ورموزه وأمكنته ومناسباته الدينية والاحتفالية والاجتماعية. ويستوحي هذا الفن روحه من الصوفية، وتنشد أناشيده في الزوايا، كما أنه موجود في المواسم التي تقام حول أضرحة الأولياء كل سنة في المدن التاريخية المغربية كفاس ومكناس وشفشاون والصويرة.
رمضان في المغرب
وتميز فن "الحضرة" في المغرب بكونه يقتصر على النساء، حيث يلتقين في العديد من المناسبات داخل البيوت والزوايا لإقامة طقوس الأذكار والمديح عبر ابتهالات يغلب عليها الطابع الصوفي.
ويقول عبد الرفيع زويتن مدير مهرجان فاس للموسيقى العريقة، في هذا الصدد، "إن "لهذا الشهر الفضيل ارتباطًا قويًا بالموسيقى الروحية التي تقوم على الأداء الفردي وخلوها من العزف على الآلات الموسيقية، ولا سيما بالنسبة إلى الأذان وترتيل القرآن".
ويضيف أن هذا الفن في رمضان يتخذ طابعًا شعبيًا في الفضاءات القروية والهامشية التي تنبع من متون شعرية عامية بسيطة وإيقاعات موسيقية غير مركبة، بينما تكتسي طابعًا فنيًا نخبويًا، لا سيما في أحضان الجمعيات المختصة والفرق المنظمة التي تشتغل على عيون التراث الشعري الصوفي المحلي والعربي والكوني.
وقد يهمك أيضاً :
استنفار مصالح الدرك الملكي إثر العثور على جثثين لشخصين في تيزنيت