الكويت - كونا
تشكل الزيارة الرسمية التي يقوم بها المستشار عدلي منصور رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة المؤقت الى الكويت غدا لتضع لبنة جديدة في صرح العلاقات الكويتية المصرية التي تمتد لعشرات السنين حتى غدت اليوم نموذجا يحتذى به على المستويين العربي والدولي. فقد أكدت دولة الكويت على مدى الايام والاحداث تأييدها ووقوفها الى جانب كل ما من شأنه تحقيق أمن مصر واستقرارها سياسيا واقتصاديا وعسكريا بادلته القيادة المصرية بالمثل في العديد من الأزمات التي مرت بها الكويت ومن أبرزها الموقف المصري الواضح والمؤيد والداعم للكويت خلال أزمة الاحتلال العراقي عام 1990. ولعل هذا الموقف الثابت في العلاقات بين البلدين الشقيقين قد عاد الى الظهور جليا في الاحداث التي شهدتها مصر أخيرا اذ سرعان ما أعلنت دولة الكويت رسميا دعمها للشعب المصري وارادته في التغيير معربة عن الامل في أن تتجاوز مصر المرحلة الدقيقة التي تمر بها لتصل الى بر الامان والاستقرار. وفي هذا الشأن أكد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح خالد الحمد الصباح ثقة دولة الكويت بقدرة الاشقاء في مصر على تجاوز الأحداث التي تمر بها بلادهم مضيفا ان "مصر تجاوزت أزمات وخرجت منها أقوى مما كانت عليه". ولم يقف الدعم الكويتي لجمهورية مصر العربية الشقيقة عند الجانب السياسي فقط وإنما حرصت الكويت على تقديم كل أشكال الدعم الاقتصادي والمالي حتى يتمكن الشعب المصري من تجاوز الظروف الدقيقة التي يمر بها. ففي العاشر من يوليو الماضي وبناء على توجيهات سمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه اعتمد مجلس الوزراء تقديم معونة عاجلة لمصر تضمنت وديعة بقيمة ملياري دولار أميركي في بنك مصر المركزي اضافة الى مليارين آخرين يقدم منها مليار دولار كمنحة فيما يقدم المليار الرابع على شكل نفط ومشتقاته. وفي هذا الصدد لفت مجلس الوزراء الكويتي الى ان هذه المعونة تأتي تضامنا من الشعب الكويتي مع أخيه الشعب المصري ودعما له في مواجهة الاوضاع الدقيقة التي يتعرض لها مؤكدا ثقة الكويت الكاملة في قدرة مصر على استعادة وحدتها واستقرارها والعودة لممارسة دورها الحيوي في الاسرة العربية والدولية. وعلى الضفة الاخرى كان رد الفعل المصري موازيا لمواقف الكويت تجاه الشقيقة مصر حيث أعرب المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية السفير ايهاب بدوي في سبتمبر الماضي عن تقدير بلاده لموقف دولة الكويت الداعم لارادة وتطلعات المصريين مبينا ان موقف الكويت تجاه مصر "دور عظيم وتاريخي يؤكد عمق وتجذر العلاقات بين البلدين". وفي نظرة الى الماضي تتبدى في الافق مسيرة طويلة من العلاقات المتميزة بين الكويت ومصر على المستويين الرسمي والشعبي تجعل منها علاقات ذات خصوصية متفردة في العالم العربي تقوم على ثبات المواقف ووضوح الرؤى. فالكويت قيادة وشعبا لن تنسى موقف مصر المبدئي والثابت من العدوان الذي تعرضت اليه على يد النظام العراقي السابق عام 1990 حينما وقفت مصر وقفة حازمة الى جانب الحق الكويتي في جميع المحافل العربية والدولية مؤكدة رفض العدوان العراقي على أراضي الكويت ومطالبة بل ومدافعة بدماء أبنائها حتى تعود الشرعية الكويتية في مشهد سبق تكراره عندما وقفت الكويت برجالها وأموالها للدفاع عن مصر الشقيقة إبان العدوان عليها عام 1967 وحرب اكتوبر عام 1973. أما على الصعيد الاقتصادي فقد وقعت الكويت ومصر أولى الاتفاقيات الاقتصادية بينهما عام 1964 تلتها العديد من الاتفاقيات التجارية كالاتفاق بين غرفتي التجارة في كلا البلدين عام 1977 واتفاق التعاون الاقتصادي والفني بين الدولتين الموقع عام 1998 والذي أعيد تجديده في ديسمبر 2012 ليشمل جميع الجوانب التجارية والصناعية لاسيما قطاع المواصفات والمقاييس ومراقبة الجودة وتنمية المشروعات الصغيرة وتشجيع القطاع الخاص والاستثمار والمشاركة في المعارض. وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والكويت 5ر2 مليار دولار حتى نهاية العام الماضي فيما شهدت التجارة البينية بين البلدين نموا ملحوظا حيث قفزت الصادرات من 58 مليون دولار عام 2007 الى 109 ملايين دولار عام 2011 بمعدل نمو وصل الى 88 في المئة بينما ارتفعت الواردات من 192 مليون دولار عام 2007 الى 253 مليون دولار عام 2011 بمعدل نمو بلغ 32 في المئة. وبخصوص الاستثمار فقد بلغت نسبة الاستثمارات الكويتية في مصر 25 في المئة من حجم الاستثمارات العربية بما يقارب 12 مليار جنيه مصري تديرها أكثر من 500 شركة كويتية تعمل في مجالات مختلفة. وتستثمر الكويت بالدرجة الأولى في المجال الصناعي يليه المجال السياحي ثم مجال التمويل والاتصالات والمعلومات والمجالات الانشائية وأخيرا المجالات الخدمية. ويلعب الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية دورا رئيسيا في ترسيخ العلاقات الكويتية المصرية حيث قدم الصندوق منذ عام 1964 وحتى نهاية شهر مارس 2012 ما مجموعه 35 قرضا بقيمة اجمالية بلغت 8ر583 مليون دينار كويتي.