بغداد نهال قباني
دفع تزايد التهديدات بالقتل، العراقي مصطفى السعدي إلى الفرار من بلاده، وساعد السعدي الجيش الأميركي كمترجم، وساعدته الأخيرة في المقابل ومنحته تأشيره تحولت إلى بطاقة خضراء ثم إلى مواطنة وحياة يحبها السعدي في تكساس. ومُنحت عائلة السعدي الحق في الانضمام إليه نظرًا للخطر المحيط بهم في العراق، وأصبح مواطنًا أميركيًا في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2015، وكانت لحظة فخر بالنسبة له، قال عنها "أنا ممتن لفرصة وجودي هنا التي منحوها لي ولعائلتي".
واضطر والد السعدي إلى العودة للعراق في فبراير/ شباط لحل مشكلة عائلية، ولديه إقامة دائمة في أميركا، إلا أن القرار التنفيذي للرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي استهدف 7 دول ذات أغلبية مسلمة يعني أنه كمواطن عراقي إذا خرج ربما لن يُسمح له بالعودة. وأضاف السعدي وهو يجلس في مركز اجتماعي لخدمة أشخاص من 70 جنسية، "اضطررنا حاليًا إلى إلغاء رحلته، من الواضح أنني لن أسمح له بالذهاب"، ويعرف السعدي الكثير عن السفر المحفوف بالمخاطر، وعانى من مخاطر يومية خلال وبعد حرب العراق، وغالبًا ما كان يُنظر للمترجمين باعتبارهم خونة وتعرضوا للاستهداف والقتل.
وتابع السعدي "الشيء الأكثر خطورة هو أنه كان عليك مغادرة القاعدة يوميًا، والعودة إليها يوميًا، وبالتالي إذا تتبعك أحدهم فربما يعرفون المكان الذي تعيش فيه وعائلتك ومكان عملهم، وبالتالي فأنت وعائلتك عرضة للاستهداف"، وفي عام 2009 بعد أكثر من 3 أعوام من عمل السعدي مع الجيش الأميركي، تم تحذير السعدي من الذهاب لمكان معين في بغداد، وإلا تعرض للقتل، وحينها بدأ السعدي في طلب الحصول على تأشيرة دخول الولايات المتحدة.
واستغرقت عملية الفحص نحو عام مع فحص دقيق لخلفيته وإجراء مقابلتين في السفارة الأميركية وملء العديد من الاستمارات مع خطاب دعم من أحد ضباط الجيش، وفي النهاية مُنح السعدي تأشيرة هجرة خاصة نادرة متاحة للمترجمين من العراق وأفغانستان، وحصل اللاجئ العراقي حميد خالد درويش والذي اعتقله مسؤولو الهجرة 18 ساعة، فور وصوله إلى مطار جون كنيدي في نيويورك على نفس التأشيرة.
وعمل السعدي في هيوستن في مراكز البيع والمطاعم الهندية ومخازن تجارة الجملة وفي توصيل طلبات الطعام وفي محطات الغاز، حيث يتم بيع تذاكر الحافلات التي تنقلك إلى أي مدينة من المدن الكبرى في المكسيك، وفي عام 2015 تلقت تكساس المزيد من اللاجئين عن أي ولاية أميركية أخرى، على الرغم من محاولات قادة الحزب الجمهوري لأجواء عدائية، وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلن المحافظ غريغ أبوت أن تكساس ستنسحب من برنامج إعادة توطين اللاجئين الاتحادي نظرًا لمخاوف متعلقة بالسلامة، فيما تعد هيوستن واحدة من أكثر المدن تنوعًا في البلاد.
وواصل السعدي "لم أتعرض لموقف أخبرني فيه أحدهم بأنني لست موضع ترحيب منذ قدومي إلى أميركا، وقرار حظر الرئيس لا معنى له على الأقل بالنسبة للمهاجرين، الذين وضعوا سلامتهم على الخط في خدمة المصالح الأميركية، هل هذا هو المعروف الذي يرده إليهم ترامب؟ من الصعب معرفة الطريق الذي تسير فيه الأمور حاليًا". ويقع النادي السوري الأميركي لهيوستن في مبنى حديث وأنيق على بعد 3 أميال، ووصل الأطفال لتلقي دروس اللغة العربية، حيث جلس محمد سليمان، على الطاولة وكان يكتب على الكمبيوتر المحمول الخاص به، وهو من تكساس في الأصل وانتقل والداه من سورية إلى هيوستن، وأوضح سليمان قائلًا "يفترض أن تكون أميركا المكان الذي يحظى فيه الجميع بالقبول"، مشيرًا إلى أن كونه ينتمي لمهاجرين من الشرق الأوسط لم تكن عائق له في العاصمة التي تضم أكثر من 6.3 مليون شخص ربعهم تقريبًا ولدوا في الخارج.
واستطرد سليمان "أشعر أنني أحصل على نفس الفرصة المعطاة لأي شخص في المدينة"، وهاجر "ماد" والد سليمان إلى أميركا منذ 35 عامًا ويعمل كميكانيكي، وأضاف سليمان عبر الهاتف "مع كل الولاء والوطنية الذي أكنه لهذا البلد لن يكون من العدل أن أعامل باعتباري مواطن درجة ثانية، أشعر أن ما يقوم به ترامب خاطئ تمامًا"، وأصبح ماد مواطن أميركي عام 1989، موضحًا "عشت منذ عام 1977 حتى 1981 في الكويت، وشعرت أني أجنبيًا أكثر مما شعرت هنا في أميركا".
ويقول عامر النحاس، رئيس النادي، والذي هاجر قبل 30 عامًا "أعتقد أن السوريين أصبحوا ضحايا مرتين، هم ضحية الحرب الأهلية وضحية بعض الأماكن التي يعتبروا فيها إرهابيين"، ووجد النحاس تفاؤل وقبول للمهاجرين في هيوستن، ولكن الأن هناك مخاوف وشكوك بشأن المستقبل، وتابع النحاس "هناك أناس يخشون للغاية مما هو قادم، أعتقد أن الاحتمالات ضئيلة للغاية، ولكن هناك خوف حقيقي بين هذه المجتمعات، على غرار ما حدث لليابانيين خلال الحرب العالمية الثانية".