دمشق - نور خوام
تأثرت الوسيلة الدعائية لـتنظيم "داعش" تأثرًا كبيرًا إثر وفاة كبار الأعضاء المشاركين في إنشاء أشرطة الفيديو، وكانت قتلت الغارات الجوية الغربية كبار أعضاء جهاز الدعاية في "داعش"، ما أدى إلى خفض كبير في عدد مقاطع الفيديو التي نشرها التنظيم، كما تأثرت جودة إنتاج تلك المقاطع بسبب هزيمة المنظمة في ساحة المعركة.
وتضمن أحد الفيديوهات الأخيرة، جهادي برجل واحدة ويدعى أبو شويب المسلاوي، وقد تم تصويره يسير على ساقه اليسرى تجاه سيارة الدفع الرباعي السوداء المحملة بالمتفجرات، وبعد ذلك، توجه الانتحاري نحو الكاميرا، وتحدث كلمته الأخيرة، وحث المسلمين في الغرب ممن لا يستطيعون الوصول إلى الخلافة التي أعلنها المتطرفون في العراق وسورية، لتنفيذ هجمات داخل بلدانهم الأصلية.
وقال الانتحاري: "أحثكم باسم الله أنه قبل غروب الشمس أن تملأ سيوفكم بدم هؤلاء الكفار، كل قطرة من الدم التي انسكبت هناك سوف تقلل من الضغط علينا"، أظهرت لقطات من طائرة بدون طيار سيارة الدفع الرباعي المدرعة الثقيلة التي كانت تتجه إلى خط من المركبات العراقية المقاتلة خارج مبنى في الموصل، يليه انفجار وكرة حريق ضخمة وسحابة من الدخان الأسود.
ونشر تنظيم "داعش" هذا الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي في أواخر مايو/أيار، ويحتوي على تغيير في الرسالة والنبرة التي تعكس الضغط الذي تتعرض له المجموعة المتطرفة بينما لا تزال تخسر أراضي في العراق وسورية.
فيما اعتادت أن تتسم آلة "داعش" الدعائية بالثقة، واعدًا بأن الخلافة التي أعلنت عن نفسها ستكون "دائمة ومتوسعة"، ولكن في الأشهر الأخيرة، ومع انخفاض سيطرة التنظيم على الأراضي أصبحت رسائلهم مجرد وصية.
وبعيدًا عن مقاطع الفيديو السابقة التي تتباهى بالذات، فإن الجماعة تحث الآن المقاتلين على المقاومة وعدم الفرار من ساحة المعركة، انخفضت جودة مقاطع الفيديو أيضًا بعد أن قُتل بعض أبرز الدعاة المتطرفين والمنتجين.
وكانت أنتجت أشرطة الفيديو الدعائية "داعش" من زوايا متعددة مع الأغاني الدينية في الخلفية المستخدمة لنشر الخوف بين خصوم الجماعة، مع لقطات مروعة من قطع الرأس، وإطلاق النار، واعترافات المعتقلين والهجمات المتطورة ضد منافسيهم.
وفي مقاطع الفيديو، تفاخرت المجموعة بأن المسلمين من جميع أنحاء العالم يتدفقون إلى ما أسموه "الخلافة الأولى" منذ سقوط الإمبراطورية العثمانية منذ قرن مضى، أما الآن تحث في الغالب المقاتلين على الصمود ودعوة السكان المحليين للانضمام إلى المجموعة بعد مقتل مئات من مقاتلي "داعش" خلال الأشهر الماضية.
وقال عمر أبو ليلى، وهو ناشط معارض سوري مقره حاليًا في ألمانيا، وهو أصلًا من مقاطعة دير الزور شرق سورية، التي تحتجزها الدولة الإسلامية في العراق والشام "فشلت دعاية التنظيم في أن تكون صريحة، وهذا من شأنه أن يشير إلى انهيارها وأن الجماعة تتراجع، فدعواتهم للانضمام إليهم هي علامات ضعف".
ووقعت ضربة كبيرة في آب / أغسطس عندما أدت الغارات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة وروسيا إلى مقتل أبو محمد العدناني، الناطق باسم الجماعة والقائد الأعلى الذي كان معروفًا بخطب نارية كانت تعزز معنويات المقاتلين، وفي عام 2014، بعد أن أعلنت الجماعة الخلافة، تعهد العدناني بغزو بغداد وكذلك مدينتي النجف وكربلاء المقدستين لدى الشيعة في جنوب العراق.
ووقعت ضربة أخرى في تشرين الأول/ أكتوبر عندما قتلت غارة جوية أميركية في سورية وائل الفياض، المعروف بأبو محمد الفرقان، الذي كان مسؤولًا عن إنتاج أشرطة فيديو دعائية عالية الاحتراف، وقد سميت إحدى وسائل الإعلام الرئيسية للجماعة، الفرقان ميديا، نسبة إلى اسمه، وحل محله أبو بشير المسلاوي الذي قتل بعد ذلك بفترة وجيزة.
وفي أواخر أيار/ مايو، أفادت التقارير أن مؤسس وكالة "عمق" للأنباء، بارا كاديك، قتل مع ابنته في غارة جوية على بلدة ميادين في شرق سورية، وحث شريط فيديو صدر الشهر الماضي تحت عنوان "لبي النداء"، الشباب على الانضمام إلى "داعش" للتعويض عن فقدان القوى العاملة في صفوف التنظيم.
وجاء في الفيديو: "ماذا تنتظر؟ وقد تجمع الكفار من حولنا من جميع أنحاء العالم"، مشيرًا إلى مشاهد من إرهابيي "داعش" الذين يحاولون إقناع الرجال في المساجد والنوادي بالانضمام إلى المعركة كمفجرين انتحاريين.
وجاء فيديو تحت عنوان آخر "سنوجههم إلى طريقنا" وظهر فيه رجلين، أحدهما من كندا والآخر من بريطانيا، ينفذان عملية انتحارية في الموصل، في محاولة لتسويق الجماعة كمنظمة يمكن أن تنتج أسلحتها الخاصة، مثل القذائف الصاروخية والقذائف والمركبات الصغيرة التي يمكن التحكم فيها عن بعد، والتي يمكن أن تحمل الألغام.
ومن جانبه، أوضح الخبير في تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الذي يقدم المشورة للحكومة العراقية، هشام الهاشمي: "لقد أنتجوا 158 مقطع فيديو منذ تشرين الثاني/ نوفمبر، ولم يكن أي من هذه المقاطع ذات الجودة العالية مثل" صليل السوارم"، والذي تم إصداره قبل أيام من استيلاء "داعش" على الموصل في صيف عام 2014، وكان يعتقد على نطاق واسع أنه ساعد على تسريع انهيار القوات العراقية المدافعة عن المدينة".
وتابع الهاشمي: "اليوم لا يوجد شيء يميز بين مقاطع الفيديو الخاصة بهم وأخرى من فصائل المتمردين"، مواصلًا "إنها تدعو فقط إلى العمليات الدفاعية والتفجيرات الانتحارية وأن تكون ثابتًا، لا شيء آخر."
ورغم النكسات التي شهدتها المعارك في العراق وسورية، فسرعان ما أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عن الهجمات الخارجية الأخيرة في بريطانيا وإيران وأماكن أخرى، وصرحت وزارة المخابرات الإيرانية أن خمسة من المهاجمين في الهجوم الثنائي هذا الأسبوع في طهران كانا يقاتلان من قبل من أجل "داعش" في العراق وسورية، كما أصدرت وكالة "عمق" للأنباء المتطرفة شريط فيديو مدته 24 ثانية يدعى أنه تم تصويره داخل البرلمان خلال إحدى الهجمات.
وإلى جانب عمق والفرقان، يوجد لدى المجموعة عددًا من وسائل الإعلام لنشر رسالتها، بالإضافة إلى محطة إذاعية عبر الإنترنت، البيان، والمجلات الأسبوعية على الإنترنت، النبأ والدبق، فيما تواصل شبكات مواقع التواصل الاجتماعي إغلاق الحسابات التي أنشأها أفراد التنظيم، إلا أن المجموعة تمكنت حتى الآن من إنشاء حسابات جديدة.
وفي رسالة نصية متداولة على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، تم حث المتابعين على عدم نشر رابط المجموعة بحيث لا يتم إغلاقها قائلين "نتعرض لحملة قاسية".