الرئيسية » حوارات وتقارير
عبد العالي المصباحي

الدار البيضاء - جميلة عمر

أكد المحامي العام في محكمة النقض والممثل القانوني لرابطة قضاة المغرب عبد العالي المصباحي، أن علاقة الطفل أو الحدث بالقانون تنحصر في ثلاث حالات، أولا إما أن يكون في حالة جنوح، أو يكون ضحية جرم، أو يكون في وضعية صعبة.

وفي جميع هذه الحالات يكون هو الحلقة الضعيفة، وإما أن يكون جانح منبوذ من طرف المجتمع، لأنه موصوم بالإجرام، طبقا لنظرية الوصم، وإما ضحية جرم خصوصًا إذا كان جنسي، فيجلب العار لأسرة تفضل كتم الأمر أو التفاوض على تنازل بمقابل مغري، وإما في وضعية صعبة يدخل في خانة المتشردين والمهملين من طرف المجتمع.

وأوضح المصباحي في تصريحات خاصة إلى "المغرب اليوم"، أن كل جريمة هي بمثابة عنف في حق ضحيتها أو في حق جسم الجريمة، فالاعتداء على الأشخاص هو عنف على ذواتهم، والسرقة هي عنف في حق المال، وانتزاع الحيازة هو عنف في حق الملكية أو التصرف. وعن سؤال الجرائم أو مظاهر العنف ضد الطفل؟ أجاب المصباحي، أن مظاهر العنف ضد الأطفال متنوعة ومتشعبة، وهناك العنف الجسدي أو المادي كـ "الإيذاء – الاعتداء الجنسي - الاختطاف والاحتجاز – التهجير – التشغيل المبكر – التجنيد – سرقة الأعضاء البشرية – الإدمان"، وهناك العنف المعنوي أو النفسي كــ "التهميش – التشريد – الإقصاء – الإهمال – التهديد - الاستغلال في التسول - المنع من التدريس – التوقف عن الإنفاق – القمع – غياب الأنشطة الفكرية والجسدية -غياب وسائل الترفيه".

وعن أسباب تمادي العنف في حق الأطفال، أجاب المصباحي، أن أسباب انحراف الحدث، ناتج عن العامل الاجتماعي كــ"تفكك الأسرة – الإدمان – الهدر المدرسي – التأثير السلبي للإعلام – التأثير السلبي للشارع والمحيط خاصة في المدن". فانحراف الحدث الناتج عن العامل الاقتصادي، ناتج عن "الفقر – السكن غير اللائق – غياب الرعاية الطبية – غياب وسائل الترفيه – مفارقات ولا مساوات في التدريس".

وأردف المصباحي، أن انحراف الحدث الناتج عن العامل المؤسساتي، ناتج عن غياب سياسة جنائية، ومؤسسات إعادة التربية شبه منعدمة، وإقصاء الطفل من سياسة المدينة، وغياب المادة القانونية في التدريس الابتدائي والثانوي، ونهج سياسة الباب المفتوح في مراكز التهذيب، وإعادة الإدماج. وهناك انحراف الحدث الناتج عن جنوح الولي القانوني، كإكتئاب أحد الأبوين، وإدمان الأب على المخدرات والعنف في حق الزوجة المرتكب أمام الأطفال، ووجود عقدة الربيب، وانغماس الأم في الدعارة.

ولم يغفل المصباحي عن انحراف الحدث الناتج عن التطور التكنولوجي، وأجاب أن هذا راجع على الإقبال على الألعاب الإلكترونية المشبعة بالعنف، وخلق علاقات مشبوهة عبر العالم الافتراضي والتأثر بالسينما الغربية المكرسة للغة العنف والبطولة.

 وأسهب المصباحي في مسببات أخرى، كغياب مناشير وقوانين تنظيمية تبين طرق التطبيق الفعال للنص وغياب تغطية إعلامية بجميع القنوات للتعريف بالقانون، وعدم إدراجه بالمقررات التربوية، لاستهداف الفئات المعنية به، وعدم طبع بعض فصول القانون بظهر التذاكر وبأبواب الملاعب، وعدم إشراك النوادي الرياضية، للمساهمة في التعريف به لدى جمهورها، وكذلك عدم القيام بحملات تمشيطية سابقة، لضبط الحالات المخالفة للقانون، وعدم نشر حواجز أمنية للتأكد من انعدام الممنوعات لدى المتفرجين، وانعدام أدوات القيس الجسماني، للتأكد من بلوغ السن القانونية، والمراقبة الإلكترونية لما كان يجري من ترتيبات بغرف الدردشة.

وأضاف أن "المغرب صادق على المواثيق الدولية الخاصة بالأطفال خاصة اتفاقية حقوق الطفل المصادق عليها بتاريخ 14/ 6/ 1993، و البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل المتعلقة بإشراك الأطفال في النزاعات المسلحة المصادق عليه 4/ 12/ 2003". 

وكذلك البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلالهم وبغاء الأطفال والتصوير الخلاعي المصادق عليه 4/ 12/ 2003، والاتفاقية 182 الدولية بشأن حظر أسوء أشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية، للقضاء عليها المصادق عليها 3/ 6/ 2003، والاتفاقية 138 الدولية بشأن السن الأدنى لقبول الأطفال في العمل المصادق عليها بتاريخ 19/ 5/ 2000. والاتفاقية الدولية بخصوص وضع اللاجئين لسنة 1951 المصادق عليها 7/ 11/ 1956، والبروتوكول الملحق بالاتفاقية الدولية الخاصة بوضع اللاجئين 20/ 4/ 1971.

وأن الدستور المغربي أصبحت معه السلامة الجسدية والمعنوية للمواطن حقًا دستوريًا، أي أن توفيره وتأمينه أصبح من واجبات الدولة ومسؤولياتها.

 وزائد الفصل 22، الذي ينص على أنه لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف، ومن قبل أي جهة كانت، خاصة أو عامة، ولا يجوز لأحد أن يعامل الغير، تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو خاصة بالكرامة الإنسانية، وممارسة التعذيب بكافة أشكاله، ومن قبل أي أحد، جريمة يعاقب عليها القانون.

وفي القانون الجنائي نجده تطرق لحماية الطفل وهو جنين حينما منع الإجهاض ف 449 و 454، وحماية الطفل الوليد من القتل حينما عاقب الفاعل وحتى الأم في 397، حماية الطفل من الاعتداء الجسدي في 408، حماية الطفل من التعرض للخطر في 459، حماية الطفل في هويته، حينما عاقب من يحول دون التعرف عليه في 468 وما بعده، وحماية الطفل من التشرد، حينما منع المسؤول عنه من تسليمه لمتسول أو لخيرية في 330 و465، وحماية الطفل في عقيدته حينما عاقب من حاول زعزعتها في 220.

وهناك قانون تنظيم الإتجار في المشروبات الكحولية أو الممزوجة بالكحول، في هذه الحالة لا تمنح رخصة البيع للأشخاص المحكوم عليهم من أجل جنح ضد الأطفال والمحكوم عليهم من أجل تحريض القاصرين على الفحشاء أو القوادة  الفصل 9 يمنع تشغيل القاصرين أو استقبالهم أو بيع أو تقديم أو مناولة مشروبات كحولية أو ممزوجة بالكحول للقاصرين، تحث طائلة العقاب ومنع رخصة الاستغلال.

ورغم هذه الترسانة القانونية المتطورة والمواكبة للمواثيق الدولية، لازالت مظاهر العنف ضد الأطفال في تزايد مستمر ما السبب؟ أجاب المصباحي، "سبب يرجع لعوامل أخرى متداخلة فيما بينها، والتي يجب معالجتها لجعل الطفل آمنًا في علاقته مع القانون، فلا بد للمشرع أن يعيد النظر في بعض المقتضيات حماية للطفل، خاصة الفصل 475و 471 و 484و 485  من القانون الجنائي. 

وعلمًا أنه لا يفترض في قاصر أن له إرادة وتمييز للقول، بأن الاعتداء كان بدون عنف، فهو في حد ذاته عنف ما دام قد ارتكب في حق قاصر، فالفصل  132، ينص على كل شخص سليم العقل قادر على التمييز، يكون مسؤولًا شخصيًا عن الجرائم التي يرتكبها، والفصل 138، الحدث الذي لم يبلغ 12 عامًا، يعتبر غير مسؤول جنائيًا، لانعدام تمييزه. 

والفصل  139، الحدث لم يبلغ 18 عامًا، ويعتبر مسؤولًا مسؤولية جنائية ناقصة، بسبب عدم اكتمال تمييزه، وفي الفصل 308-1 وما بعده من ق ج والخاص بشغب الملاعب، نجد المشرع لم يفرد ولو فصلًا واحدًا خاصًا بالأحداث أو ينص فيه على تدابير بديلة عن العقوبة، لتطبق في حقهم، علمًا أن أعمال الشغب ترتكب أصلا من مرتادين لم يتجاوزوا سن الرشد، فما الجدوى إذن من هذا القانون إذا كان لا يراعي المصلحة الفضلى للحدث، أو أنه يطبق في حقه عقوبات هي أكبر من جنوحه الناتج عن نقصان تمييزه.

وتحدث عن المقترحات لحماية الأطفال في نزاع مع القانون، قائلًا "جعل المسألة مشروع مجتمع بكامله، وتبدأ من إرادة قوية واهتمام شمولي ومبادرة وطنية وإشراك كلي وتشريع متسلسل، ومرجعيته ثوابت الأمة وما استقرت عليه من أحوال اجتماعية، وتتضافر فيها جهود كل المؤسسات، وقال تعالى "وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ".

والاهتمام بالأسرة وتقوية دورها لأنها نواة المجتمع ومحوره، والانكباب على الوقاية من الانحراف ومظاهره، قبل علاج الجريمة ومخلفاتها، وإدراج مبادئ الدين الحنيف وأخلاق المجتمع الأصيل ضمن مناهج التربية والتعليم، مع إبعاد الحدث عن وليه القانوني المصاب بالاكتئاب أو المنحرف أو المدمن أو الماجن، وتقوية دور المجتمع المدني، وإعطاء صفة المنفعة العامة والدعم المادي للجمعيات المتخصصة، تقوية دور النيابة العامة في المراقبة القبلية والبعدية لمسار الأحداث، جعل المتابعة والعقوبة استثناء لا يلجأ إليها، إلا في الحالات الشاذة والموجبة لذلك.

ومع إخضاع الأسر المتفككة أو التي تعاني مشاكل لرقابة الوزارة الوصية والمؤسسات ذات الاهتمام، وجعل الأصل في القضاء تحقيق العدالة، بدلًا عن تطبيق القانون، والأفضل أن يجتمعا، مع تفعيل أهداف أشغال الدورة الاستثنائية للأمم المتحدة عن الطفل التي انخرط  فيها المغرب على مدى 10 أعوام ( 2006-2016)، سن تشريعات وقوانين تراعي المصلحة الفضلى للحدث و تعميم وإشاعة المعلومة القانونية، عملا بمبدأ لا يعذر أحد بجهله القانون، مع إشراك الإعلام والتزامه بنشر التوعية اللازمة، والواجبة لحماية الأطفال. ولنستمع للطفل أكثر مما يستمع إلينا فشخصيته تنحت بالتعبير لا بالتلقي، وفي كلامه مرآة لما بداخله، وفي صمته ظلمة لما يشعر به.

View on moroccosports.net

أخبار ذات صلة

الرجوب يؤكد صدقية الموقف الفلسطيني تجاه واشنطن
المعلمي يُؤكّد أنّ "هجوم الناقلات" يتفق مع نمط النظام…
نبيل شعث يطالب بتفعيل المقاطعة الشاملة على إسرائيل
الأحمد يؤكد أن مصر تقوم بتحرُّك جدي في ملف…
العزاوي تكشف كواليس صراعات داخلية غير مسبوقة لـ "الأصالة"

اخر الاخبار

العثور على مصاحف وسط القمامة في المدينة المنورة و"الشؤون…
تفاصيل مُثيرة عن حقيقة اختطاف فتاة قاصر من مطار…
نهاية مأساوية لأخ حاول فضّ عراك بين شقيقه وشخص…
شاب يسلم نفسه إلى شرطة تطوان بعدما ذبح خليلته…

فن وموسيقى

ناهد السباعي ترفض قطعيًا أن تكون الزّوحة الثّانية
إليسا تعود لصديقاتها من جديد وتُمارس تمارينها الرياضية
الفنان أحمد عز يفتح صندوق أسراره وجديد أعماله
جمال سليمان يشيد بالترحيب بالسوريين المقيمين في مصر

أخبار النجوم

سُميَّة الخشاب تُقرِّر العودة إلى السينما بفيلم وسيناريو جديد
محمد الشرنوبي يتجاهل الحديث عن خطوبته من سارة الطباخ
طليقة وائل كفوري تستعرض جمالها وتكسر الحصار
حسن الرداد يُكشف كواليس مسلسه الرمضاني "الزوجة 18"

رياضة

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
محمد صلاح يتصدر ترتيب أفضل خمسة لاعبين أفارقة في…
ميسي يعود للملاعب بعد غياب شهرين للإصابة
مبابي في قلب حرب باردة داخل المنتخب الفرنسي

صحة وتغذية

احذر إهمال ارتفاع ضغط الدم ولا تتجاهل علامات الوجه
دراسة تؤكد أن الرضاعة الطبيعية تقلل خطر الإصابة بـ"الربو"
بريطانيّة تُنقذ حياة ابنها بعد أن لاحظت إحمرارًا على…
لصقة من جلد الإنسان تحدث ثورة في علاج القلب

الأخبار الأكثر قراءة