الرئيسية » مراجعة كتب

القاهرة - أ.ش.أ

في كتابه "كراسة التحرير" (الدار المصرية اللبنانية) يتأمل مكاوي سعيد تفاصيل "ثورة 25 يناير" وتداعياتها من قلب الحدث ومن زوايا خفية تخصه وحده بحكم وجوده الدائم في وسط القاهرة، أو "وسط البلد"، بحسب التسمية الشائعة. حين اندلعت الثورة أدرك صاحب رواية "تغريدة البجعة"، قيمة اللحظة التي يعيشها، فالحلم الذي بدا بعيدا لعقود عدة نزل على الأرض، أمام عينيه، وأحداثه تدور على مقربة منه، فتحولت جولته اليومية إلى جولات، والملاحظات التفقدية إلى مشاركة، وبات الميدان مقصدا أوليا، وممرا حتميا، وهو المنطلق إلى البيت والمقهى، ومشاوير العمل لا العكس، ولأنه يعرف مدينته عن ظهر قلب، لم ير الثورة على ضخامتها حدثا سياسيا مجردا، بل إنسانيا بالمعنى الأشمل للكلمة. رصد مكاوي سعيد تفاصيل الثورة من "صابرين"؛ فتاة الشارع التي دخلت ميدان التحرير مصادفة في البداية، واندمجت مع بنات الثورة اللاتي أحببنها وأحبتهن، وتفانت في خدمتهن، وبعدها ابتلعها الزحام، في دلالة على بقاء الشقاء كما هو بلا تغيير حتى الآن. كتب عن "نمر الثورة"؛ المناضل "كمال خليل" الذي أرهق نظام "حبيب العادلي" وزير الداخلية لسنوات طويلة في عهد مبارك، بشعاراته الثورية، وقيادته المتظاهرين كما كتب عن "بيير السيوفي" الثوري الحالم، صاحب أهم عمارة تطل على ميدان التحرير، و"أحمد لطفي" الذي فتح شقته للثوار. وفي المقابل وقف بذكاء وخفة ظل أمام كل من خانوا الثورة من الانتهازيين، من يزعمون أنهم شعراء الثورة، وأنهم كانوا في الميدان من أول لحظة وهم لم يدخلوه، ومن عادوا الثورة من أول لحظة لصالح نظام مبارك، وحين تنحي تنصلوا منه، وادعوا الثورية المبدأية، وأعلنوا انحيازهم للشعب، ولفقوا لأنفسهم تاريخا مزيفا، لكن مصيبتهم أن كل اكاذيبهم كانت "على الهواء مباشرة" والشعب "مفنجل عيونه" في لحظة لا ينتج فيها الخداع إلا الفضيحة لفاعله. ولم ينس مكاوي سعيد صمود الناس في مواجهة الجوع والبرد وظروف الإقامة القاسية في ميدان لا تتوفر فيه الخدمات الانسانية، لكنه أصبح مجالا مفتوحا للتكافل الاجتماعي الهائل، وأقيمت فيه منظومة إعاشة عشوائية رائعة، فمنهم من أقام عيادات ميدانية لتطبيب الجرحى والمرضى، ومنهم من يحضر كميات كبيرة من الأطعمة والعصائر، وتشكلت تنظيمات دفاعية عن الميدان والثورة ضد النظام وبلطجيته، وحدث أشهر الصدامات التي استقرت في الوعي العام باسم "موقعة الجمل" التي عجلت بنهاية النظام، وما حدث في "المتحف المصري" الذي يضم أهم آثار الدنيا. ولم يغفل شيئا يستحق الذكر في الثورة، خاصة الأبنية في الميدان، وعلى رأسها المجمع ومسجد عمر مكرم والجامعة الأمريكية، وعرض لتاريخ الشوارع المحيطة والمتصلة بالمكان، ولم يكن هذا كله بقصد التأريخ للثورة سياسيا، ولا بغرض تفقد "العمدة" لأملاكه فقط، بل لحفظ وجدانيات الأمة في أجمل وأهم تجلياتها، وليهدهد الشعب المنهوبن ويجعله يري الروابط الخفية بين الأشياء، والتي ربما لا تبدو في الظاهر، لكنها تكون أدق في رصد ورؤية الحقائق بجلاء. وكتب أيضا لطمأنة محبوبته، هذه البلد التي أرهقها الظلم، وأنهكها الفساد، وواتتها الفرصة لتتخلص مما يثقل كاهلها، وتنال حريتها التي طال انتظارها، وإن عطلها أعداء الشعب إلى الآن، لكن الثورة ما زالت تتفاعل، وتداعياتها لن تتوقف في المدى المنظور، والثورات لا تكف يدها عادة إلا بتحقق كل مطالبها. وقد شارك الفنان عمرو الكفراوي برسم غلاف الكتاب، كما رسم الشخصيات الداخلية وقدم حكايات بالريشة موازية لحكايات الكتاب.

View on moroccosports.net

أخبار ذات صلة

دار "كلمات" تستعد لنشر ترجمة رواية "سفر هارون" للأمريكى…
أيمن زيدان يكتب تفاصيل عن حياته في مجموعة قصصية…
استعراض لأبرز ما يتضمنه كتاب "الاقتصاد العراقي – الأزمات…
"أزمات مجلس التعاون " في كتاب جديد يبرز السيناريوهات…
"قصيدة النثر والتفات النوع" معالجة فى مفهوم الشعر

اخر الاخبار

العثور على مصاحف وسط القمامة في المدينة المنورة و"الشؤون…
تفاصيل مُثيرة عن حقيقة اختطاف فتاة قاصر من مطار…
نهاية مأساوية لأخ حاول فضّ عراك بين شقيقه وشخص…
شاب يسلم نفسه إلى شرطة تطوان بعدما ذبح خليلته…

فن وموسيقى

ناهد السباعي ترفض قطعيًا أن تكون الزّوحة الثّانية
إليسا تعود لصديقاتها من جديد وتُمارس تمارينها الرياضية
الفنان أحمد عز يفتح صندوق أسراره وجديد أعماله
جمال سليمان يشيد بالترحيب بالسوريين المقيمين في مصر

أخبار النجوم

سُميَّة الخشاب تُقرِّر العودة إلى السينما بفيلم وسيناريو جديد
محمد الشرنوبي يتجاهل الحديث عن خطوبته من سارة الطباخ
طليقة وائل كفوري تستعرض جمالها وتكسر الحصار
حسن الرداد يُكشف كواليس مسلسه الرمضاني "الزوجة 18"

رياضة

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
محمد صلاح يتصدر ترتيب أفضل خمسة لاعبين أفارقة في…
ميسي يعود للملاعب بعد غياب شهرين للإصابة
مبابي في قلب حرب باردة داخل المنتخب الفرنسي

صحة وتغذية

احذر إهمال ارتفاع ضغط الدم ولا تتجاهل علامات الوجه
دراسة تؤكد أن الرضاعة الطبيعية تقلل خطر الإصابة بـ"الربو"
بريطانيّة تُنقذ حياة ابنها بعد أن لاحظت إحمرارًا على…
لصقة من جلد الإنسان تحدث ثورة في علاج القلب

الأخبار الأكثر قراءة