بقلم : بلال حلبوز
ينتظر المغاربة بفارغ الصبر يوم الإعلان عن البلد الذي سيتشرف بتنظيم كأس العالم 2026 نظرا لما تشكله هذه التظاهرة من أهمية كبيرة على مستوى العالم ،ويتنافس المغرب بملف يوصف بالذكي في مواجهة ملف ثلاثي تتقدمه الولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب المكسيك وكندا ،ولن ندخل في تفاصيل الملف الأخير لأننا جميعا نعرف مدى قوته في مواجهة ملف المغرب البلد الذي لم يسبق له أن نظم تظاهرة بهذا الحجم، وهذه الأهمية التي يحتلها تنظيم كأس العالم في المغرب حدث مغري في الحقيقة ويحظى تقريبا بموافقة جميع الأطراف، رغم اختلاف التصورات ومنظور كل طرف حول طرق تدبير هذا الملف والغايات التي يريد كل واحد الوصول إليها، فالميزانية الكبيرة المرصودة لتأهيل البنيات التحتية في حال فوزه هي بمثابة شعرة معاوية التي تقسم الآراء، إذ يرى بعض الأطراف أن عائدات كأس العالم مهما بلغت لن تستطيع أن تكون في مستوى المبلغ الذي رصد من أجلها بين أطراف أخرى تقاسمها نفس الرأي حول ضخامة الميزانية، لكن تختلف معها كون هذا الحدث فرصة لا تعوض لتأهيل البنيات التحتية العامة والرياضية بشكل خاص وخلق مئات الآلاف من فرص العمل على مدار هذه السنوات، إلى جانب الطفرة السياحية المتوقعة وجلب العديد من الإستثمارات الشيء الذي يمكنه من إعطاء دفعة قوية للإقتصاد الوطني ومسار التنمية في البلاد، خاصة إذا توفرت شروط الرقابة اللازمة وآليات الرصد الحقيقية لمواجهة ما تعود عليه البعض من المغاربة من فساد وسرقة لأموال مشاريع الدولة دون حسيب أو رقيب.
لكن، دعنا نعالج الأمر بطريقة منطقية ولنعد للبداية، فالمغرب لا يواجه خصما عاديا في طريق المنافسة على التنظيم فهو يتصارع مع أقوى دولة في العالم على جميع المستويات، بلد كأمريكا لا يحتاج أن ينتظر 2026 ليكون جاهزا لتنظيم كأس العالم ، البلد يستطيع أن ينظم هذه التظاهرة في أي وقت دون أن يستعد لها مسبقا خاصة إذا علمنا أنه قد نظم نهائيات كأس العالم 1994 وهي من أقوى نسخ كأس العالم التي نظمت حتى الآن رغم مرور 24 سنة على تنظيمها ،وأمريكا الآن تطورت كثيرا ولم تعد نفسها أمريكاو 1994 و لا يمكن حتى أن نجري مقارنة بينها وبين المغرب، كما أن الملف الأمريكي ملف ثلاثي يضم المكسيك التي سبق لها بدورها أن نظمت هذا الحدث وكندا البلد المتقدم، أيضا، وبهذا فإن هذا الملف يحظى بدعاية واستقطاب من طرف ثلاث دول ستستخدم كل إمكانياتها للضغط على الاتحادات الكروية المحلية والقارية في جميع انحاء العالم للظفر بالتنظيم، والكثرة تغلب الشجاعة دائما ،وهنا يأتي السؤال الجوهري ما الذي قد يحفز المغرب للغوز بهذه الفرصة الذهبية، وهو بلد ينتمي إلى العالم الثالث أو دول الجنوب بعبارة أخرى واستعمال كلمة جنوب هنا لها دلالتها؟ وإذا تمعنا في المعطى الأخير سنجد أن نقطة القوة الوحيدة التي يتميز بها المغرب تكمن في كون الإتحاد الدولي يحاول قدر الإمكان ألا يجعل تنظيم التظاهرات من هذا الحجم حكرا على الدول المتقدمة، لتفادي تكريس مفهوم الشمال والجنوب الذي تم ذكره قبل قليل.
وبالحديث عن كأس العالم من الناحية الاقتصادية، فالجميع يعرف أن كبرى شركات الدعم لهذه المسابقة هي شركات أمريكية الجنسية وهي الأخرى ستقوم بدورها في دعم الملف الأمريكي وتعزيزه، نظرا أولا لحجم الأرباح التي يمكن جمعها في مجتمع لا يمكن مقارنة وضعيته الإقتصادية مع وضعية المغرب إلى جانب أن عدد الشركات التي يمكن أن تنخرط في مجال الدعم والإشهار عند تنظيم الكأس في أمريكا لن يكون بنفس الحجم وهي منظمة في المغرب، كما لا يجب أن ننسى أيضا أعداد الجماهير وقدرتها على الدخول إلى الملاعب ليست نفسها تماما بين بلد يعيش مواطنوه رفاه اقتصادي إذا ما تم مقارنته بالوضع الإجتماعي للمغاربة!!
وبهذا يمكن أن تكون عائدات كأس العالم مضاعفة عشرات المرات بقدر ذلك الفارق الإقتصادي الذي يوجد بين البلدين.
ومن أبرز نقط القلق التي يمكن أن تمنع الإتحادات الكروية من التصويت على المغرب على الرغم من تلقيه دعما قويا من فرنسا ،الوضعية السياسية التي يشهدها فالشارع المغربي يعيش منذ سنوات على وقع تحركات قوية آخرها حراك الريف وأوطات الحاج وجرادة ومناطق أخرى، مهددة بالإنفجار في أي وقت إذن ما الذي سيجعل الإتحاد الدولي لكرة القدم يغامر بمنح المغرب استضافة كأس العالم وأوضاعه السياسية والإجتماعية حتى الأمنية ليست على ما يرام ؟! ويمكن أن تتطور أكثر مما عليه الآن وليست هناك ضمانة تمنع ذلك نظرا لوضعية الإحتقان التي يعيشها الشارع المغربي وسخطه العام على المقاربات السياسية التي تنتهجها الحكومة ،والأكيد أن الإتحاد الدولي ليس غافلا عن هذه الأحداث وسيأخذها بعين الإعتبار كما أن الولايات المتحدة المنافسة ستلعب بهذه النقطة في إقناع الآخرين بالتصويت لها،
وفي الأخير ،مهما اختلفت التوجهات نرجو أن يفوز المغرب بتنظيم هذه التظاهرة العالمية رغم أن هذا الأمر يعد شبه معجزة...