بقلم - محمد زايد
حقق المنتخب المغربي المحلي أفضل بداية ممكنة له في منافسات كأس أمم أفريقيا للمحليين، بعد فوزه الكبير على منتخب موريتانيا بأربعة أهداف لصفر، في لقاء عرف سيطرة كبيرة للاعبي مُنتخبنا، و عرف أيضا إيجابيات أخرى نرجو تثبيتها و بعض السلبيات التي نأمل أن يتم تجاوزها، أو إصلاحها قدر الإمكان في أقرب الآجال.
لا يمكن الحديث عن إيجابيات هذه المباراة، دون الحديث عن أداء اللاعبين الذي اتسم بالواقعية و السّخاء و الانضباط، بغض النظر عن صعوبة البداية، التي عرفت تأخرا في دخول "أُسودِنا" في أجواء اللّقاء، إذ وقعوا في فخّ التسرع أكثر من مرة، بالرغم من الاستحواذ على الكرة، هذه الكرة التي أنصفتهم بداية الشوط الثاني و مكنتهم من فك شفرة دفاع الشقيق الموريتاني، و الذي انهالت على شباكه الأهداف بعد ذلك من كل حدب و صوب و بشتى الطرق، أبرزها الهدف الرّابع و الأخير الذي جاء على طريقة "أحمد البهجة" من أقدام ابن تازة، لاعب الهلال السعودي المستقبلي و الوداد الرياضي الحالي، أشرف بنشرقي.
لن نُفضل أداء لاعب على آخر في هذه المباراة، فالكل تألق و أبان عن أحقيته في حمل قميص المنتخب المحلي، ولو أنني شخصيا كنت أُمني النفس في تواجد لاعب واحد من "دَورينا" في اللقاء ولو على كرسي الاحتياط، و أقصد جناح حسنية أكادير، بديع أوك، ليس فقط لقيمته التقنية أو الفنية، بل كمُكافأة له من وجهة نظري على تألقه هذا الموسم رفقة فريقه، و قيادته له للتويج ببطولة الخريف الرمزية، و تنصيب نفسه واحد من أفضل مواهب هذا الدوري، إن لم يكن الأفضل حتماً، و حين نتحدث عن المُكافاة فنحن لا نقصد المجاملة، بل نقصد التقدير و الاعتراف بالأحقية.
و بعيدا عما هو تقني، و إن تحدثنا عمّا أحاط بالمباراة كونها جاءت افتِتاحية لهذه المسابقة، سنشير أكيد لحفل الافتتاح الذي و رغم بساطته و قِصر مدته، إلا أنه كان مِثاليا، كونه لم يعتمد على البهرجة و نشاز الفقرات، بل وحّد الرؤية و الموضوع رسالة صغيرة مُختصرة تتحدث عن الوطن و الاعتزاز به، أو هكذا بدا لي، و هذا مُعطىً لا يمكن إلّا أن يُصنف في خانة الإيجابيات أكيد.
أما عن السلبيات، فستفرض الإِنارة نفسها كعنوان بارز للنقائص، إذ بدَت المُباراة و كأنها تُجرى تحت أضواء الشموع و ليس تحت أضواء كاشفة رُفعت أعمدتها حديثا، حتى تساءلت مستغربا: أبهذه الطّريقة سنروج لتنظيم كأس العالم؟
قدَرنا ربما ألا نتفاءل بالإنجازات و الإصلاحات أو نفرح بها، دائما انتظارتنا في واد و النتائج في واد آخر، و هذا ما يُفسر التشاؤم و السخط الذي بات يغمر نفوس غالبيتنا، ليس في القطاع الرياضي فحسب، بل في جل القطاعات، و هذا واقع لا يتطلب مجهودا كبيرا لمُعايشته و لمسِ حقيقته للأسف البالغ.
نقطة أخرى و أخيرة لابد من الوقوف عندها و تكرار ذِكرِها، بما أنها تُصنف في خانة السلبيات، تتعلق بالحضور الجماهيري، و الذي كان متوقعا أنه سيكون بالكم كهدف لا بالكيف كما ذكرنا بالأمس، لكن ما لم نكن نتوقعه أن يتم التعامل مع بعضهم بطريقة فظّة، و غير لائقة، في مشاهد تكررت في فترات سابقة ولو بطرق مختلفة، مشاهد تتلخص في تصريح أحدهم قدِم عُنوةً في إحدى الحافلات من حي الأُلفة، إذ قال بنبرة ساخرة:" جاوْ و لاحُنا هنِا و خْلاونا.. أنا غانْرجع فحالي ماعنْدي فين ندخل..!"
تصريح يُظهر العلاقة التي تحدثنا عنها سابقا بين المسؤول الرياضي و المتتبع أو المشجع، و هي علاقة المصلحة و اللاّ تقدير، علاقة لا يمكن أن تُصلح إلّم يحاول هذا المسؤول مُراجعة قناعاته و رُؤاه، يستبدل فيها مفهوم المشجع من فرد يعيث في الأرض فساداً، إلى ابنٍ يستوجب الحُضن و التوجيه و التأطير.
نرجو أن يواصل المنتخب الوطني المغربي المحلي أداءه المقنع في منافسات "الشان"، و نرجو من المسؤول أن يتدارك سيئاته التي ذكَرنا و يُثبت إيجابياته، كما نرجو أن يُمنع القاصِرون من ولوج الملعب في المباراة القادمة، صحيح كُنّا أمام محك الحضور الجماهيري خاصة في المباراة الافتتاحية و حتمية تواجده، لكن ليس بتبرير غزو هؤلاء القاصرين للمدرجات، وهو القرار الذي قد يشكل خطراً عليهم و على غيرهم دون شك، أو ليس كذلك؟