بقلم : إسماعيل أجرماي
إن الواقع الرياضي المرير الذي تشهده حاضرة صنهاجة، في تارجيست، يدفع كل غيور على منطقة بلاد باكرمان ونواحيها إلى العمل، كل من موقعه، للمساهمة في نفض الغبار ورفع الظلم الذي تعانيه المنطقة، هذا الظلم الذي يبدو أنه ممنهج من أطراف قريبة منا جغرافيًا، وبعيدة عنا انتمائيًا، أو أنها تتنكر للمشترك الكبير الذي يجمع بيننا، فكأننا أمام القبلية المقيتة التي لا تساهم في شيء بقدر ما تسعى إلى تحقير واحتقار الآخر، الذي هو منها مع كامل الأسف.
إن منطقة باكرمان الصامدة تعاني بقوة من الحيف في مختلف أشكال التنمية، إلا أن حديث اليوم جرنا إليه الوضع الكارثي والمأساوي الذي يعانيه المجال الرياضي، فلا البنى التحتية الرياضية متوفرة، ولا الجمعيات الرياضية المتواجدة بقوة على الساحة تستفيد من دعم الأموال العمومية، سواء من طرف المجلس البلدي أو المجلس الإقليمي أوالمجلس الجهوي، إلا استفادة بعض الجمعيات الرياضية، التي تتواجد على الأوراق فقط.
ولما كان الواقع الرياضي على هذا الحال في منطقة باكرمان، فإن التنمية الرياضية، في مقارنتها بمدن الجهة، غير ذلك، فملاعب القرب كثيرة، بالإضافة إلى أن الملاعب البلدية متوفرة في كل المراكز التابعة لكل المدن، والاستثناء بالطبع يشمل حاضرة صنهاجة، وتارجيست، والمناطق المجاورة، كمركز إيساكن، وغيره من المراكز القروية المتناثرة داخل أرجاء الإقليم.
إذن، لماذا إقصاء وحرمان سكان بلاد باكرمان والنواحي من بنيى تحتية رياضية حقيقية؟ وما هو مصير ملاعب القرب في بلدية تارجيست؟ ولماذا حرم سكان تارجيست من حقهم في الاستفادة من تهيئة الملعب البلدي، قدوة بحال البلديات القريبة من الحسيمة، التي تم تجهيزها وتهيئتها للممارسة؟
ولماذا يتم حرمان فريق تارجيست، الذي يمارس في القسم الثالث للهواة، من هذا الحق، ومعه كل فرق وشباب المدينة؟ ولماذا لا يتم إدماج بلاد باكرمان والنواحي في مخططات التنمية الرياضية في الإقليم؟
أما العالم القروي في منطقة باكرمان، فإن الحركة الرياضية فيه تقوم بمجهوداتها الجبارة من أجل النهوض بوضع الممارسين والأطفال، والعمل على إدماجهم في المحيط الرياضي، والنأي بهم عن الكثير من أشكال الانحراف، في ظل انقطاع الدعم من قبل المجلس الإقليمي، ودعم ضئيل جدًا من قبل المجالس الترابية، نظرًا لضعف إمكانياتها المادية، كما هو حال جمعية شباب بني شبون للرياضة والتنمية، على سبيل المثال لا الحصر، التي يقوم رئيسها، محمد بونيف "بوماجيد"، بدور كبير وفعال في تنمية المنطقة رياضيًا، بتنظيم دوريات على مستوى قبيلة بني جميل مكصولين، كما أنه يهتم بالشق القاعدي في العمل الرياضي، وخاصة في مجال كرة القدم، وهذا سَبْق في المنطقة، وينم عن حس رياضي ودراية واسعة بمفهوم كرة القدم الحديثة، وكذلك الشأن بالنسبة لجمعية صنهاجة تارجيست لكرة القدم المصغرة، المتواجدة في مدينة تارجيست، التي يقوم رئيسها، محمد زروال، بمجهودات جبارة مع الفئات السنية الصغرى. وتعمل الجمعية، عبر مسؤوليها، على تلقين الأطفال الممارسين أبجديات كرة القدم المصغرة، وغيرها كثير من الأطر الرياضية الرائعة في المنطقة، ما يعني أن سكان منطقة تارجيست والنواحي يملكون قيادات شابة قادرة على دفع عجلة التنمية الرياضية، فلا ينقصها سوى البنى التحتية الأساسية، ومن الضروري توفير ملاعب كبرى، بالإضافة إلى ملاعب للقرب في العالم القروي، فالعالم القروي أثبت، داخل هذا الوطن، أنه خزان هائل للمواهب الرياضية، في مختلف أنواع الرياضات.
وتجسيدًا لسياسة اللامبالاة التي ينتهجها المسؤولون في تدبير الشأن الرياضي في منطقة باكرمان، وكذلك الأجهزة الجامعية المركزية الوصية، تم حرمان بطل من أبطال المنطقة، وهو محمد الشعرة، من الدعم والمساندة للمشاركة في بطولة عالمية لرياضة الكاراتيه، فما كان منه إلا أن مول رحلة مشاركته من ماله الخاص، لا لشيء سوى تمثيل بلاده في المحافل الدولية، ورفع الراية المغربية عاليًا، وتشريف منطقة تارجيست والنواحي.
وبالعودة إلى الترسانة القانونية المنظمة لتسيير الشأن المحلي، خاصة القوانين المنظمة لعمل الجماعات الترابية، ففي قانون الجهة نجد أن المشرع يلح، في الفصل "91"، على العمل على إنعاش الرياضة والترفيه، أما قانون العمالات والأقاليم فهو بدوره يذهب في طرح التنمية الرياضية، حيث نص الفصلين 86 و89 على ضرورة العمل على تشخيص الاحتياجات الرياضية، وتأهيل الرياضة.
أما القانون المنظم للمجالس الترابية، فيتضمن اختصاصات مهمة، تتمثل في العمل على إنشاء الملاعب والميادين الرياضية، والقاعات المغطاة، والمسابح، والمعاهد الرياضية.
كما أن الملك محمد السادس قدم درسًا لكل المتدخلين في الشأن الرياضي، من خلال المناظرة الوطنية للرياضة، المنعقدة في 2013، بالعمل على خدمة الرياضة، سواء في المراكز الحضرية والقروية، بتوفير التجهيزات والبنيات التحتية ودعم الجميع على حد سواء، دون مزايدات سياسية فارغة، فأكد في رسالته ذلك بالقول: "وفي هذا الصدد، يزيد حرصنا على إيلاء تشييد بنيات محلية رياضية مكانة الأسبقية في مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والبرامج التي تساهم بها مؤسسة محمد الخامس للتضامن".
إذن يامسؤولوا الوطن، الملك في صف التنمية بكل أشكالها، وخاصة التنمية الرياضية، فماذا أنتم فاعلون؟ أستتبعون سياسة الآذان الصماء؟ وهذا ما يبدو، أم أنكم ستعملون على تطبيق ما يريده الملك والشعب على أرض الواقع، حتى تستفيد منطقة باكرمان من التنمية الرياضية، حالها حال معظم المدن المجاورة، الواقعة في جهة طنجة تطوان الحسيمة؟
ولتحقيق ما يسعى لأجله قاطنوا منطقة باكرمان والنواحي، فإن نداء الشارع هو الفيصل من أجل تحقيق متطلبات الحراك المجتمعي المحلي، والعمل سويًا، بكل مسؤولية، للمطالبة بتحقيق التنمية الشاملة والرياضية للمنطقة.