ملاعب متخلى عنها

ملاعب متخلى عنها

المغرب الرياضي  -

ملاعب متخلى عنها

بقلم - حسن البصري

كلما أطلق المنتخبون اسم لاعب على ملعب لكرة القدم إلا وأعلنوا وفاته..كلما وضعوا اسم مدرب أو مسير على مدخل فضاء لممارسة كرة القدم إلا وحولوا اللوحة إلى شاهد قبر..كلما قصوا شريط التسمية إلا وسرقوا المقص وحولوه إلى خنجر يذبح الرموز من الوريد إلى الوريد.
إذا تأملنا أسماء ملاعب الكرة في بلادنا سنكتشف حجم الجحود، وسنستحضر موقف أبناء المراحيم الذين يعيشون تحت خط القهر، كل ما يملكون لوحة كتبت بخط معتل تذكر برجل مات دون أن يجد كفن الكرامة.
وضع اسم اللاعب الدولي العربي بن مبارك على ثلاث ملاعب في الدار البيضاء ومراكش وفي الصحراء، لكن لا أحد من اللاعبين الممارسين يعرفون تاريخ العربي ولم يجرؤ أحد من المؤطرين على تخصيص حصة لتلقين النش درس في التاريخ عنوانه “المؤسس الحقيقي للكرة في المغرب”، كي لا يظل إدريس الأول ويوسف بن تاشفين ومحمد بن تومرت هم مؤسسو البلاد.
لو تقدم حفيد العربي بن مبارك إلى الملعب وطلب الانتماء للمدرسة لطالبه مسؤولو الفريق بشهادة الحياة وواجب الانخراط وصور وشهادة الخلو من الأمراض المعدية، دون اعتبار لتاريخ جده ورمزية الاسم الذي كان أسطورة زمانه.
ذات يوم توجه حفيد الأب جيكو مؤسس الرجاء البيضاوي إلى إدارة النادي وأعلن رغبته في الانضمام لمدرسة الفريق، فوضعوا أمامه لائحة الحاجيات وأسعار الحصص وشيك للدفع المسبق كأنه سيرقد في مصحة خصوصية، التمس المجانية استنادا إلى تاريخ الأب جيكو فطالبوه بملتمس كتابي باسم الرئيس وشهادة الحياة الجماعية وتصريح بالشرف، فعاد أدراجه خائبا يصادر دموعه ويمني النفس بنزع صورة الفقيد من إدارة النادي.
يحمل ملعب الراسينغ البيضاوي إسم الأب جيكو، رغم أنه لا علاقة للاسم بالمسمى، لم يلعب للراك ولم يدربه وكل ما يقتسم معه مساحة أربعة أمتار خصصت لاسمه، بينما منطق الأشياء يقتضي إطلاق اسم أحمد النتيفي على الملعب.
مسكين العربي باطما، فقد أطلق مجلس مقاطعة الحي المحمدي ذات يوم اسمه على ملعب الحفرة، تساءل أبناء كريان سنطرال عن العلاقة بين عازف وملعب، فقيل إنه كان يشغل قيد حياته مهمة كاتب عام للفريق، قالوا آمين..لكن ذات صباح حضرت القوة العمومية واستبدلت الإسم وانتزعت اللوحة في ما يشبه غارة من غارات تحرير الملك العمومي.
انتزعت “اليافطة” وهدم الجدار، وحين قرأ قائد لمخازنية في عيون أبناء الحي نظرة عتاب، ردد على مسامعهم: “ما هموني غير لرجال إلا ضاعوا لحيوط إلا رابو كلها يبني دارو”. أما العربي الزاولي الذي وضع اسمه على ملعب الفريق فقد تحول نصف الملعب إلى مخزن لحافلات النفايات، بينما أصبح أفراد أسرة الزاولي يفكرون في اللجوء لملعب يحمل اسم والدهم تجنبا لإفراغ آت لا ريب فيه.

في برشيد يمكن لملعب لكرة القدم أن يحمل اسم عالم “الرازي”، ربما لقربه من مستشفى الرازي للأمراض العقلية، وفي تطوان يصر المنتخبون على أن يبقى ملعب المدينة باسم المنطقة “سانسة الرمل”، بالرغم من المطالب التي آمن أصحابها بأنهم يصبون الماء في الرمل.
باستثناء ملعب الأمير مولاي عبد الله، فإن كل الملاعب التي تشرف عليها سونارجيس بلا اسم ولا عنوان، وكأنهم أطفال متخلى عنهم مجهولو الأصول لا يتوفرون على دفاتر الحالة المدنية. لهذا يجد كثير من الصحافيين حرجا في تسمية ملاعبنا فيصفونها بالملاعب الكبرى.
قال أحد المحققين في أعمال شغب عرفها ملعب مراكش، إنه وجد نفسه في موقف حرج وهو يبحث عن تسمية لمسرح الجريمة، وحين وصفه بالملعب الكبير نبهه رئيسه إلى ضرورة إضافة كرة القدم لأن أكبر ملعب في مراكش هو ملعب الكولف.
يصر أهالي طنجة على تسمية ملعبهم “ملعب ابن بطوطة”، لكن المستندات الرسمية لسونارجيس تعتبره بدون اسم أو لقب، وتكتفي بالاسم المتداول “الملعب الكبير”، ليس لأن ابن بطوطة لا علاقة له بالكرة، بل لأن التسمية تحتاج إلى قرار من مجلس المدينة وتزكية من وزارتي الداخلية والشباب والرياضة وموافقة من أسرة الرحالة ومسطرة معقدة جعلت نصف ملاعبنا “بلدية”. كما يصر أهالي أكادير على تسمية ملعبهم “الكبير” بملعب أدرار وتعني بالأمازيغية الجبل، لكن الشركة “طلعت للجبل” وأصرت بدورها على تسمية الملاعب بأحجامها لا بتاريخها أو جغرافيتها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملاعب متخلى عنها ملاعب متخلى عنها



GMT 13:19 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"خوكم بدون عمل"

GMT 20:05 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فاقد الشيء لا يعطيه

GMT 20:48 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إدمان التغيير

GMT 20:16 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طاليب والحلوى المسمومة

GMT 12:48 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"الكان" في المغرب

GMT 19:28 2015 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد طنجة يسترجع صدارة بطولة الكرة الطائرة

GMT 19:44 2013 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

وليد سليمان يتوقع منافسة شرسة في كأس العالم للأندية

GMT 17:13 2017 الأربعاء ,06 أيلول / سبتمبر

انطلاق دوري محترفي اليد بتنظيم 6 مباريات الأربعاء

GMT 22:16 2012 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

مرتضى منصور: لن أسمح بأخونة القلعة البيضاء

GMT 12:47 2012 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

فيرغسون: فرصة مانشستر كبيرة في حال شفاء المدافعين

GMT 10:36 2020 الجمعة ,22 أيار / مايو

البحرين تخلد اسم عيسى بن راشد

GMT 15:39 2020 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

نادال يعبر إلى رابع أدوار بطولة أستراليا المفتوحة
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib