كيف حالك يا أم الألعاب

كيف حالك يا أم الألعاب

المغرب الرياضي  -

كيف حالك يا أم الألعاب

بقلم: المهدي الحداد

في اليوم الموالي لنهاية الألعاب الإفريقية التي أجريت بالرباط، قام أحد الصالحين بزيارة مقبرة الرياضات ضواحي العاصمة، والتي دأب على زيارتها فور نهاية أي تظاهرة قارية أو دولية، لتفقد الأرواح الجديدة التي إلتحقت بها، بعدما أصابتها جلطات دماغية مفاجئة أو إستسلمت إثر صراع طويل مع المرض.
الزائر الوفي والمترحّم سنويا على الراقدين تحت التراب، أثاره ضيف جديد حل بالمقبرة، والمدهش أنه لم يمت بعد وإنما يحتضر، ويئن بصوت خافت يهز صمت القبور.
إقترب الرجل من القبر يتحسس خطواته ودبدبات الخوف تراقص نبضات قلبه، ودنا من مكان النداء حتى وصل إلى الصوت الذي يطلب النجدة، ليبادر إلى سؤاله مرتجفا حول هويته ومن يكون، فجاء الرد سريعا وبكلمات خافثة ونفسٍ متقطع.
«أنا هنا منذ الأمس، جاؤوا بي معتقدين أنني مت، حيث دخلت في غيبوبة طويلة لمدة سنوات، إنقطع فيها نفسي وتوقفت نبضات قلبي، قبل أن يمنحوني مؤخرا آخر فرصة وإختبار للبقاء على قيد الحياة، لكنني لم أستجيب وفشلت، ليكون مصيري حمل نعشي إلى هنا.»
دُهش الزائر من الإجابة الملغومة والتي لم تشفي غليله لمعرفة صاحب القبر، فطالب بالتوضيح أكثر وسرد السيناريو بالكامل، ليكون الجواب كالتالي:
«أنا ألعاب القوى، أنا الرياضة التي منحت المغرب 19 ميدالية من أصل 23 مربوحة في تاريخ الألعاب الأولمبية، أنا الأصل والمجد وصاحبة الكبرياء، والتي رفعت راية البلاد منذ روما 1960 وحتى لندن 2012، حينما أهديت للمغرب والعرب وإفريقيا أساطير حفروا مناجم الذهب، وأنقذوا ماء الوجه في العديد من المآزق، وجعلوا العالم كله يعرف المغرب عن طريق أبطالي، الذين نابوا عن السفراء والديبلوماسيين، ليضعوا المملكة في طابور الدول الرائدة دوليا في رياضةٍ مثالية ونبيلة.»
كاد الرجل أن ينهار بعد سماع صدمة وفاة ألعاب القوى، وهو الذي إعتقدها خالدة أو على الأقل ستكون آخر المتوفين، نظرا لريادتها الأبدية للرياضة المغربية، فتردد كثيرا وإرتجف، قبل أن يتجرأ على سحب الميت الحي ويعيده إلى فوق الأرض، وينفض عنه التراب بحسرة وألم سائلا: كيف حالك يا أم الألعاب؟
خرست المعنية بالأمر قليلا وإلتقطت بعض النفس ثم قالت: «حالي حال هؤلاء من حولي، السباحة والدراجات، المصارعة، كرة السلة  الثلاثية والقدم والطاولة والبقية، دون الحديث عن أولئك الذين وُلدوا متوفين، أصبحت عاجزة تماما عن مجاراة إيقاع العالم، بل وصارت متواضعة جدا على الساحة الإفريقية، والتي كنت فيها إلى زمن قريب أركض وأعدو بالخلف مع المنافسين، وأهرب عنهم بلفّات ودورات، لكنني اليوم أعاني وأتألم من الفراغ، ومن شح الأبطال، ومن فقر التكوين والمصاحبة، لأكتفي بعشرات العدائين الأرانب، أو غزلان مجروحة تصول وتجول هنا وهناك، دون أن تحقق النتائج المرجوة أو تصعد أرقى منصات التتويج».
لكن ما الذي أتى بك إلى هذه المقبرة يُسائل الرجل المسعف؟ فأجابت: «هي الألعاب الإفريقية السهلة والتي أقيمت في دياري وكشفت شللي التام، الكثير من عدائي تعرضوا للإقصاء وتذيلوا المراتب، والمؤلم في سباقات التخصص ذكورا وإناثا، فاكتفيت بالصف 14 في الترتيب العام بصفر ميدالية ذهبية، فكان مصيري جنازة سرية وسريعة لهذه المقبرة، بعدما فقدوا الأمل في حياتي».
وضع الرجل يده على قلب أم الألعاب وسمع نبضا لأحد الشرايين الحية والتي تحمل بصيصا من النور، وفطن أنه وريد سفيان البقالي اليتيم والذي يُبقي الروح بألعاب القوى ويأبى موتها حاليا، فما كان لزائرنا المشكور والمبهور إلا أن يحمل رياضتنا على عجل إلى المستشفى وقسم العناية المركزة، هناك حيث سترقد إلى غاية صيف 2020، موعد إجراء الفحص المصيري على يد طبيب ياباني سيقرر في مدى قدرتها على مواصلة الحياة، أو الإستسلام لنعشٍ رسمي هذه المرة سيعيدها إلى المقبرة المعلومة».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف حالك يا أم الألعاب كيف حالك يا أم الألعاب



GMT 02:22 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

المنع المتخذ في حق الجماهير الشرقية

GMT 09:37 2019 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

نهاية مسلسل حمد الله

GMT 18:13 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

سلوك بلهندة

GMT 11:14 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الله يجعل البركة.. قضية ايحتاران

GMT 08:15 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حقيقة إسم ديربي "الغضب" بنكهة "العرب"

GMT 18:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

مباريات اليوم الاثنين 2 ديسمبر 2024 في مختلف البطولات
المغرب الرياضي  - مباريات اليوم الاثنين 2 ديسمبر 2024 في مختلف البطولات

GMT 14:39 2020 الخميس ,16 كانون الثاني / يناير

عداء مغربي آخر يسقط في فخ المنشطات

GMT 17:03 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

تتويج إيهاب بالميدالية الذهبية في بطولة العالم لرفع الأثقال

GMT 16:00 2016 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

السعودية تلتقي قطر في نصف نهائي كأس اّسيا لكرة اليد

GMT 00:11 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

المنتخب المغربي كرة القدم الشاطئية يتعادل مع مصر

GMT 19:02 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

باكس يهزم مافريكس في منافسات دوري السلة الأميركي

GMT 16:54 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

الكويت والسالمية يتأهلان إلي إلى ربع نهائي عربية اليد

GMT 20:13 2014 الثلاثاء ,29 إبريل / نيسان

مجموعة "الأهلي" في دوري أبطال أفريقيا صعبّة

GMT 06:38 2017 الثلاثاء ,31 كانون الثاني / يناير

" دي " يتلقى الهزيمة من "ذا أوثور أوف بين" في NXT للتاغ تيم

GMT 00:10 2014 الجمعة ,31 كانون الثاني / يناير

الاتحاد المغربي يختار مدربًا مؤقتًا لمنتخب كرة القدم

GMT 14:31 2016 الإثنين ,01 شباط / فبراير

شباب الحسيمة يضم المدافع ياسين الرمش

GMT 23:11 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الافريقي يسمح لغينيا باستضافة مباريات على أرضها
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib