بقلم- الحسين بوهروال
عندما استقرّ ملعب الحارثي في مكانه البيئي الجميل أبت بعض المؤسسات الرياضية والتربوية والثقافية والاقتصادية والدينية إلا أن تختار لها مقرا بجانب هذا الميدان الذي يجلس على مدرجاته زخم من التاريخ الذي يحق لنا الافتخار به. هذه المؤسسات رأت أن قول "الجار قبل الدار" يناسبها لما لهذا المحيط من مزايا الطبيعة والجمال التزمت هذه المرافق المواطنة باحترامه لما يوفره من بيئة صحية وجمال المشاهد وتناسق الأزقة والشوارع وإتاحة الفرصة للاعين لتتوجه نحو السماء لتشكر الله على ما حبى به المدينة الحمراء من خيرات وإلى جبال الأطلس الشامخة التي تضع عمامتها البيضاء هذه الأيام على قممها احتفاء بالطبيعة ونبع الحياة الذي يطربنا خريره وهو يجري نحو الحدائق والجنان والعراصي المراكشية ليعطيها الحياة في تطبيق لقوله تعالى: https://static.xx.fbcdn.net/images/emoji.php/v9/fcb/1/16/1f641.png:(وجعلنا من الماء كل شيء حي).
وهكذا تعانق الثانوية والمدرسة والمسجد الكنيسة وتستقر ملاعب التنس الفسيحة المحتضنة لكأس الحسن الثاني وكأس ديفيس ومدارس التكوين بجانب ملاعب السلة واليد وحتى نادي السيارة والخدمات والمسرح والسياحة.
لملعب الحارثي أخ توأم له من الأسماء ملعب الريكبي وألعاب القوى استقبل بكل التقدير والحفاوة والترحاب والتمجيد أبطال الدراجة المغربية: محمد الكورش، عبدالله قدور، محمد بهلول وعبدالرحمان فراك والكوكبة الطويلة المرتدية للأقمصة الملونة الزاهية عنوان المراتب الأمامية المشرفة في تنافس شريف لصعود الجبال وهبوطها ومنعرجات تيشكا وأخواتها مع دراجي العالم المتألقين.
تخليدًا لأمجاد الجوهرة السوداء وعطاءاته تقرر إطلاق اسم العربي بن إمبارك على هذا الأخ الشقيق لربط الماضي بالحاضر مع تطلعات للمستقبل المنشود، وعندما أراد الحارثي الأكبر تجديد جلده ورونقه لاستقبال ضيوفه بما يليق بهم من رحابة الصدر وجمال المظهر وشساعة المكان لاحتضان الآلاف من الزوار وكبار الضيوف، فتح ملعب العربي بن إمبارك بكل ترحاب وتلقائية أبوابه وأرضيته ومدرجاته لصناعة الفرجة والمتعة بشراكة مع كبار الأندية وأرقاها وأعلاها كعبًا. الحارثي نفسه الذي أجريت بغرفته التجارية والصناعية قرعة مباريات نيل كأس العرش بمحضر شاهد ين من الزمان الراقي لا يمكن التشكيك في صدقيتهما وشموخهما وغزارة عطائهما المرحومين أحمد النتيفي الكاتب العام للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم أيام كان للجامعة كاتب عام يدبر أمورها ويعلي شأنها، وعبداللطيف الغربي رئيس الجمعية المغربية للصحافة الرياضية ورئيس مصلحة الرياضة بالإذاعة الوطنية المدرسة الأم للإبداع المغربي وفي المقدمة الإعلام الرياضي المسجد لسلطة الضمير ونزاهة الفكر وغزارة المعرفة مع تواضع العلماء، أيام "الناكرة" العزيزة ذات الحجم الكبير والوزن الثقيل والنفع العميم.
إيه يا حارثي كم أنت رائع بل أنت الروعة بذاتها.
أما الموسيقى الروحية فدخلت الحارثي من معهدها المجاور لتلقي تحية الفن الأصيل على القاعة الزجاجية وهي تغص بالعشاق والمرحبين بمروض الكمان المرحوم إسماعيل أحمد ومناجي العود عبدالوهاب الدكالي في ليلة موسيقية ربيعية مراكشية ليست ككل الليالي.
قاعة الزجاج بالحارثي تزينت كالعروس ليلة زفافها لتحتفي بما يليق بمطربين كبيرين من حجم عبدالوهاب الدكالي وهو ينشد قصيدته: "يا فاس حي الله أرضك من ثرى وسقاك من صوب الغمام المسبل×يا جنة الدنيا التي أربت على حمص بمنظرها البهي الأجمل. وإسماعيل أحمد وهو يرد بنشوة المزهو تحت تصفيق العاشقين وزغاريد المعجبات رائعته: يا مراكش يا وريدة بين النخيل بهاك ما له مثيل.
إنها مساجلة فنية من كنوز ومذخرات ستينات القرن الماضي زمن الإبداع والفن الرفيع.
ملعب الحارثي كتب لوحده صفحات مشرقة من تاريخ مراكش الرياضي ومجدها الذي تجاوز الحدود والأزمان.