بقلم- محمد زايد
جذبت رئيسة دولة كرواتيا "كوليندا غرابار كيتاروفيتش" أنظار المتابعين للكأس العالمية المُقامة حاليا في روسيا، ببساطتها وشغفها وتلقائيتها، ما جعل العديد من المهتمين يصنفونها كواحدة من نجوم دوري ثمن و ربع نهائي هذه المسابقة العالمية.
رئيسة هذه الدولة التي تأهل منتخبها لنصف النهائي، صرّحت أنها اشترت تذاكر المباريات التي ولجت مدرجاتها من مالها الخاص، بل و قدِمت إلى روسيا لمساندة المنتخب الكرواتي عبر رحلة عادية رفقة مشجعين كْروات، دون حاجتها "لبروتوكول رئاسي" ولا لِأن تحجز في مقاعد الدرجة الأولى ولا لاستنزاف خزينة الدولة، بل على نفقتها الخاصة، مع التذكير ثانية أن من نتحدث عنها ليست مسؤولة في الاتحاد الكرواتي لكرة القدم، أو قريبة لاعب ما، أو حتى شخصية عامة هناك، بل"رئيسة البلاد".
هنا في المغرب فضّل فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم التكفل بمصاريف عائلات وأُسر اللاعبين جميعهم، زائد رؤساء عدد من الأندية وبعض المسؤولين و ورياضيين آخرين، بل حتى بعض المقربين من مسؤولين جامعيين، الذين أقاموا بفنادق مصنفة في العاصمة الروسية موسكو، على خلاف المثال الكرواتي "الفذ".
قد يقول قائل أن هذا "السخاء" لم يكن من أموال الشعب، بل جاء استفادة من منحة الاتحاد الدولي لكرة القدم، كما أكد مصدر جامعي في وقت سابق، وحتى لو كان ذلك صحيحا، سنجد العذر أقبح من الذّنب، لعل أكبر ذنب يتمثل في السؤال الآتي: "هل انتهت مشاكلنا المادية جميعها للأندية والمنتخبات السنية بل وحتى الفروع الأخرى حتى نبذر بهذه الطريقة؟"
تخيلوا مثلا أن تهب جامعة الكرة 10 في المئة فقط من مِنحة الفيفا، والتي تبلغ ما يقارب 8 ملايين دولار لجامعة كرة السلة، والتي تعاني الأمرّين في إيجاد موارد مالية، أقلّها، ثمن استخلاص تأشِرة دخول دولة معينة لإجراء مسابقة تصفوية مؤهلة لكأس العالم على أرضها، لا تتعدى قيمتها 400 درهم للفرد، أي قيمة فنجان قهوة إن بالغنا في إحدى تلك الفنادق الرّوسية، هذه الفنادق التي جمعت عشرات المدعوّين على نفقة جامعة كُرتنا المُنتشية بمنحة "الفيفا"، هذا إن لم نقل المئات.
نعلم أن مسؤولية الجامعة تجاه جامعة أخرى غير معقولة عند البعض أو تجانب الصواب بالاقتراح أعلاه، لكن ستكون كذلك ربما لو لم تكن هذه الجامعات الضامّة للمنتخبات الوطنية برمّتها تهدف لإعلاء راية واحدة، و عزف نشيد واحد في المسابقات القارية والدّولية؟
فهل نستحق فعلا عيش البذخ و "الأُبّهة" في ظل عدد من العقبات التي لا زلنا لم نقتحمها بعد تسييريا وتقنيا؟ وهل نحن على صواب بهذا "الكرم الذي تعدّى كرم حاتم الطّائي"؟ أم أن رئيسة دولة كرواتيا وغيرها هم المخطئون في اعتمادهم على "جيبهم" في تنقلاتهم لمساندة منتخبات الدول التي ينتمون إليها بغض النظر عن مواقعهم بها؟ من يدري، ربما..
واقِعنا يفضحنا، ويُظهر أننا لا زلنا لم نتعلم ممن تقدموا أمامنا أمتاراً و أميالاً، نعيش تحت سقف الوهم والتغليط، هذا الوهم الذي بنيناه بأيدينا وصدّقناه وصِرنا ندافع عنه بشراسة، رغم علم بعضنا أنه كذلك، قد يأتي اليوم الذي ستنكشف حقيقته للملأ، وآنذاك ربما لن تنفع لا المُبررات و لا الأعذار ولا سياسة "البذخ" و "الإسراف" و "قولوا العام زينْ"، إنّ غدا لِناظره قَريب..!