بقلم - سعيد انيس
عصر ذات خميس وأنا أزور رفقة أصدقاء أخا بضواحي حي العكاري في الرباط. رن هاتفي لتلقي الخبر الذي هز كل المغاربة فور سماعه . الظلمي في ذمة الله ، سكت اللسان عن الكلام وسقطت الكلمات بل أصبت بهزة وقلت: لا اله إلا الله الله أكبر حسبنا الله ونعم الوكيل. لم أتسرع وتحريت الخبر اليقين من أصدقاء أوفياء للمرحوم، اتصلت بنجله ليدخل اسم عبد المجيد الظلمي في خانة الفقيد.
أخبرت زملاء المحنة بالخبر وتوجهت للتو إلى ردهات دار البريهي، في زمن قياسي للبحث عن أرشيف لـ"مجيدو" كما كان يحلو لرفاقه تسميته. وتمكنت من السهر على تمرير لقطات كان المرحوم عريسا لها في ليلة التقدير والاعتراف سنة 2005 بالخدمات التي أسداها الفقيد إلى الكرة المغربية وإلى المكانة التي كان يحظى بها المعلم سواء أثناء الممارسة أو بعد الاعتزال، لقد ظل الظلمي في مقامه شامخا عاليا مرفوع الرأس وطنيا دوليا إلى أن لقي ربه.
بعد عودتي إلى البيت أطلقت العنان إلى العالم الأزرق وذكرت بأخلاق وشخصية المايسترو معززا التدوينات عبر التويتر بأحسن اللقطات واللمسات والتمريرات و"البيضات" التي كان عبد المجيد يتفنن في إتقانها.. كان الوحيد القادر على صنع من هذا القبيل. وهي فرصة أمام الجيل الذي لم يكتب له الاستمتاع بروائعه ليمنح عينه متعة المشاهدة.
وكم كنت كبيرا يا أخي مجيدو بصمتك الحكيم .كم كنت رائعا عندما تجالس أصدقاءك كنت رجل دعابة ونكتة. أتذكرها عندما يكون الحارس مخلص وبينيني وباقي القدماء الذين ظلوا أوفياء للمة وصلة الرحم إلى آخر رمق وهي خصال، ارتبطت بأبناء الأحياء الشعبية في المغرب أعرقها درب السلطان الذي شهد ملاحم الكرة بفضاء لارميطاج ملعب الشيلي ملعب النخلة
وكل رمال لارميطاج لازالت تشهد لك بالاعتراف في زمن لم يكن التطور التكنولوجي في أوجه لنقل أجمل الصور لأبناء درب الميتر وزنقة تادلة، بوشنتوف، درب الفقراء ، درب القريعة، درب الشرفاء ، درب سباليون. البلدية ، درب السادني. .. أبناء درب السلطان الذين كانوا يقضون أزهى فترات الكرة داخل دوريات الأحياء والدروب التي أنجبت أيقونة الكرة الوطنية عبدالمجيد الظلمي حين التحق بالقلعة الخضراء ومدرسة الاب جيكو بداية السبعينيات، معبدا الطريق أمام كل من السوادي، الحداوي، موحيد، التيجاني، الحمراوي. فتحي جمال، عماني وآخرون.
قضيت أكثر من 20 سنة في خدمة قميص رجاء درب السلطان ، تركت قيم الحكمة التسامح الطيبة والرزانة والتفاني في خدمة الوطن واسعدت المحبين أينما تواجدوا، علاوة على رباطة جأشك التي قل نظيرها في زمن المادة الفانية.
تناوب المرحوم على حمل القميص 4 داخل النسور الخضر بل حمل عمادة الفريق وكان نعم القائد للكتيبة الخضراء ؛ وحمل القميص 6 في صفوف المنتخب الوطني الذي حقق معه الفترة الذهبية للكرة الوطنية حقبة الثمانينات. سيكتب التاريخ بمداد الفخر والاعتزاز أن ذاك الأسد رمز من بين الأسود الذين تركوا بصمات واضحة بمكسيكو وكل المواقع الأفريقية التي شهدت إعلاء العلم الوطني والصعود إلى أعلى المراتب.
كل المغاربة سيحفظون هذا الرمز الكروي الكروي الشامخ الذي لا يتكرر ويتذكر عشاق الكرة أن الظلمي سيظل حيا على كل لسان وبين المدرجات بل على أرضية الملاعب التي كانت تعشق خطوات الرجل الأسطورة التي أبدعت أروع المعزوفات بالقدم.