بقلم: بدر الدين الإدريسي
كان من سوء حظي، أن السوبر الإيطالي الذي دعيت لمشاهدته بملعب الملك عبد الله الدولي، الذي يطلق عليه الجوهرة المشعة بمدينة جدة السعودية عروس البحر الأحمر، ووضع في المواجهة جوفنتوس وأس ميلان لم يشهد حضور الكابيتانو المهدي بنعطية، فقد كانت مؤشرات كثيرة تقول بأن ماسيميليانو أليغري مدرب السيدة العجوز كان سيضع بنعطية في محور الدفاع إلى جانب الخرافي كيليني، برغم أن الفلسفة الدفاعية التي اختارها لفريقه تميل أكثر لثنائية كيليني وبونوتشي.
ولم يخفف من حسرة، أن تحول الإصابة دون حضور بنعطية في مباراة قدر لي أن أشاهدها مباشرة، سوى أن النزال الذي دعيت له من قبل الهيئة العامة للرياضة بالمملكة العربية السعودية، خرج للأمانة بشكل رائع تنظيما وتسويقا، ما جعل الصحافة الإيطالية تجمع على نجاح عولمة وتدويل هذا اللقاء الفخري، وقد قرر الإتحاد الإيطالي على غرار ما تفعله منذ بداية الألفية الثالثة، اتحادات كروية أوروبية، أن يعيد السوبر إلى منطقة الخليج العربي، وهو واثق من أن التجربة ستكون بالفعل ملهمة ومحفزة على انفتاح كروي هو من مميزات الزمن الكروي الحديث.
بالقطع لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يسافر فيها السوبر الإيطالي خارج الحدود، فقد كانت المرة الأولى التي يقام فيها السوبر كالشيو بعيدا عن إيطاليا، سنة 2002 عندما استضاف ملعب 11 يونيو بطرابلس مباراة اليوفي وبارما، وتوج اليوفي وقتذاك باللقب بعد الفوز بهدفين لهدف، ومنذ تلك السنة، تردد السوبر الإيطالي أربع مرات على الصين، ومرتين على قطر، ومرة واحدة على الولايات المتحدة الأمريكية بملعب العمالقة بنيوجيرسي (جيان ستاديوم)، ليزور لأول مرة المملكة العربية السعودية، وما هو مدون اليوم في دفاتر التقييم الإيطالية، يقول بأتم عبارة أن السوبر الإيطالي بالجوهرة المشعة بمدينة جدة، كان فريدا من نوعه على كافة الأصعدة، حضور جماهيري قياسي، حيث لم يكن هناك قبل المباراة بدقائق، أي مكان فارغ، بحضور ما يقارب 62 الف متفرج، وتنظيم احترافي فاق كل التوقعات بوجود كثير من عناصر الفخامة، التي أبقت أفواه الإيطاليين من مناصري الفريقين ومن الضيوف المميزين مفتوحة من فرط الإعجاب قبل الدهشة.
وبرغم الكثافة العددية للجماهير التي تسابقت على اقتناء التذاكر من الأنترنيت وسحبتها في زمن قياسي، ما جعل المباراة تلعب بشبابيك مغلقة، فإن اللجان التنظيمية نجحت ولأبعد الحدود في تيسير عملية الدخول والخروج من الجوهرة المشعة، ووفقت في تأمين كل الظروف الإحترافية التي استأنس بها نجوم الفريقين وأشادوا بها، فقد طلع نجم هذا السوبر، ومانح اللقب للسيدة العجوز، الأسطورة كريستيانو رونالدو، ليقول أنه عاش بالفعل لحظات جميلة منوها بالبيئة الكروية الإحترافية التي تهيأت للفريقين، وأيضا بالأرضية الممتازة لملعب الجوهرة المشعة، ثم بالحرارة التي أشاعتها الجماهير المتدفقة على أيقونة الملاعب السعودية.
وقد ذكرني هذا النجاح المبهر للسوبر الإيطالي وهو يقام لأول مرة على ملاعب السعودية، على غرار ما حصده سوبر أمريكا اللاتينية بين البرازيل والأرجنتين من علامات التميز والإبهار يوم أقيم بالجوهرة المشعة، بما صادفه السوبر الإسباني بين برشلونة وإشبيلية بملعب طنجة الكبير، وقبله السوبر الفرنسي الذي استضافه المغرب في مناسبتين، من نجاحات تنظيمية وجماهيرية وتسويقية، دالة على صحة المقاربة التي تبنتها البطولات الأوروبية الكبرى قبل عقدين من الزمن، بغية تسويق صورتها وتوسعة جغرافية الإنتشار حول العالم.
وأتصور أن مثل هذه المقاربات التسويقية، هو ما نحتاجه في خضم المجهودات المبذولة من أجل تصدير السلعة الكروية المغربية إلى أسواق خارجية، بخاصة تلك التي تعرف تواجد أعداد كبيرة من جالياتنا بالخارج، بالطبع ليس في الأمر استعلاء على الواقع ولا مزايدة في الكلام ولا رسما لحلم غير ممكن، فما نحتاجه على مستوى الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم أن تكون هناك خلية من الخبراء والمتخصصين في مجالات التسويق والتدويل، مهمتها هي بحث السبل الكفيلة لتسويق البطولات المغربية إلى دول الجوار، حتى لو كان ذلك سيتحقق بعد سنوات، المهم أن نبدأ التفكير في ذلك من الآن.