بقلم : احمد ماغوسي
سطر المشرع المغربي قوانين عدة تحدد دور الجماعات المحلية في تنمية الحركة الرياضية، كما نصت على ذلك الرسالة الملكية الموجهة إلى المناظرة الوطنية للرياضة، والتوصيات المنبثقة عنها والتي ركزت بشكل كبير على دور الجماعات المحلية في تنمية الرياضة، علمًا بأن الدستور الجديد وبالخصوص الفصول 26 و 31 و 33 عمل على تحصين الرياضة وممارستها وجعلها من بين الحقوق التي أتى بها وذلك من خلال إلزام السلطات العمومية لدعم الرياضة والنهوض بها، حيت ألزم الدولة والجماعات المحلية على تعبئة كل الوسائل المتاحة للنهوض بهذا القطاع ،مضيفًا في الفصل 33 أنه يجب على السلطات العمومية اتخاذ التدابير الملائمة لتحقيق تيسير ولوج الشباب للثقافة والعلم والتكنولوجية والفن والرياضة والأنشطة الترفيهية مع توفير الظروف المواتية لإبراز طاقاتهم الخلاقة والإبداعية في كل هذه المجالات .
إن غياب برامج رياضية واضحة المعالم لدى بعض الجماعات وعدم الاهتمام بهذا القطاع الحيوي ساهم بشكل كبير في تدني وتخلف القطاع الرياضي، فضلًا على أن أغلب الجماعات المحلية لا تحترم البنود المرتبطة بالشأن الاجتماعي والرياضي وتراجعت عن اهتمامها بالحركة الرياضية ، ولم تبذل أي جهد لتقوية البنيات التحتية الرياضية كإحداث ملاعب رياضية، قاعات رياضية ،مسابح، بل عجزت عن صيانة تلك الموجودة منها سلفًا وإصلاحها وترميمها، وبقيت مهملة إلى أن أصبحت تشكل خطرًا على سلامة وأمن اللاعبين والجمهور الرياضي عامة.
وأمام هذا العجز عن مواكبة تطورات الحركة الرياضية من طرف الجماعات المحلية ومن أجل تقريب الرياضة من المواطنين وتفعيلًا للتوجيهات الملكية السامية في هذا الميدان، أطلقت وزارة الشباب والرياضة، بشراكة مع الجماعات المحلية، مشروع المراكز السوسيو رياضية للقرب ، من أجل التخفيف من النقص المسجل في البنية التحتية الرياضية في بلادنا، خصوصًا ملاعب القرب، وبالتالي التأثير في الحياة اليومية للساكنة بتقريب الممارسة الرياضية من الأحياء الشعبية وتمكين المواطن من المشاركة في أنشطة رياضية واجتماعية، غير أن هذا المشروع الهام أصبح يواجه في بعض المدن مشاكل من طرف بعض الجماعات المحلية التي تحول دون تسييره و تدبير شؤونه على أحسن وجه ،مهددة الأطر الإدارية و التقنية المشرفة التابعة للمديريات الإقليمية لوزارة الشباب و الرياضة بل لم يسلم من ذلك حتى المديرين الإقليميين أنفسهم، بإنتزاع ملكية هذه المراكبات السوسيو رياضية للقرب على إعتبار أن الوعاء العقاري تعود ملكيته إلى الجماعة المحلية كما تطالب بعض الجماعات بمجانية الإستفادة غير معترفة بالتعريفة الخاصة بإستغلال مرافق و ملاعب هده المركبات والمنصوص عليها في الجريدة الرسمية ، متناسية بذلك و بحكم اختصاصاتها المقررة في الميثاق الجماعي، إلى ضرورة الانخراط في المجهود الرامي إلى تسخير الموارد البشرية اللازمة للمساهمة في تسيير هذه البنيات الرياضية من خلال اعتماد مقاربة متوازنة تأخذ بعين الاعتبار المصلحة العامة وفلسفة إحداث هذه المركبات السوسيو رياضية المندمجة ونهج سياسة تضامنية للمساهمة في تحمل أداء تكاليف التسيير.
فإذا كانت هذه المركبات الرياضية المرتع الخصب لجيل التحدي والمنبت الحقيقي للرياضيين الكبار ، فقد أصبح من اللازم على الجماعات المحلية و المديريات الإقليمية لوزارة الشباب و الرياضة على حد سواء إلى بذل مجهود خاص للاستثمار في العنصر البشري لتوسيع قاعدة الممارسين عبر إحداث مدارس رياضية داخل هذه المركبات، فضلًا عن الحرص على إتباع الأساليب الحديثة في التسيير وتعزيز قدراتها المالية والذاتية بدل الاعتماد بصفة رئيسية على الدعم الذي تقدمه الأجهزة العمومية ، ولتجاوز الإكراهات المرتبطة بتسيير هذه المركبات الرياضية ، وضعت الوزارة نظام المصالح المدبرة بصورة مستقلة يأخذ بعين الاعتبار فرض تعريفة على الخدمات المقدمة لتغطية المصاريف الخاصة بالتسيير، وتنزيل مقتضيات دستور2011، والاستقلالية المالية عن الميزانية العامة بكل شفافية و ليونة و البحث عن الموارد الإضافية.
ويبقى كل الأمل كبيرًا في الجماعات المحلية من أجل التفاعل إيجابًا مع الاستراتيجية التي تنهجها وزارة الشباب و الرياضة القائمة على إرساء أسس الحكامة الجيدة في التسيير و تكريس الفعل التشاركي القائم على فلسفة الإلتقائية بين البرامج القطاعية و باقي المتدخلين في الشأن الرياضي.