بقلم - خليل بوبحي
أثارت تقنية حكم الفيديو المساعد VAR التي استعملها الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA بشكل رسمي لأول مرة خلال نهائيات كأس العالم المقامة حاليا بروسيا 2018 جدلا واسعا بين العديد من المنتخبات المشاركة وبين FIFA بسبب عدم استفادة بعض المنتخبات من هذه التقنية مقابل استفادة منتخبات أخرى ، مما جعل بعض الأصوات المنتقدة ترتفع لتطالب FIFA بعدم اعتماد هذه التقنية مستقبلا لأنها بحسب وجهة نظرهم تفسد متعة كرة القدم المبنية في مجملها على الأخطاء ، خاصة وأن المنتخبات المصنفة ضمن خانة الكبار هي من استفادت من هذه التقنية على حساب المنتخبات الصغيرة ، في حين أن FIFA من خلال المؤتمر الصحفي الذي نظمته لجنة التحكيم التابعة له لتقييم أداء الحكام الذين قادوا مباريات الدور الأول من نهائيات كأس العالم روسيا 2018 أكدت على أن استعمال تقنية حكم الفيديو المساعد حققت النتائج المرجوة منها ، وأن نسبة نجاح القرارات التي اتخذت عبر هذه التقنية بلغ 99.3 بالمائة ، كما ، كما أكد الحكم السابق الإيطالي كولينا رئيس اللجنة التحكيمية التابعة للفيفا بأن الاحتجاجات على هذه التقنية هي قليلة جدا وأن أغلب اللاعبين يرضخون لها ، وأنها تجربة أولية يمكن تطويرها مستقبلا .
وأمام هذا الجدل التقني بين مختلف الفاعلين الرياضيين ، ارتأيت كباحث أكاديمي أن أسلط الضوء على هذا الموضوع في شقه القانوني ، وذلك من خلال البحث عن المرجعية القانونية التي تعتمد عليها FIFA لاستعمال هذه التقنية كمحور أول ، ثم شرح وتفصيل مسطرة تحليل الصورة أو الفيديو من طرف الحكام الرئيسيين أو حكام الفيديو VAR كمحور ثاني .
المحور الأول : المرجعية القانونية لاعتماد تقنية حكم الفيديو المساعد VAR
يجب في البداية التذكير بأن المؤسسة التي تتولى وضع قوانين لعبة كرة القدم في العالم هي مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم International football Association Board”” والمعروف اختصارا ب: ” IFAB ” الذي تأسس سنة 1886 ، وليس الاتحاد الدولي لكرة القدم”Fédération Internationale de Football Association”والمعروف اختصارا ب:FIFA””المؤسس بتاريخ 1904 ، بحيث أن هذا الأخير يعتبر عضوا ضمن أعضاءIFABالى جانب الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم ، و الاتحاد الاسكتلندي ، والاتحاد الايرلندي ، ثم اتحاد الويلزي لكرة القدم ، وبالتالي ينبغي التوضيح بأن الاتحاد الدولي FIFA ليس هو الجهة المختصة بالتشريع في مجال لعبة كرة القدم بل هو ملتزم طبقا لأحكام المادة 7 من نظامه الأساسي باعتماد قوانين اللعبة الصادرة عن IFAB وكذا التعديلات التي تطرأ عليها لا غير ، كما أنه ألزم الاتحادات المنضوية تحت لوائه باعتمادها والخضوع لأحكامها .
وتأسيسا على ما تم توضيحه أعلاه وجب الإحاطة علما بأن IFAB اتخذ بتاريخ 5 مارس 2016 من خلال جمعيته العمومية السنوية رقم 130 المنعقدة ب مدينة كارديفالويلزية قرارا بالشروع في تجريب تقنية حكم الفيديو المساعد لمدة سنتين في أفق اعتمادها إن هي أعطت النتائج المرجوة منها بعد تعديل قوانين اللعبة ، وذلك عبر تطبيق العديد من البروتوكولات المرتبطة باستعمال هذه التقنية وتحديد شروط وكيفية استخدامها ، وقد اعتمد IFAB في ذلك على مساعدة FIFA بالنظر للإمكانيات المادية والبشرية والتقنية المتطورة التي تتوفر عليها ، إذ شرع الاتحاد الدولي لكرة القدمFIFA في تجريب هذه التقنية من خلال مجموعة من المسابقات الرسمية التي ينظمها منذ سنة 2016 وأخص بالذكر هنا استعمالها أول مرة في كأس العالم للأندية باليابان 2016، ثم كأس العالم لأقل من 20 سنة المنظم بكوريا الشمالية سنة 2017 ، ثم كأس القارات 2017 بروسيا ، إضافة إلى تجريب هذه التقنية عبر مجموعة من المسابقات المنظمة من طرف الاتحادات الوطنية أو القارية تحت إشراف ومساعدة تقنيي FIFA .
وبعد سلسلة من التجارب الميدانية والدراسات التقنية لاستخدام هذه التقنية لمدة قاربتسنتين ، قرر IFABمن خلال جمعيته العمومية السنوية 131 المنعقدة بتاريخ 5 مارس بلندن اقتراح إدخال مجموعة من التعديلات على قوانين لعبة كرة القدم من أجل تطويرها عبر استخدام التكنولوجيا الحديثة ، وكذا تجاوز بعد الاختلالات التي أصبحت تعرفها ممارسة هذه الرياضة الأكثر شعبية في العالم .
وقد كان من أبرز هذه التعديلاتالتي طالت قانون لعبة كرة القدم 2018-2019 إضافة نصوص جديدة على القانون رقم 05 المتعلق بالحكام والتي تتعلق بإدخال تقنية حكم الفيديو المساعد VAR على منظومة كرة القدم ليصبح استعمالها مشروعا ومؤطر بنص قانوني خاص ومعتمد ، اضافة الى إرفاق هذا القانون ببروتوكول خاص يشرح وينظم كيفية استعمال هذه التقنية .