بقلم: يونس خراشي
تعود آخر تدوينة لكارلوس كورديرو، رئيس الاتحاد الأميركي لكرة القدم، إلى الجمعة الأخير. وفيها رسالة إلى العالم بشأن الملف المشترك لتنظيم كأس العالم 2026. أما آخر تدوينة لمولاي حفيظ العلمي، عن الملف المغربي، فتعود إلى 22 نيسان/أبريل الماضي، وهي عبارة عن فيديو لـ"التصريح الصحفي" الشهير، في فندق في الدار البيضاء.
يبين ما سبق أن هناك فجوة رقمية بين قائدي الملفين المرشحين لاحتضان كأس العالم 2026، فالأول يؤمن بضرورة الحضور الإعلامي المكثف. وهو على كل حال جزء من ثقافته. فهو يتواصل لأنه في مجتمع يفرض عليه التواصل. والثاني قلما يفكر في التواصل، ما يعني أنه لا يؤمن بذلك. ولولا أن البعض أقنعه بضرورة "التصريح"، "وخا غير مرة مرة"، لما كان فعل ذلك. ألم يقل في أول لقاء له مع الإعلام:"سنغيب عنكم لفترة".
لقد أصبح العالم عبارة عن "مجرة تواصل". فالهواء صار مكونا من الأوكسجين وثاني أوكسيد الكربون، ومواقع التواصل الاجتماعي. ومن يظن بأن الصمت أفضل طريقة للهروب من شغب الأسئلة، والتأويل، فهو مخطئ. ذلك أن الصمت، في زمن "السوشل ميديا"، صار يعني شيئا واحدا لا غير، أنك لا تملك شيئا جديدا تقوله للناس. وبالتالي فالآخر يتقدم عليك في العالم الافتراضي، ثم الواقعي.
لم يبق على الحسم في الملفين المترشحين لاحتضان كأس العالم 2026 سوى القليل. وجرت العادة في الحملات التنافسية للاختيار بين مرشحين أن "الصمت الانتخابي" يحدث في اللحظة الأخيرة. يسبقه هرج كبير. وحضور قوي في الإعلام. وتوفير سخي للمعلومات. وحركية كبيرة في الكواليس. ومحاولات حثيثة للإقناع.
في الملف المغربي حدث ما لم يكن في الحسبان. بدأنا بـ"الصمت الانتخابي". ثم تحركت العجلة بدوران ثقيل جدا، وفي بعض الأحيان بارتجالية، خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي. ثم سمعنا مولاي حفيظ العلمي، وهو يظهر أخيرا، يقول :"سنغيب عنكم لفترة". ثم بدأ التحرك يأخذ مداه، مما أعطى نتائج مهمة، ومشرفة. حتى إن "فيفا" نفسها اضطرت إلى الرد أكثر من مرة. وسمعنا من يقول، في العالم، إن الملف المغربي قوي. ثم عدنا، فجأة إلى "الصمت"، وكأن كل شيء قد انتهى.
حين كان مولاي حفيظ العلمي ينتهي من "تصريحه الشهير"، قال إنه سيظهر كلما احتاج الأمر إلى ذلك. ولكنه لم يظهر إلى اليوم. مع أن هناك حديثا عن زيارات أكثر. واتصال أكبر مع "فيفا". ما يفترض معه التواصل مع الإعلام، ومن خلاله مع الرأي العام. حتى يفهم الناس ما يقع، وإلى أين تتجه الأمور. وحتى تعرف حقيقة أشياء كثيرة، من قبيل "تراجع جنوب إفريقيا". مثلا.
إلى اللقاء.