بقلم : الحسين بوهروال
نختم رباعيتنا الخاصة بالسيرة الذاتية الموجزة لأستاذنا عبد الله بوستة بمجال آخر من حياة فنان الرياضيين لا يقل أهمية عن الجوانب التي تطرقنا إليها في حلقات سابقة ، لكون الرياضة والثقافة والفن وجوه مشرقة لعملة واحدة ، ويتعلق الأمر بالجانب الفني الموسيقي . تعلم عبد الله بوستة العزف على العود دون ولوج معهد موسيقي أو تلقي حصص في الصولفيج . اغتنم فرصة تواجد مجموعة من التلاميذ بمدرسة محمد الخامس الحرة رياض العروس التي عين بها بعد تخرجه من الدار البيضاء الذين كانوا يجتهدون لتنمية ملكاتهم الموسيقية بالوسائل المتوفرة قبل بزوغ نجوم ناس الغيوان وجيل جيلالة الشوامخ . أخذ عبد الله بوستة يشق طريقه الفني باستعمال ( طارو فليطكس وزميله الفكرون ) كآلة عود متاحة في تلك الفترة من زمان التواضع والجيب الفارغ مما ساهم في تفتق مواهب وملكات كثيرين فانخرط في المجموعة وأخذ يتمرن معها إلى ان اكتسب المهارات الضرورية وصاروا مجتمعين يشكلون جوقا (على قد الحال) يشفي غليلهم ويلبي حاجياتهم وطموحاتهم الفنية .
وعندما قرر الأستاذ عبد الهادي شينبو إقامة حفل زفافه وجه الدعوة إلى الأستاذ عبد الله بوستة وتلامذته لحضور العرس كباقي الأصدقاء والمدعوين . حظر الجميع وانتظروا وصول الجوق الرسمي الذي تعاقد معه العريس لتنشيط الحفل لكنه لم يحضر فما كان من جوق (الطارو والفكرون ) إلا أن ينقد ماء الوجه ويقوم بإشعال الحفل رقصا وغناء ومتعة و غرامة متدفقة من كل جانب حتى الصباح بقيادة المطرب والعازف الواعد عبد الله بوستة ليقتصد العريس أجرة الجوق ويخصصها لمآرب أخرى . أما الجوق فقد جمع بعض المال الذي مكنه من شراء الكتب والالبسة الرياضية التي يحتاجها شباب يوفق بنجاح بين الدراسة والرياضة والفن . اين نحن اليوم من هذا الشباب النمودجي ؟ هكذا أصبح عبد الله بوستة عازفا ماهرا مما دفع بالفنان الشعبي الكبير المرحوم حميد الزاهر تشجيعا للأستاذ بوستة إهداءه عوده الذي أطرب به الملايين من العشاق عبر العالم ، للإشارة فالمرحوم حميد الزاهر كان صديقا وفيا لعائلة بوستة . عندما تكون بارعا في العزف على العود فلا شك أنك من عشاق كبار المبدعين في مقدمتهم الموسيقار المرحوم محمد عبد الوهاب وام كلثوم ( وسير على طول) - كما يقول المصري - الى ان ثصل الرائعين المغاربة في طليعتهم المرحوم احمد البيضاوي وناس الغيوان وجيل جيلالة قبل الختم بالفنان الشعبي الكبير المرحوم حميد الزاهر .
كان لمدارس محمد الخامس للتعليم الحر دور كبير في إعداد أجيال كثيرة طردت المستعمر وهي تخوض اليوم الجهاد الاكبر لبناء الوطن الغالي .
تعاقب على إدارة ثانوية محمد الخامس رياض العروس مجموعة من المديرين المتميزين كالمرحومين العلام الدليمي وأستاذي في الأدب العربي بثانوية إبن عباد السيد الهاشمي الهواري والباحث الكبير في الثرات وفن الملحون على الخصوص الاستاذ المبدع عبد الرحمان الملحوني ، اسم على مسمى أطال الله عمره وحفظ الإبن البار أنس الملحوني باحث آخر من صلب الكبار أصالة وعلما وخلقا . حي رياض العروس كان ولا يزال من الأحياء الرائدة في فن الدقة المراكشية (الكور) . اما الحكم المقتدر المرحوم احمد بشرى الذي فاز فريق مؤسسته ثانوية محمد الخامس بالبطولة الوطنية المدرسية في كرة القدم فقد أهله فوزه لتمثيل المغرب في بطولة العالم التي احتضنتها إيطاليا ولذلك ترأس رحمه الله البعثة ورافقه الحكم الدولي يحيا حدقا المدير الحالي لمديرية التحكيم بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم . قاد الأستاذ حدقا كما هو معلوم المباراة النهائية لبطولة العالم المدرسية وهو شرف للرياضة المدرسية المغربية ولا شك .
ومن جهة أخرى عمل إلى جانب الاستاذ عبد الله بوستة بنفس الثانوية الأستاذ المرحوم عبد العزيز كزوم والسيدتان نعيمة عبد السميع وعائشة الجزولي دون أن ننسى العنصر النشيط بالمؤسسة مولاي الغالي( L'HOMME À TOUT FAIRE )المكلف في نفس الوقت بدق جرس الدخول والإستراحة والخروج ، عندما كان الجرس يدويا كالعديد من الأشياء عندنا في تلك الحقبة .