بقلم : المهدي الحداد
حلّ شهر مايو / أيار، وحل معه الفصل الأخير من الموسم الكروي المغربي، والمنعرج الحاسم قبل الوصول إلى خط النهاية، بعد سفر متعب ورحلة طويلة مليئة بالأحداث والمحطات والتقلبات. وهذه الأيام سيزداد الترقب وسيرتفع مؤشر الضغط ليلامس سقف التحديات الكبرى، والمتعلقة أساسًا بالبحث عن الكؤوس والتتويج بالبطولات، والصراع من أجل النجاة من مخالب الهبوط وأنين الانحدار والسقطات.
وفي المغرب، ستشتد الإثارة في القسمين الوطني الأول والثاني، حيث المنافسة الضارية في مقدمة وأسفل الترتيب، وصافرة انطلاق سباق السرعة النهائية أعطاها حكم شهر أيار، الذي سيشهد المعركة الختامية بين كل الفرق.
وبدأ الوداد البيضاوي "سْبرينْت" مبكرًا، وتحديدًا بعد الفوز بـ"الديربي" على الغريم، ويسير بثبات وبنظرات إلى الأمام فقط للدخول أولاُ في خط الوصول، دون الالتفات إلى الوراء، حيث يتربص به المطاردان الدفاع الحسني الجديدي والرجاء البيضاوي، وفي السفح، كما في القمة، ستتوقف العيون شاخصة لتتبع بطل السرعة النهائية، الناجي من إعصار الهبوط، والحديث عن سباق رباعي على الخصوص بين شباب الريف الحسيمي والكوكب المراكشي وشباب قصبة تادلة والنادي القنيطري.
والحال ذاته سيكون في القسم الثاني، مع عدد أكبر من العدائين، بحكم تنافس الأندية الثمانية الأولى على الصعود، والفرق الثمانية الثانية على تفادي الهبوط، مما يجعل من البطولتين الإحترافيتين الأولى والثانية هذا الموسم حلبة سباق مجنونة، على شاكلة حلبة ملوك 100 متر.
وخارجيًا، هناك سلسلة من السباقات النهائية ستشهدها البطولات الأوروبية العملاقة، حيث لا حركات ولا تكهنات ولا مراهنات في الأيام المقبلة، غير وضع الأيادي على القلوب والترقب والدعاء من قبل المتشددين والمتعصبين لحب محبوبٍ اختاروه طوعًا، بعدما هجروا الوصال المحلي قهرًا.
من منا يتوقع بطل الدوري الإسباني"الليغا"؟ من يكون حامل لقب الدوري الفرنسي "ليغ 1"؟ من يجلس على عرش الدوري الإنجليزي "البريمير ليغ"؟ من الأقوى في بلجيكا وهولندا والبرتغال؟ أسئلة دون جواب حاليًا، والحسم مؤجل حتى الأسبوع الثاني أو الثالث من شهر أيار.
فبإستثناء الدوري الإيطالي "الكالشيو"، الذي ابتسم بنسبة كبيرة جدا للسيدة العجوز (يوفنتوس)، التي لا يفوقها أحد جمالاً ونضجًا في إيطاليا، فالمسرح الإسباني لن يحسم في ملكه بين برشلونة وريال مدريد إلا في آخر مشهد من الفصل الختامي للعرض، والسينما الإنجليزية تتوقع نهاية هتشكوكية بين بطلي فيلم الدوري المشوق تشيلسي وتوتنهام، والسباق الفرنسي حامي الوطيس وثنائي في منعرجه الأخير، مع المتصدرين موناكو وباريس سان جيرمان، ذات السيناريوهات موجودة في قاعات العرض الهولندية والبلجيكية والبرتغالية والتركية.
ننتظر، كصحافة وجمهور، الفصل الأخير من الموسم بشغف وحماس، ونتفاءل بالاستمتاع بمسك الختام قبل الذهاب في عطلة طويلة لشهرين ونصف، وقبل ذلك أشهر الكل أسلحة الحذر وضغط على أزرار التوجس، وتجمد في مقعده والأعين على خط الوصول.
وفي النهاية سنحتفل بالمتوجين، وسنتأسف ونواسي الراسبين، وسنصفق للبطل، وسنحزن لقمرٍ أفل، لنطوي كتابًا عامر بالأحداث والفصول، دون ندم على المواكبة والحرص على المتابعة طيلة موسم كامل. هلُموا جميعا لمشاهدة "السّْبرينْت"، تعالوا لمعاينة الضربة القاضية، أقبِلوا على الاصطفاف في مدرجات الترقب والاستمتاع في قاعة التشويق، قبل حلول ساعة التتويج، فنحن في الأمتار الأخيرة حيث المتعة في أسمى درجاتها، وختام السباق مسك يفوح من مراكش إلى أمستردام.