بقلم : حسن البصري
مَن هو العبقري الذي جعل الدب رمزا للرومانسية، وحوله إلى عنصر أساسي في تشكيلة هدايا عيد الحب، بعد أن كان رمزا من رموز الشيوعية؟
مَن هو المبدع الذي جعل الحب تجارة، وأضافها إلى مصاريف المأكل والمشرب، وفرض على البسطاء تخصيص ميزانية للاحتفال بعيد الحب؟
مَن يكون هذا الرجل الذي يخطط نيابة عن المرأة فيخصص لها ثلاثة أيام في السنة، يوما للحب ويوما للمرأة ويوما للأم، ويحتفظ بباقي أيام السنة له؟ وحين يواجه باحتجاج نشطاء الفلانتان يدعو إلى دمج الأعياد الثلاثة مع عيد الشغل ليصبح عيد حب الأم والمرأة والعمال.
مَن هو المفتي الذي خلص الحائرين وأقنعهم بأن الاحتفال بعيد الحب حرام، وأن أحمر الشفاه وأحمر النبيذ رجسان من عمل الشيطان؟
يعشق جمهور الكرة فريقه ويحول مدرجات الملعب إلى محراب للتعبد، وعلى صفحته الفايسبوكية يضع شعار ناديه المحبوب، ومن أجله يحيا ويموت، وحين يحل عيد الحب لا يحمل وردة ولا يكتب تدوينة ولا يجدد البيعة السنوية، لعاشقة يكتب من أجلها عشرات الأشعار وينظم قوافي الشعر ويتحمل سياط لمخازنية كل نهاية أسبوع، في يوم العيد يدير العشاق ظهورهم لها وكأن حبيبة قلوبهم ليس لها أرض أو وطن أو عنوان.
في يوم عيد الحب ترقد لاعبات فريق رجاء بني ملال لكرة السلة في المستشفى الإقليمي في خنيفرة بعد تعرضهن لحادثة سير في طريقهن إلى صفرو، لم يطرق باب غرفتهن مسؤولو بني ملال ولم يحملوا إكليل ورد وفوضوا الأمر لزميلاتهن الخنيفريات.
في عيد الحب لم يزر أحد قبور شهيدات المنتخب اللواتي سكبن دماءهن من أجل الفريق الوطني، فداهمهن الموت على مشارف عين عتيق، واكتفت عشيرة الكرة بتأبين لا يتجاوز دقيقة صمت. لم يكن أحد يتوقع تلك النهاية المؤلمة لرحلة نظمتها لاعبات تنتميات إلى جمعية رياضية قادتهن إلى مدينة مراكش بغاية مساندة المنتخب المغربي في مباراته أمام الكوت ديفوار، انطلقت الفكرة من ملعب عين عتيق وانتهت في مقبرة عين عتيق.
انقطع حبل الود بين سعيد حسبان رئيس الرجاء البيضاوي ولاعبي الفريق، وحين أعلن نظار المملكة رؤية هلال الحب، دعاه حواريوه لاقتناء أكاليل من الزهور، وتقديمها للاعبين تبين أنهم افتقدوا حاسة الشم، رفض العميد "البوكي"، وطالب بمزهرية تزينها "الزرقالاف"، ومعها شيك بوعود ولدت ميتة، قال العميد للرئيس لا حب في الأزمة، وغنى مع كوكب "الشر" مقطعا من أغنيتها "حب إيه اللي انت جاي تقول لي عليه".
في القنيطرة لا حب بين الرئيس وأنصار النادي، وحين يدخل المنتدب القضائي من الباب يقفز الحب من النافذة هربا من الضغينة، ولأن رئيس الفريق يحترف مهنة بيع وشراء وكراء اللاعبين، فإن عشقه للصفقات يغني عن تقاليد عيد مستورد يحاول الناس عبثا توطينه في أرض بورية تزورها زخات المطر كل سنة مرة.
سقط كثير من المدربين الأجانب، الذين حلوا في المغرب ابتغاء تدريب فريق كرة، في حب المغربيات، وعادوا إلى بلدانهم غانمين، وعلى "سيرتهم الذاتية" إنجاز آخر تحقق لنظرة وابتسامة وموعد فلقاء، ارتبط مدرب المغرب التطواني الإسباني سيرخيو لوبيرا بهدى لاعبة كرة السلة، بعد أن سجلت في قلبه نقطا من بعيد، وقبله عاش ألان غيغر السويسري قصة حب مع نعيمة في فم اللفعة بآسفي، وعاد إلى جنيف وهو يضبط عقارب ساعته على عيطة عبدية، وعلى نفس الموال عزف المدرب لوران كوجير حين حط الرحال بآسفي، وصعد إلى العمارية رفقة مريم قبل أن يصعد بالفريق إلى أعلى المراتب، وقس على ذلك من قصص العشق المنفوخ بالهواء كالكرة.
أعلنت عشيرة الرياضيين براءتها من الفالنتان، لأنها تفضل حبا "وي كلو".