بقلم: يونس الخراشي
يستحق الزميل والصديق عبد العزيز بلبودالي، من يومية الاتحاد الاشتراكي، العزيزة، ألف تحية وتحية على نضاله الكبير في مجال التأليف الرياضي. فهو فوق أنه مشغول باليومي، إلا أنه لا يكف عن مفاجأتنا، في كل مرة، بالجديد في عالم الكتاب.
المسألة ليست بسيطة، مثلما يظن البعض. "واللي قال العصيبة باردة، يدير يديه فيها". ذلك أن التأليف في المجال الرياضي شاق للغاية، بحكم غياب التوثيق، وتلاشي الذاكرات، وتناقض المعطيات، وتضاربها حتى لدى مصدر واحد في بعض الأحيان.
وفوق هذا وذلك، فحين يتجشم الصحافي، المهووس بالكتابة، عناء التأليف، وينتهي منه، فإنه يجد نفسه إزاء رحلة طويلة وشاقة للغاية كي يطبع مؤلفه، ويتيحه للعموم؛ وأي عموم، يا حسرتاه، فالكتاب لا يقرأ، والإحصائيات تشهد على ذلك، وبعدد الدقائق التي يخصصها المغربي للقراءة، وهي أقل من أصابع اليد.
كل هذا، وغيره كثير، لم يثن الزميل والصديق بلبودالي عن طموحه الكبير في إغناء الخزانة الرياضية بمؤلفات تمكن من يعشقون القراءة، ويحبون الرياضة، من التعرف على ماض ظل لسنوات طويلة جدا ضبابيا، ويحتاج إلى من يرفع عنه الأختام، ويوضحه للناس، سواء من جيلنا الحاضر أو ممن سيأتون بعدنا.
الكتاب الأصل، أو الأول، كان عن عميد الكرة المغربية، أحمد فرس، وخص سيرته الذاتية، بحيث سافر معه القارئ سفرة مطولة، قربته من الجانب الشخصي لرجل ظل الجميع يراه فقط من بعيد، وهو يراوغ، أو يسدد، أو يرتقي ليسجل بالرأسيات، أو وهو يبتسم في تلك الصور الجامدة لبعض الجرائد أو المجلات، على تنوعها.
أما التجربة الثانية، والتي تهم الرياضة، فقد وثقت لمجموعة من اللقاءات كان أجراها الزميل العزيز مع ثلة من الرياضيية الأكفاء والمرموقين، تجمعهم ميزة اللقاء بالملك، بحيث حكوا له عن تفاصيل دقيقة من تلك اللقاءات الخاصة، والتي تبقى مترسخة في الذاكرة، ويشتهي كل قارئ أن يعرف عنها كل صغيرة وكبيرة، مارا وتكرارا.
في تجربته الجديدة، والتي عاد فيها للتأريخ، يدون عبد العزيز بلبودالي، في 132 صفحة من القطع المتوسط، والصادر عن منشورات جمعية رباط الفتح للتنمية المستديمة، قصة واحد من الفرق المغربية المعروفة، وهو فريق المغرب الرباطي، "وذلك انطلاقا من حوار مطول كان المؤلف أجراه قبل مع الراحل محمد الأمين بلكناوي، المؤسس التاريخي للنادي، نشر على حلقات بجريدة الاتحاد الاشتراكي، ثم لقائه بشقيقه عبد الله ورفيقه في محطات التأسيس وشريكه في رحلة البناء الرياضي ثم بالرئيس الحالي للنادي عبد الحكيم بن عمر" (منقول).
ولا يقف بلبودالي عند هذا الحد، بل يعد بأنه سيكتب ما أمكنه ذلك. بل إنه يحثنا نحن جميعا، أهل الصحافة، كي نتخذ طريقته نموذجا، فنشمر عن ساعد الجد، ونكتب، عسانا نسهم، كل منا من طريق، في إثراء الخزانة الرياضية، التي ظلت لسنوات طويلة تعوي فيها ذئاب الخواء، فلا كتب، ولا مؤلفات، ولا هم يحزنون.
ومن عايشوا الأستاذ والأخ منصف اليازغي وهو يشتغل على رسالة الدكتوراه، المعنونة بـ"مخزنة الرياضة في المغرب"، يعرف جيدا حجم معاناة من يكتبون في الشأن الرياضي، حيث لا وثائق ولا مذكرات، ولا تاريخ، وبالتالي لا مستقبل، إلا إن كتبنا جميعا.
فشكرا أيها العزيز.