فتح مركب الوازيس كعادته أبوابه صباح اليوم للموظفين والعاملين داخل أسواره، ليبدأ يومًا روتينيًا كغيره من أيام العمل التي سبقته.
فتحت أبواب المكاتب وشُغلت بأصحابها، وازدانت كل أركان الإدارة بالموظفين كل وركنه وكل وتخصصه، فبدأ يوم عمل جديد كغيره من الأيام.
لكن بقي باب مكتب الرئيس موصدًا مُحكم الإغلاق تعلوه سمات الهجر..
بينما الموظفون منهمكون في عملهم الإداري هناك حركة غريبة ما وراء الأبواب الموصدة لمكتب الرئيس.
ماذا هناك ياترى؟؟
إنه الكرسي يخاطب زملائه في المكتب، إذ قال بنبرة حزن:
اشتقت أن أحمل على كتفي رئيسًا مهاب الجانب يهابه الجميع ويزيد من هيبتي ككرسي.
اشتقت إلى رئيس يقضي اطول ساعات عمله برفقتي ولا يفارقنا سوى سواد الليل.
اشتقت إلى رئيس حتى وإن غالبه الكسل فذاك أهون عندي من هكذا هجر.
فقاطعه المكتب وقال :
ما بك يا كرسي تقلب علينا المواجع، فوالله اشتقت أنا أيضًا أن توضع على ظهري الملفات وأن توقع من رئيس لا يكل ولا يمل من عقد الصفقات.
اشتقت أن تعقد حولي أغلى التعاقدات، وأنتشي بسماعي "مبروك لقد أتممنا كل الإجراءات"
يشدني الحنين إلى تلك اللحظة التي يدخل فيها أحدهم يلتمس توقيع الرئيس فيطلب منه أن
يضع ما بيده فوقي حتى يطلع عليه فيكون لي شرف الإطلاع قبل الرئيس
اشتقت ثم اشتقت فاشتقت للكثير فلا تزيد من كربي يا كرسي ....
قفز الختم من درجه وقال :
ترانا أجمعين قد تجرعنا من كأس الشوق ما يكفي، ونلنا من الهجر ما يكفي
فمدادي جف ولم أسعد بالكثير من الختم، فلو كنت بشرا لإزددت وزنا من كثرة النوم.
فأنا من ينال شرف كل شيء هنا، فبلا ختمي لا تتم الأمور .. وبلا مدادي لا توثق العقود
لدى يحق القول أني نلت الحظ الأكبر من الهجر ..
ضحك القلم وهو واقف متكئ على حائط البطالة فقال : أنا وأنت يا ختم بني عمومة وإن لم تكن جرتي على الورق فداك محال أن تتم الأمور.. لكن بعدما كنت أوقع العقود والوثائق ها أنا ذا على جدار البطالة متكئ، ولا أدري بمذا وقع الرئيس صك الهجر؟؟
دخلت عاملة النظافة لتنظيف المكتب من غباره، فعاد الكل ليغرق في صمته وجموده