التعليق العربي بين الأمانة والمغالاة

التعليق العربي: بين الأمانة والمغالاة

المغرب الرياضي  -

التعليق العربي بين الأمانة والمغالاة

بقلم - سعيد بلفقير

تسعون دقيقة من الرجاء والوداد، تسعون دقيقة من الأهلي والزمالك، تسعون دقيقة من ريال مدريد وبرشلونة، تسعون دقيقة من عرض محتمل قد تصل المتعة خلاله حد الثمالة، وقد يسوء الوضع فتكره الكرة ومن اخترعها أصلا، والسبب قد يكون ذلك الشخص الجالس في غرفة صغيرة أمام شاشة صغيرة في برج يطل على الملعب من عل.

المعلق أو الواصف أو الشخص المكلف بمرافقتنا خلال التسعين دقيقة، يشرح ما كان غامضا ويرينا ما خفي عن أنظارنا ويقاسمنا احساس اللحظة، هكذا أردناه منذ بداية الكرة لكنه مع مرور الزمن تغير حسب ظروف اللعبة وتاريخها وجغرافيتها أيضا.

في عالمنا العربي أصبح معيار النجاح في مجال التعليق الرياضي هو فتح الأفواه وشد الحبال الصوتية لتسعين دقيقة وأكثر بلا توقف، إنه استرسال في الحديث عن كل شيء وعن أي شيء، إنه إسهال حاد في المعلومة والكلمة  واعتقال للخيال.

في التسعين دقيقة تريد أن تسمع أحيانا صوت الكرة وهي تركل، صوت الجماهير وهي تصرخ وتغني وتحتفل، صوت الصمت الذي يسبق الهدف.

أحيانا تريد أن تتوهم أنك تسمع صوت قطرةالعرق وهي تنزل من على جبين اللاعب تعانق العشب، لكن معلقا مفوها كثير الصراخ والعويل يغسد عليك توهمك الجميل، ويشعرك بالحنق والضيق.

للأسف معلقونا العرب من هذه الطينة التي تقسم بأغلض أيمانها أن تضيِّق عليك فسحة المشهد، إلا من رحم ربنا.

هي نوعية من المعلقين ولا يمكن الحديث هنا عن مدرسة، لأن أسس الممارسة غائبة، والغريب أنهم صاروا يشبهون بعضهم بعضا ويجرون خلفهم جيلا يستنسخ الكلمة واللكنة والهمسة والبحة والمغالاة.

قد نفهم ذلك إذا تعلق الأمر بالمجتمعات اللاتينية الصاخبة حيث التعليق الرياضي يعكس ثقافة الشعوب في تلك البلدان.

لكن أن تنسخ التجربة اللاتينية بالحرف العربي وتلصقها بواقع عربي ممزق بين أكثر من هوية فتلك وصفة مزجت بين كل التناقضات لتنتج ضجيجا تزينه الصور عالية الدقة.

تسعون دقيقة من الهدر والتطبيل والصراخ وبضعة أرقام متاحة في محرك البحث غوغل، لا تترك للمشاهد مجالا للاستمتاع، وبفعل التكرار والاجترار يصير الوضع معتادا ويصبح معيارا للكفاءة والاحتراف والتميز.

معلقونا قالوا في ميسي ورونالدو ما لم يقله قيس في حب ليلاه ولا عنترة في عشق عبلته، أما الكرة وعلمها وفنونها فعلينا اللجوء إلى خبرائها في القارة العجوز لنفقه أسرارها بعدما هدنا الصخب وملأ من وعينا كل حيز.

قد لا يعجب هذا الكلام بعض المفتونين بأسماء عربية تحترف التعليق ولا أحد يجبرهم على ذلك كما لا يجبرني أحد هلى تعذيب نفسي بينما الحل متاح بلمسة زر تجعلك تستمتع بالكرة حقا وباللغتين تضمنان لك جمال المرافقة وحلاوة الاستفادة، أما إذا كان التعليق حصريا للطينة التي تحدثت عنها فلمسة زر أيضا كفيلة بإخراس المعلق، فمباراة صامتة أنفع من تلوث سمعي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التعليق العربي بين الأمانة والمغالاة التعليق العربي بين الأمانة والمغالاة



GMT 16:25 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

"كاف إقامة أمم أفريقيا 2023 في الصيف

GMT 14:14 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نهاية شهر العسل

GMT 11:30 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

البطولة المنسية

GMT 07:43 2017 السبت ,04 آذار/ مارس

رئيس الزمالك يهاجم جريشة ويرفض رحيل حلمي

GMT 00:17 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

مدرب تونس يجتمع بالإعلاميين قبل مواجهة مالي

GMT 02:59 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحضري سعيد بوقوع مصر والسعودية في نفس المجموعة

GMT 07:46 2021 الإثنين ,17 أيار / مايو

زيدان مستنكرا كيف أفعل هذا الآن
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib