بقلم - محمد زايد
قد يتساءل البعض عن سبب تمني فئة من المغاربة عدم نيل ملف بلدهم شرف تنظيم نهائيات كأس العالم 2026، والذي سيُعلن عن هوية منظمه بعد أيام من الآن في موسكو عاصمة روسيا.
هؤلاء لا يشكلون الاستثاء بالتأكيد، فعبر كل دورات كأس العالم السابقة كان هناك بعض مواطني البلد المنظم وهيئات مدنية وحقوقية ومؤسسات اجتماعية وغيرها تعارض فكرة إقامة "المونديال" على أراضيها، وذلك راجع لعدة أسباب، أبرزها اقتصادي، أو لنقل، مادي بما أنه مرتبط بالميزانية التي سيصرفها البلد المنظم من أجل تأمين هذا التنظيم.
في الولايات المتحدة أيضا تعارض فئة من الشعب الأمريكي فكرة تنظيم مونديال كُروي جديد ببلاد العام "سام"، بعد الأول سنة 1994، ولو أنه هذه المرة الملف جاء مشتركا مع المكسيك وكندا.
فبحديثنا الدائم عن معارضة التنظيم وارتباطه بالميزانية، لا بد أن نشير إلى أمر هام، وهو أن الميزانية التي خصصها المغرب لهذا التنظيم، تقدر ب15،8 مليار دولار، منها 3,2 مليار دولار استثمارات ستوجه للقطاع الخاص، فيما سيتم تخصيص مليار و200 مليون دولار لتشييد ستة ملاعب جديدة، و 9,6 مليار دولار للاستثمار في البنى التحتية المرتبطة بالمواصلات والمستشفيات والمراكز الصحية حتى تستجيب للمواصفات الدولية.
لذلك نلاحظ أن المغرب قد يستفيد من هذا التنظيم، خاصة على مستوى الإعمار، والبنى التحتية التي سيتم تمويلها بأكثر من نصف الميزانية المرصودة لهذا "الهدف الحلم"، ليبقى السؤال المطروح وبقوة، هل كان القائمون على هذا الملف، على وعي بحجم المسؤولية التي تقلدوها؟ هل فعلا ملفنا يستوفي الشروط "الأبجدية" من أجل التنظيم، وهل أقنعنا اتحادات الدول الأعضاء بالملف المغربي فعلا، أم "حيّدنا التقليد" لا غير؟
بخصوص الملف المغربي يظهر أنه على الأقل قد مر لمرحلة ما قبل التصويت، ولو أنه مرّ بتنقيط "الحد فالقد" وهو أمر متوقع، إلا أنه استطاع الوصول لمرحلة الحسم، والتي تعتمد على الحنكة والحكمة والديبلوماسية أكثر من شيء آخر، بحكم أن مرحة العاشر من يونيو تبقى شبه شكلية لا غير، والتي ستعرف المصادقة على الملفات المترشحة، لتمر لمرحلة التصويت يوم 13 يونيو.
لن نخوض في تفاصيل تهم الطريقة التي تمت بها الدعاية لهذا الملف، والتي انطلقت من بعض السفراء "المُختفين" و مرت بدعايات بعضها "أكل الدهر عليه وشرب"، و التي اختتمت بتعمد تبيان مواقف بعض الدول التي أعلنت عن دعم الملف المغربي، أو حتى ألمحت لتعاطفها مع هذا الملف، قبل أن نكتشف على بعد أيام من مرحلة التصويت، "تهرب" العديد منهم عن فكرة التصويت لصالح المغرب، إما لتضارب ذلك مع مصالح علاقاتها مع الولايات المتحدة، خاصة بعد خرجات ترامب المتكررة، أو لسوء تقديرنا وتعاملنا مع هذه الاتحادات إبان مرحلة الإقناع.
نتمنى ألا تكون بعض العناوين التي تلوناها مؤخرا تمهيدا لمرحلة ما بعد خسارة شرف هذا التنظيم، وذلك بناء على مواقف عدد من الاتحادات الكروية، والتي تتضمن أجهزة زرناها وأقنعناها بل والتقطنا صوراً مع مسؤوليها لنؤكد كل ما سبق، أو هكذا بدا لنا لا غير.
إن كنا سنتكبد خسائر مادية في السفريات هنا وهنالك، و ما يتخلل ذلك من مصاريف الجيب وتكلفة الأعضاء المرافقين، ثم ما يستفيد منه سفراء هذا الملف من جهة ثانية، ناهيك عن الدعايات وما إلى ذلك، فإن كنا سنتكبد كما قلنا خسائر مادية عن كل هذا ثم نخرج خاويي الوفاض ككل مرة، فلنستثمر هذه المصاريف في البنى التحتية و المستشفيات والطرقات أو جزء منها على الأقل، إن كنا نهدف إلى ذلك فعلا، غير هذا، فلننتظر ما سيجود به الثالث عشر من يونيو، قد نستفيق على حلمٍ راودنا منذ أكثر من ربع قرن، أو قد نُصفع بواقعٍ يؤكد أننا زبناء أوفياء للأوهام، وبين هذا وذاك، سننتظر مع المنتظرين "لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا".